البروفسور مراد كواشي لـ "الشعب":

دور الجزائر مؤثر وهام وحاسم في سوق الطاقة

فضيلة بودريش

خطة استراتجية للمزج بين الطاقات التقيليدية والمتجددة

يتوقع البروفسور مراد كواشي أن تحقق الجزائر وثبة عالمية غير مسبوقة في مجال توريد وتدفق الغاز نحو الأسواق الخارجية، مثمنا التوجه الذي رسخه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، القاضي بإطلاق برامج ضخمة وواعدة لإنتاج الطاقة التقليدية والبديلة على حد سواء. وبفضل ذلك، تم تبني رؤية ترجمت في السير نحو تعزيز الاحتياطي بشكل سيجعل الجزائر بلدا ممونا مؤثرا في الخارطة الطاقوية العالمية. وقال، إن قمة الغاز المقبلة، ستحاول تأسيس منظمة عالمية، على غرار منظمة أوبك، تسند لها مهمة التكفل بتسيير ملفات الغاز على المستوى العالمي، بقصد وضع استراتجيات دقيقة لإنتاج وتسيير وتصدير الغاز. وقدم كواشي تصورا حول معالم سوق الطاقة المتغيرة والدور الذي يمكن للجزائر أن تقوم به.

قدم الخبير الاقتصادي مراد كواشي صورة واضحة عن مكانة الجزائر في صناعة وإمداد سلاسل الطاقة الإقليمية والعالمية بالطاقة، مركزا على دورها وقدراتها الطاقوية الكامنة. وقال، إن الجزائر دولة غازية كبيرة، وتحتل المرتبة السادسة عالميا في احتياطي الغاز الطبيعي، مقدرا أن احتياطي الغاز بالجزائر، قد بلغ نحو 4500 مليار متر مكعب، ومرشح لأن يرتفع أكثر بفضل مشاريع الاستكشاف الجارية. أما فيما يتعلق بالإنتاج، فإن إنتاج الجزائر من الغاز الطبيعي، وصل متوسطه في الوقت الحالي إلى 130 مليار متر مكعب، غير أنه من المرتقب أن يرتفع في المدى القصير إلى حدود 150 مليار متر مكعب، وهذا في آفاق 2025، خاصة إذا تم الاستغلال الأمثل لجميع الحقول التي تم اكتشافها مؤخرا.

ريادة إقليمية في توريد الغاز
وبدا الخبير متفائلا بالمسار الصحيح والمنحنى التصاعدي لقطاع الطاقة بالجزائر، في ضوء مكاسب وإنجازات محققة تستدعي التثمين. وأكد أن الجزائر تعتبر - في الوقت الحالي - أكبر ممون بالغاز الطبيعي في منطقتي حوض البحر المتوسط وإفريقيا. وما يعزز هذا الرصيد، افتكاكها المرتبة الأولى إفريقيا في مجال تصدير الغاز المسال متفوقة على نيجيريا.دبالإضافة إلى ذلك، فقد تمكنت الجزائر من تحقيق زيادة في الإنتاج بأكثر من 4 ملايير متر مكعب خلال 2022، وتتطلع لتحقيق زيادة أخرى بنحو 10 ملايير متر مكعب، خلال الفترة الممتدة من 2024 إلى غاية 2028، وهذا بعد دخول الحقول الجديدة المكتشفة حديثا قيد الإنتاج.
ووقف الخبير على مدى قدرة الجزائر على الاعتماد على ثروة الغاز، بهدف تحقيق رهان الانتقال الطاقوي السلس، مؤكدا أن ذلك ممكن في ضوء مشاريع هامة لشركة سونطراك الرائدة، كونها تحتل المرتبة الأولى إفريقيا و12 عالميا. علما أنها سطرت برنامجا طموحا ورصدت ميزانية ضخمة تناهز 50 مليار دولار في مجال الإنتاج والاستكشاف وإنتاج الطاقات الأحفورية، سواء الغاز أو النفط وكذا الطاقات المتجددة.
في المقام، يرى الخبير أن الجزائر ملزمة في الوقت الراهن، بالاستمرار في نهج الاستثمار في مجال الطاقات الأحفورية من غاز وبترول، وهذا بهدف الوفاء بالتزاماتها نحو زبائنها خاصة الأوروبيين، إضافة إلى كونها تولي أهمية ومدركة جيدا لفعالية وأهمية الطاقات المتجددة والبديلة، كمفتاح أساسي لمستقبل الطاقة في العالم، وكل ذلك يصب في إطار السعي إلى تحقيق ما يراهن عليه مستقبلا والمتمثل في الانتقال الطاقوي السلس والصحيح.
وأشار الخبير كواشي إلى وجود خطة استراتيجية للمزج بين الطاقات التقيليدية الأحفورية والطاقات المتجددة، وتترجمها المشاريع سواء الكبرى والضخمة في الطاقات التقليدية، أو من خلال الاهتمام الكبير بالهدروجين الأخضر أو الطاقة الشمسية في الجزائر.

عائدات الغاز لإنجاز مشاريع الطاقة البديلة
وفي ظل وجود إمكانية الاستفادة من الغاز الطبيعي، بهدف تحقيق طموح ومشروع الانتقال الطاقوي السلس، تملك الجزائر العديد من الخيارات والطرق، من بينها الاستفادة من التجربة والتكنولوجيا التي تمتلكها الشركات الرائدة وشركاء مجمع سونطراك، خاصة الإيطاليين والأمريكيين والفرنسيين والألمان، علما أنهم شركاؤها في مجال الطاقات التقليدية الأحفورية كذلك، وفي الوقت نفسه، في الطاقات المتجددة. وتعد فرصة لهذه الشراكات، من أجل تطوير استغلال الطاقات المتجددة، إلى جانب إمكانية استغلال عوائد تصدير الغاز الطبيعي المرتفعة كثيرا في الفترة الأخيرة، خاصة بعد قيام الجزائر بمراجعة أسعار الغاز المصدر عبر الأنابيب مع زبائنها الأوروبيين، عبر استغلال الفائض المالي من أجل تمويل مشاريع متعلقة بالطاقات البديلة.
وبخصوص قدرات الجزائر المستقبلية في ضخ الغاز في ظل الاستثمارات الكبيرة المعلن عنها مؤخرا، بعد أن نجحت في زيادة إنتاج الغاز المسال، وأسفر ذلك عن الزيادة في حجم صادراتها نحو أوروبا خاصة إلى إيطاليا، لذا - يقول كواشي - باتت كل الظروف مواتية للجزائر لتتقدم بعد أن صارت مؤثرا في سوق الطاقة، وموردا موثوقا بعد الوفاء بجميع الالتزامات الطاقوية.

معالم سوق الطاقة تتغير بسرعة
من الطبيعي أن يكون مستقبل الطاقة والصناعة الغازية في الجزائر واعدا - يؤكد الخبير - لأنه يرتكز على أرضية صلبة وبنية تحتية متينة من المشاريع الضخمة المسطرة والمبرمجة ومع تخصيص ميزانية ضخمة للاستثمار والإنتاج والبحث والاستكشاف عن الطاقات الأحفورية، وكذا إرساء قاعدة كبيرة للطاقات المتجددة، بالإضافة إلى الاستكشافات المهمة المحققة مؤخرا.
وخلال تطرقه لأهم القرارات المرتقبة من قمة الجزائر لمنتدى الدول المصدرة للغاز، ذكر البروفسور كواشي، أن الدول المنتجة للغاز التي ستحضر قمة الجزائر السابعة، ستحاول تأسيس منظمة عالمية على غرار منظمة أوبك، وسيهدف من خلال إنشاء هذه المنظمة، التكفل بتسيير ملفات الغاز على المستوى العالمي، ووضع استراتجية دقيقة وواضحة، فيما يتعلق بإنتاج وتسيير وتصدير الغاز وهذا خاصة تفاديا للأزمات التي سبق وأن حدثت خلال الفترة الأخيرة على مستوى سوق الغاز في العالم.
وخلص الخبير إلى القول، إن معالم سوق الغاز تتغير كثيرا وبسرعة، ومع ذلك مكانة الجزائر صارت أكثر أهمية وتأثيرا في الخارطة العالمية للطاقة، خاصة بعد أن تحولت إلى أكبر مصدر قاري وإقليمي في البحر المتوسط وحجمها يتزايد يوما بعد يوم، وقد افتكت احترام كل الدول المنتجة والمستهلكة للغاز.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024