الخبير الإقتـصـادي هـواري تيغرسـي لــــ “الشعــب”:

اللّجنة العليا للطّعون المتعلّقة بالاستثمار..تجسيد إرادة التّغيير

فايـــزة بلعريبي

ثقة الشّريك الاقتصادي والعدالة التّنموية أهم مكاسب المنظومة الرّقمية

6103  مشروع اقتصـــادي بقيمة 25 مليـار دولار..حصيلــة تقطع الشّــك باليقـين

 تبعث المكاسب التنظيمية التي حرصت الدولة الجزائرية على تحقيقها، الطمأنينة والارتياح لدى المتعامل الاقتصادي، ولعل آخرها تنصيب رئيس الجمهورية قبل أيام اللجنة الوطنية العليا للطعون المتعلقة بالاستثمار، التي يرأسها مدير ديوان رئاسة الجمهورية بوعلام بوعلام.
أكّد رئيس الجمهورية بالمناسبة على “الأهمية الخاصة التي يوليها لهذا المجال الحيوي”، مثمّنا “المجهودات التي يبذلها مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري في دفع وتيرة الاستثمار لتنويع الاقتصاد الوطني وتقليص الاعتماد على المحروقات”.
تتوالى الإصلاحات الاقتصادية التي يقوم بها الرئيس تبون، وفاءً بالالتزامات التي تعهّد من خلالها رئيس الجمهورية بتطهير المناخ الاستثماري، من خلال آليات ومؤسسات اعتمدت المنصات الرقمية، بوصلة لمسار تعاملاتها الإجرائية تجاه المستثمر المحلي أو الأجنبي، العمومي أو الخاص ضمن معادلة اقتصادية تمنح الأولوية والأفضلية للجدية والجودة، واحترام الآجال وتلبية متطلبات السوق المحلية، وطرح فرص اقتحام الأسواق العالمية.
ويواصل المشهد الاقتصادي حصد المكاسب التنظيمية، التي كان آخرها الإعلان عن أول نتائج توفير الأوعية العقارية لفائدة المستثمرين على مستوى 28 ولاية، وتشكيل اللجنة العليا للطعون المتعلقة بالاستثمار، كإصرار صريح من طرف رئيس الجهورية عبد المجيد تبون على محاصرة الفساد والتقاعس واستعادة ثقة المتعاملين الاقتصاديين، من خلال تذليل العقبات والقضاء على الممارسات المسيئة للبناء الاقتصادي الذي باشرت به الجزائر بعد إعلانها القطيعة مع إستراتيجية الاتكالية الاقتصادية على عائدات المحروقات.

 اعتبر الخبير والمحلل الاقتصادي في اتصال مع “الشعب”، حول عالم الاستثمار والتحول الاقتصادي السريع الذي تعيشه الجزائر اليوم، أن تشكيل اللجنة العليا للطعون المتعلقة بالاستثمار، التي تم الإعلان عنها مؤخرا، يشكل آخر الروتوشات لاستكمال أركان قانون الاستثمار بغية تفعيل السيرورة الاقتصادية، وضمان الحماية القانونية للاستثمار من خلال تحصين المسار القانوني لهذه الأخيرة.
وتوقف عند التركيبة المتكاملة للجنة المكونة من 7 أعضاء برئاسة مدير ديوان رئاسة الجمهورية، بوعلام بوعلام، إضافة إلى قاضي يمثل المحكمة العليا وقاضي من مجلس الدولة، مقترحين من طرف المجلس الأعلى للقضاء، كما يعزّز تركيبة ذات اللجنة قاضي مقترح من طرف مجلس المحاسبة و3 خبراء ماليين واقتصاديين معينين من طرف رئيس الجمهورية، ممّا يجسّد مبدأ إشراك الخبراء والأخذ باستشاراتهم، يقول تيغرسي.
من جهة أخرى، يرى أنّ ترؤّس لجنة مثل هذه بكل ما تحمله من المسؤولية تجاه المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين من طرف مدير ديوان رئيس الجمهورية، رسالة طمأنة وتكريس لمسار جديد في معادلة الاقتصاد الوطني طرفاها الشفافية والثقة المتبادلة بين السلطة والشريك الاقتصادي.

استفــادة من العقــار بعـد التّقييم والتّمحيص

 نوّه الخبير الاقتصادي بتزايد تسجيل المشاريع الاستثمارية على مستوى الجماعات المحلية، انطلاقا من أصغر لبناتها من البلديات التي بات مسؤولوها، اليوم، مطالبون بالتأقلم مع الرؤية الاقتصادية الجديدة للبلاد ما يجعلهم أمام حتمية الانتقال من التفكير الإداري إلى التفكير الاستثماري فيما يتعلق بتسيير إقليمهم المحلي، وتحويله إلى مركز جذب واستقطاب للاستثمارات محلية كانت أو أجنبية، من خلال التعريف بخصوصياته ومقدراته الطبيعية ومورده البشري، خاصة ما تعلق بالعقار الاقتصادي فلاحي كان أوصناعي.
في السياق، أشاد تيغرسي بالخطوة العملية التي نجحت في تجسيدها الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، بعد إطلاق منصتها الرقمية للمستثمر في الثامن من فيفري الماضي، وبعد استيفاء الآجال القانونية لعرض الأوعية العقارية، لتتوّج مجهوداتها بالإعلان عن النتائج الأولية للمعالجة الآلية للطلبات التي تقدّم بها حاملو المشاريع عبر المنصة، حيث تمّت العملية خلال حفل توزيع قرارات الاستفادة المؤقتة من العقار الصناعي لفائدة المستثمرين، الذين حظيت طلباتهم بالموافقة، بعد حصولهم على أعلى رصيد، وفق شبكة التقييم التي نصت عليها أحكام القانون 23/17 المؤرخ في 15 نوفمبر 2023، المتعلقة بمنح العقار الصناعي حيث شملت العملية 28 ولاية ستستفيد أوعيتها العقارية من مشاريع استثمارية، في انتظار تعميم العملية على الولايات 30 المتبقية، مما يفتح آفاقا واعدة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية بهذه الولايات، خاصة وأن رئيس الجمهورية كان قد شدّد، خلال ترؤّسه لاجتماع مجلس الوزراء، على ضرورة تجسيد المشاريع التنموية خاصة على مستوى ولايات تندوف، خنشلة، الجلفة وتيسمسيلت، حيث استفادت هذه الأخيرة من رفع حصتها من السكنات الريفية من 3 آلاف وحدة سكنية إلى 15 ألف وحدة سكنية، ما اعتبره تيغرسي خطوات قوية جدا لتفعيل المسار التنموي، وتحقيق العدالة التنموية على المستوى الجهوي.

انتصـار على الفساد بمباركة الهيئـات الدّوليـة

 نظرا للارتباط الوثيق الذي يربط التنمية المحلية بمخطط الإنعاش الاقتصادي، ثمّن المتحدث قي هذا الصدد الانفتاح الذي يعرفه مناخ الاستثمار ببلادنا منذ أربع سنوات، معتبرا ذلك نجاحا معترفا به سواء على الصعيد الداخلي بمباركة الرأي العام المحلي والمجتمع المحلي، واعترافات المواطن الذي كان في صلب أولويات السياسات الحكومية لبلادنا، أو على الصعيد الخارجي بإجماع المجتمع الدولي الهيئات الدولية بخروج الجزائر الموفق من نفق الانسداد الاقتصادي نحو أفق التنمية، وتحليل ذلك حسب الخبير الاقتصادي يعود إلى سلسلة الإصلاحات التي باشر بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، فور استلامه قيادة البلاد، في فترة كان فيها الاقتصاد الوطني يلفظ أنفاسه، بعد الأزمات التي عصفت بجميع قطاعاته واستنزفت الخزينة العمومية، فحالة التعافي التي عرفتها جل القطاعات الحيوية المكونة للمنظومة الاقتصادية، تابع المتحدث، كان وراءها إرادة سياسية قوية هدفها الأول استعادة ثقة المواطن، وإشراكه في عملية البناء الاقتصادي، ببداية شفافة وصريحة ركيزتها تطهير منابع الثروة، بدءا بفوضى العقار المزمنة التي جعلت من الفساد مرادفا لها. ممارسات تمّ استئصالها اليوم من خلال تعميم الرقمنة فيما تعلق بالمعاملات التجارية والإدارية، واعتماد المنصات الرقمية لتسجيل العمليات الاستثمارية التي يعتبر العقار أهم روافدها.

تعزيـز الإيجابيـات وتـدارك السّلبيات

 بالتخلص من أشكال التسيير العشوائي للعقار من خلال المنصة الرقمية للمستثمر على مستوى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، التي تمكّنت من إعادة بعث عدد كبير من المشاريع المتعثرة بنسبة فاقت 120 %، حيث استند تيغرسي في طرحه إلى الإحصائيات المقدمة من طرف ذات الوكالة ما بين 16 نوفمبر 2022 إلى 29 فيفري 2024، فيما تعلق بإجمالي المشاريع الاستثمارية المسجلة على مستوى ذات الوكالة من خلال بوابتها الرقمية التي بلغ عددها 6103 مشروع اقتصادي و113 مشروع أجنبي، مقسم إلى 40 استثمارا أجنبيا مباشرا بقيمة مالية قدرت بـ 38 مليار دج، و73 مشروع شراكة جزائرية -أجنبية بقيمة مالية قدرت بـ 844 مليار دج، وبخصوص إجمالي المبلغ المصرّح به فقد بلغ 3086 مليار دج، أي ما يعادل 25 مليار دولار بالنسبة لإجمالي الاستثمارات المسجلة على مستوى لمنصة الرقمية للاستثمار، والتي ستعزز سوق الشغل المحلية بما لا يقل عن 146 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر.
بالمقابل، ركّز تيغرسي على التفاوت والتباين المتعلق بنوعية العقار المطروحة، والطلبات المؤكدة على مستوى الولايات المعنية باستيفاء الآجال القانونية لنشر الطلبات، حيث تم تسجيل 12 وعاءً عقاريا على مستوى ولاية البويرة مقابل 157 طلب، أما على مستوى ولاية بجاية فقد تم تسجيل 34 وعاءً مقابل 37 طلب، وبالنسبة لولاية سطيف 8 أوعية عقارية مقابل 122 طلب، وبولاية تلمسان تم تسجيل 20 وعاءً عقاريا مقابل 15 طلبا، أما بولاية تمنراست فقد تم تسجيل 13 وعاء عقاري مقابل 28 طلبا، تباين بين عرض الأوعية وطلبات الاستثمار بها، يتمنى تيغرسي تداركه في المراحل المقبلة، خاصة في ظل النتائج الإيجابية التي حققتها الدولة فيما يتعلق باسترجاع الأوعية العقارية غير المستغلة أو تلك التي تعرضت للنهب والاستغلال غير المشروع، حيث ذكر بعض الأمثلة عن حالات، أين تمّ تسجيل عقارين مستغلين فقط من مجموع 40 وعاءً عقاريا، وهو ما عبّر عنه المتحدث بالأمر المرفوض سواء من جانب التسيير أو من الجانب الأخلاقي تجاه الالتزام بأداء الواجب المهني من طرف المسيرين، ممّا يستدعي - حسب ذات المتحدث، تدخل السلطات العمومية من خلال آلياتها القانونية لحماية الأوعية العقارية، ومن خلالها المشاريع الاستثمارية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024