المديرة العامة للاستثمار والعقار الفلاحيين بوزارة الفلاحة سعاد عسعوس لـ “الشعب”:

مصنـع مسحـوق الحليـب.. تحـوّل كبـير للاقتصـاد الوطني

زهراء بن دحمان

 إنتاج  33 ألــف طن في المرحلــة الأولى وتصديـر الفائـض وارد

دعم الأسواق الوطنية بـ 84 ألف عجل سنويًا

استحداث  5 آلاف منصب شغل دائم..وطاقة إنتاج بـ 194 ألف طن سنويا

أبرزت المديرة العامة للاستثمار والعقار الفلاحيين بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية سعاد عسعوس، أهمية مصنع الحليب المجفف، الذي تنطلق أشغال إنجازه بولاية أدرار شهر أكتوبر القادم، بقيمة مالية تقدر بـ 3.5 مليار دولار. فإلى جانب أنه يستحدث 5 آلاف منصب شغل لفائدة القوى العاملة المحلية، سينقل الجزائر من بلد مستورد للمادة الأولية للحليب إلى بلد مكتفي ذاتيا ومصدرا، وستقدر طاقة إنتاجه 194 ألف طن سنويا تغطي 50 بالمائة من الاحتياجات الوطنية، بداية من السنة التاسعة لتنفيذ المشروع.

خاضت المديرة العامة للاستثمار والعقار الفلاحيين بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية سعاد عسعوس في حديث مع “الشعب”، بمكتبها بالعاصمة، في تفاصيل اتفاقية الإطار الموقعة بين الجزائر وقطر، لإنشاء مصنع الحليب المجفف بولاية أدرار، تنفيذا لبرنامج رئيس الجمهورية المتعلق بتعزيز الاستثمار في الزراعات الإستراتيجية بولايات الجنوب.
أكدت أن مشروع إنتاج الحليب المجفف، أو مسحوق الحليب هو مشروع متكامل يندرج في إطار شراكة بين دولتين شقيقتين هي الجزائر وقطر، كرسّها توقيع اتفاقية إطار بين وزارة الفلاحة والتنمية والريفية وشركة “بلدنا” للاستثمار يوم 24 أفريل 2024 من أجل إقامة هذا المشروع، تماشيا مع إستراتيجية الدولة الخاصة بتعزيز الاستثمار في المواد الإستراتيجية واسعة الاستهلاك بولايات الجنوب.
وأشارت إلى أن أهمية المشروع تمكن في تحقيق الأمن الغذائي من حيث مادة الحليب المجفف والاكتفاء الذاتي من حيث الحليب، حيث حدد هدفه الأساسي إنتاج 194 ألف طن من الحليب المجفف سنويا، ونصل إلى هذا الهدف بعد 9 سنوات من بداية المشروع، وهو ما يعادل 50 بالمائة من الاحتياجات الوطنية من هذه المادة.
ومن أهداف المشروع كذلك إنتاج الأعلاف والحبوب، واللحوم الحمراء، وهو بذلك يهدف إلى تعزيز ميزان المدفوعات وتقليص فاتورة استيراد المواد الأكثر استهلاكا، وتعزيز الإنفاق المحلي والحصول على مواد وخدمات من شركات جزائرية محلية ذات كفاءات ضرورية، فالمشروع كما قالت “يركز على نقل المعرفة إلى القوى العاملة المحلية”.
وكان وزير الفلاحة قد كشف عن استحداث هذا المشروع لـ 5 آلاف منصب شغل دائم، وهذا دليل على إشراك الشباب بولاية أدرار، كما أنه يمكن أن يمس ولايات أخرى بالجنوب، حيث سيجسد المشروع في الميدان عن طريق خلق أقطاب متخصصة أو عبر مجموعات تتكون كل مجموعة من مزرعة لزراعة الأعلاف، مزرعة لتربية الأبقار، ومصنع لتحويل مادة الحليب إلى مسحوق.
لماذا أدرار؟
لنجاح أي مشروع، يستوجب توفر عدة عوامل ومقومات، تجتهد مكاتب الدراسات في حصرها والتأكد من توفرها بمنطقة النشاط المختارة، وهوما حدث مع مشروع مصنع مسحوق الحليب، الذي اختار الطرف الجزائري والقطري، أن تحتضنه ولاية أدرار.
وبحسب المديرة العامة للاستثمار بوزارة الفلاحة، فقد بينت الدراسات أن الأراضي صالحة لاستقبال هذا المشروع، حيث يلزم لنجاحه توفر عاملين جودة التربة وتوفر المياه، وولاية أدرار تتوفر على هذه المقومات، ومؤهلات، من أراضي واسعة، إضافة إلى ضرورة توفر عوامل أخرى هي شبكة الطرقات والكهرباء.
واتفق الجانبان الجزائري والقطري على احتضان ولاية أدرار للمشروع، مع فتح الباب لولايات أخرى بالجنوب لاحتضان قطب من المشروع، ولكن لم يفصل في هوية الولايات بعد.
وقالت عسعوس “إن الأمر قيد الدراسة، ويمكن أن تحتضن ولاية أدرار مجموعة أومجموعتين من المشروع الإجمالي، ويمكن أن تكون ولاية أخرى، فقط يشترط من بين المؤهلات توفر المساحة الأرضية من 30 ألف إلى 50 ألف هكتار، لأن مساحة المشروع الإجمالية هي 117 ألف هكتار، ومساحة كل مجموعة تتراوح بين 30 إلى 50 ألف هكتار”.
وذكرت عسعوس، أن مكاتب الدراسات حددت الأرضية التي سينجز عليها القطب المتخصص الأول، وبقيت بعض الدراسات يتولى تنفيذها مكتب “بنيدار” من أجل ضبط المساحة الإجمالية للمجموعة الأولى من المشروع، بحيث ستكون في حدود 50 ألف هكتار.
وأوضحت أن المشروع سينفذ عبر ثلاث مراحل وفق خطة عمل الشريك القطري، المرحلة الأولى ستخصص لزراعة الأعلاف، المرحلة الثانية لتربية 50 ألف بقرة حلوب، والمرحلة الثالثة لإنتاج مسحوق الحليب تدريجيا، حيث ينتج بعد ثلاث سنوات 33 ألف طن بودرة حليب.
 وابتداء من السنة السادسة يصل إلى 60 ألف طن، والسنة التاسعة يصل 194 ألف طن بودرة حليب، في حين سيتم تزويد الأسواق الوطنية بـ 84 ألف رأس عجل سنويا مخصص للحوم.
وتم وضع مادة تنص على تنصيب لجنة مشتركة بين الطرفين الجزائري والقطري، يكون الطرف الجزائري ممثلا فيها بعدة قطاعات وزارية وليس وزارة الفلاحة فقط، على غرار وزارات المالية، الطاقة والمناجم، البريد والمواصلات والسلكية واللاسلكية، الصناعة والإنتاج الصيدلاني، الأشغال العمومية، الري، العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، البيئة والطاقات المتجددة، التجارة وترقية الصادرات”، حيث بعد تنصيب اللجنة سيتم التطرق إلى تأسيس الشركة المختلطة بين الشريك القطري والصندوق الوطني للاستثمار.
وكشفت أن بنود الاتفاقية، تنص على أن الشراكة وفق قاعدة 49 بالمائة للصندوق الوطني للاستثمار، و51 بالمائة للشريك القطري، وعليه ستكون رئاسة مجلس إدارة الشركة المختلطة للشريك القطري، ونيابة المجلس للجزائري، أما اللجان التي تختص بالرواتب والأجور يترأسها الطرف الجزائري، لهذا وزارة العمل دورها مهم كذلك”.
وحدّد شهر أكتوبر القادم لبدء تنفيذ المشروع، بحيث سيتم في المرحلة الأولى تأسيس الشركة المختلطة، ثم في المرحلة الثانية وضع تحت تصرفها الأراضي والبداية ستكون بـ 50 ألف هكتار عن طريق حق الامتياز في إطار استصلاح الأراضي.

لا خوف على نشاط المربين والفلاحين

طمأنت مديرة الاستثمار والعقار الفلاحيين بوزارة الفلاحة، الفلاحين والمربين والمتعاملين الاقتصاديين، بعدم مس مشروع مصنع حليب البودرة، بطاقة عملهم، مؤكدة أن مصالح وزارة الفلاحة ستحرص على مراعاة حقوق كل فلاح والمربين والمتعاملين الاقتصاديين.
وقالت في حديثها مع “الشعب” “سمعنا تخوفات من الفلاحين والموالين بإمكانية تأثير هذا المشروع على الشعبة، لكن الحليب الطازج الذي سينتج في المزرعة سيوجه لتحويله إلى مسحوق وإنتاج مشتقات الحليب بنوعية أخرى”.
وأضافت “بالعكس المشروع سيكون إضافة للاقتصاد الوطني، وسيفتح جوا من المنافسة، وفي الأخير المواطن الجزائري هو من يستفيد لأننا سنوصل له منتوجات ذات جودة عالية، يمكن تصديرها فيما بعد للأسواق الإفريقية”.

رواق أخضر لاستصلاح الأراضي

وضعت الاصلاحات الهيكلية في قطاع الفلاح، المستثمرين الوطنيين والأجانب في أريحية، حيث شجعت التشريعات القانونية الجديدة والتسهيلات الممنوحة، على عودتهم للسوق الجزائرية لتنفيذ “استثمارات كبرى” وحقيقية.
وقالت عسعوس، “منذ بداية تطبيق برنامج الزراعات الاستراتيجية، للمواد الزيتية، السكرية، والحبوب، البقول الجافة، منحت الدولة عدة تسهيلات من أجل بعث الاستثمار في ولايات الجنوب، حيث تم في جانفي الماضي تغيير المرسوم التنفيذي 21-432 الذي ينص على استصلاح الأراضي، وإجراءات الاستفادة منها، كما تم وضع رواق أخضر لاستصلاح الأراضي”.
وأبرزت أن هذا الرواق لا يضع المستثمر في الزراعات الاستراتيجية وعلى مساحات واسعة، في نفس الكتلة مع المستثمر في مساحة صغيرة ومواد ليست واسعة الاستهلاك، بحيث تم تخصيص خانتين لكل واحد منهما بالمنصات الرقمية لديوان الأراضي الفلاحية، وديوان تنمية الزراعات الصحراوية، حتى يقدم كل مستثمر ملفه ويجد التسهيلات المناسبة لكل استثمار”.
وأوضحت على سبيل المثال لا الحصر، أن المتعامل الاقتصادي الوطني أوالأجنبي الراغب في الاستثمار الاستراتيجي، عليه الدخول إلى خانة الاستثمار الاستراتيجي بالمنصة الرقمية، وتقديم ملفه، الذي تتولى دراسته لجنة مركزية بوزارة الفلاحة، وفي حال قبوله، يمنح وزير الفلاحة لملفه صفة مشروع استراتيجي، ويجد اسمه على مستوى المنصة الرقمية، ويستكمل الإجراءات، للحصول على عقد الامتياز.
وأشارت مديرة الاستثمار إلى أنه قبل إدراج هذه التغيرات على المرسوم الخاص باستصلاح الأراضي، كانت منافسة شديدة بين المستثمرين بالمنصة الرقمية، ودراسة الملفات كانت تأخذ الكثير من الوقت، لذلك تم إدراج هذه التغيرات لتسهيل وتسريع دراسة الملفات، لأنه لا تلاعب بملف الأمن الغذائي، وبقدر ما تمنح التسهيلات وجلب المستثمرين للجزائر، بقدر ما نرفع قدرة الإنتاج في الزراعات الاستراتيجية ونحقق إضافة للاقتصاد الوطني، وهذا من بين أهداف الدولة لتشجيع الاستثمار في الجنوب.

مشاريع جديدة لإنتاج السكر

جهود الدولة في تنويع الاستثمارات بقطاع الفلاحة، لم تنحصر في إقامة مصنع لمسحوق الحليب، أو إنشاء مزارع لإنتاج الأعلاف واللحوم، بل تعدتها لتشمل مواد استراتيجية واسعة الاستهلاك، تشكل فاتورة استيرادها عبئا ثقيلا على خزينة الدولة، مثل الزيت والسكر، والحبوب.
في هذا السياق، كشفت عسعوس عن وجود عدة مشاريع قيد الدراسة على مستوى وزارة الفلاحة، ستنجز على مساحات تفوق 10 آلاف هكتار، من بينها مشروعين واحد لزراعة الشمندر السكري ومصنع لتحويل السكر، في إحدى ولايات الجنوب، لم تفصح عنها.
وخلصت إلى أن “المشروع سيكون مشروعا متكاملا كذلك، يضم مزرعة لإنتاج ومصنع للتحويل في نفس المنطقة”، أما المشروع الثاني فسيخصص لتكثيف بذور القمح وسيكون بالجنوب كذلك، مشيرة إلى أن حملة الحرث والبذر لسنة 2023 وبفضل السقي المتواصل، تم جني 3 ملايين قنطار من الحبوب بالجنوب.
وذكرت أن وزارة الفلاحة تعمل بالتنسيق مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية عن طريق ولاة الجمهورية، من أجل تسوية ملفات العقار، واسترجاع الأراضي غير المستغلة، معتبرة أن هذا الملف أساسي، فكما قال رئيس الجمهورية “الأرض لمن يزرعها”، ونحن لا نهدف إلى توزيع الأراضي من أجل توزيعها بل من أجل استغلالها في تكثيف الإنتاج، لهذا نعمل على استرجاع الأراضي غير المستغلة من أجل وضعها تحت تصرف مستثمرين حقيقيين وهذا هدف وزارة الفلاحة مثلما قالت.
وأعلنت عن استرجاع 800 ألف هكتار من الأراضي غير المستغلة لحد الآن على مستوى التراب الوطني، منها ما وضع تحت تصرف ديوان الأراضي الفلاحية وتم توزيعها على المستثمرين، مؤكدة أن العمل متواصل لاسترجاع جميع الأراضي غير المستغلة، وأن وزير الفلاحة يصر على ذلك لمنحها لمستثمرين آخرين، حتى يشاركوا في استراتيجية النهوض بالإنتاج الفلاحي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024