البروفيسور بوحنية قوي لـ «الشعب» :

ترامب كرّس سياسة انكفائية تحكمها حسابات الرّبح والخسارة

إيمان كافي

تتوقّف جريدة «الشعب» في حوارها مع البروفيسور بوحنية قوي عميد كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بجامعة قاصدي مرباح بورقلة، عند محطات سياسية هامة أثّرت على الساحة الدولية في السنة المودّعة، وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقراراته الصّادمة فاعلا أساسيا فيها.

اعتبر البروفيسور بوحنية قوي أن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعد انعكاسا لفكر رجل المال الذي تعامل بمنطق الربح والخسارة وبروح متعالية، فقد انسحب من اتفاقية المناخ بباربس قبل سنتين كما عاكس النظام القانوني الدولي بنقل سفارة إسرائيل إلى القدس المحتلة رغم تحفظات الأمم المتحدة، وأوقف التعامل مع الأونرا وطرد السفير الفلسطيني في واشنطن رغم وضعيته القانونية كدبلوماسي مقيم.
ترامب حسب محدثنا، شكّل رؤية المحافظين الجدد، وهي رؤية صهيوأمريكية ترى في القدس عاصمة إسرائيل وهوبذلك غالب الشرائح الدولية والقانون الدولي خصوصا أن الأمم المتحدة ترى أن القدس مدينة محتلة، وأن موضوعها في المفاوضات يجب أن يؤجل إلى مفاوضات الوضع النهائي.
كما ساهمت سياسات ترامب - يقول البروفيسور بوحنية - في إحداث شرخ كبير بين دول الخليح العربي، ناهيك عن تملصه من تعهداته في إدارة الملف النووي الإيراني، وهو ما جعله يفكك التعاون الأوروبي الأمريكي بهذا الصدد، كما فكّك منظومة التعاون في حزبه الجمهوري فظهر بداخله صقورا وحمائم رغم انسجام الخطاب الجمهوري في قضايا مصيرية.
 ويضيف بأن تعامل الرئيس الأمريكي بانتقائية وبدبلوماسية غريبة مع المقربين، فضلا عن الرعونة والتذبذب في موقفه من كوريا الشمالية وانتقاله من شيطنتها إلى محاولة احتوائها كل هذه السياسات ساهمت في ميلاد أقطاب جديدة مثل التعاون الاستراتيجي التركي الروسي الصاعد، ودوره المستقبلي في حل الأزمة السورية بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا، وهذه كلها معايير تنطلق من رؤية براغماتية صرفة تخلو من الرؤية الأخلاقية في أحيان كثيرة وتجعل الولايات المتحدة في موقف المتهم بدل موقف القوى العظمى ذات التأثير الاقتصادي والمالي والأخلاقي.
 البروفيسور بوحنية يقول أيضا أنّ كل ذلك ساهم في تقوية أقطاب جديدة في منطقة أوروبا وآسيا، كما أن هناك مقترحات جدية لتغيير نمط التعامل الاقتصادي لهذه التجمّعات الجديدة، بحيث تكون بالعملات المحلية وليس بالدولار، بالإضافة إلى ترك الشعوب لمصيرها المأساوي كحالة العراق واليمن وسوريا، وانتهاج سياسة انكفائية جديدة تربطها علاقات الربح والخسارة.
وعلى العموم فإنه يمكن القول كما ذكر البروفيسور بوحنية قوي أن ترامب يشتغل بميكانزمات الرئيس الأمريكي في نظام رئاسي يمنحه صلاحيات واسعة، وقد كان في بداية عهدته يتمتع بغالبية برلمانية مريحة ولكن مع تغير المشهد وسيطرة الديمقراطيين عليه مع بداية جانفي، سيجد ترامب نفسه أمام نواب معارضين بشراسة لأن سياسة ترامب أدت في أحيان كثيرة إلى بروز تيار جديد من حزب الجمهوريين، يولي أهمية قصوى للمصالح الأمريكية لكنه بالمقابل أيضا يعطي لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان أهمية في صناعة القرار الأمريكي خاصة وأن المؤسسات الأمريكية تتمتع باستقلالية ونفوذ واسعين، وهو ما يجعل ترامب متخوفا بعد جانفي على مستقبله السياسي إذا كان يطمح في التجديد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024