“جنيف2” ..الممكن والمستحيل

حوار ساخن لأزمة عصيبة

س. ناصر

قال مسؤولون سوريون من وفدي التفاوض إلى جنيف، إنهم يحاولون التغلب على عواطفهم السلبية ويقبلون بالجلوس معا من أجل مصلحة بلدهم الذي يشهد أزمة مدمرة منذ نحو ثلاث سنوات. وكانت البداية متواضعة، أين ركزت على الجانب الإنساني قبل السياسي، لأن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة.

يطرح الكثير من المتتبعين للشأن السوري هذه الأيام، السؤال التالي: ماذا يمكن أن ينتج عن مؤتمر “جنيف ـ ٢”؟
وهنا لابد من التمييز بين الموقف وسياق الواقع الموضوعي، أي بين ما تريده الأطراف المتصارعة وبين ما يمكن أن يجري في الواقع، لأن المسألة أعقد من أن تكون مع أو ضد “جنيف٢”، ولابد أولا من فهم ما يريده الشعب السوري، لأن الأمر لا يتعلق بموقف ذاتي، بل بفهم مجريات الواقع بعيدا عن التحيز والمواقف والمطالب، لكي يكون الموقف الممكن مطابقا لما هو محتمل واقعيا. من هذه الزاوية، يمكن تحديد أولا، بأن ما يمكن أن يجري في “جنيف٢”، إذا نجح تماما، لن يحقق المطالب سواء تعلق الأمر بالدولة المدنية أو الوضع الاجتماعي للشعب، من مشكلات البطالة والفقر والتهميش وانهيار التعليم والصحة، وهي أوضاع زادها الصراع الدموي والعنف المستمر منذ ثلاث سنوات أكثر استفحالا وتعقيدا، بل ولن يكون أفضل من الوضع قبل بداية العنف.

اختلاف الوفدين في تفسير بنود “جنيف١”

اختلف وفدا المعارضة والحكومة السورية في تفسير بنود “جنيف١”، حيث ترى المعارضة ضرورة وجود هيئة انتقالية بصلاحيات واسعة، بينما يرى النظام أن لا حاجة لها في ظل وجود مؤسسات شرعية قائمة. وتعد هذه المسألة من أهم نقاط الخلاف في جنيف٢، حيث أكد الزغبي أن المسألة قابلة للنقاش، غير أنه اعتبر الأسد «خطّا أحمرَ»، مضيفا أن الدستور السوري يسمح له بالترشح لولاية ثانية إذا أراد ذلك، والوفد الحكومي لن يقبل بتشكيل هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات.
وقد أقرّ الإبراهيمي بصعوبة المفاوضات، حيث قال “تقدمنا بطيئ نعم لكن التسرع غير مفيد”، مشيرا إلى أنه من المبكر الحديث عن إطار زمني للمفاوضات، فالأوضاع صعبة ومعقدة وتستغرق وقتا. وأضاف، أن وفد الحكومة السورية أبدى موافقة مشروطة تتعلق بالجانب الإنساني، حيث وافق على خروج النساء والأطفال فوراً من أحياء حمص القديمة وأقرّ بصعوبات شابت المباحثات الخاصة بهذا الملف، حيث اشترط الوفد الرسمي إيجاد قائمة بأسماء الراغبين في المغادرة من المدنيين والآخرين.
وهو الشيء الذي أكده فيصل المقداد، نائب وزير الخارجية السوري، حيث قال إن الحكومة ستسمح للنساء والأطفال بمغادرة وسط المدينة إذا فتح مقاتلو المعارضة ممرا آمنا لهم، غير أن مقاتلي المعارضة يطالبون برفع كامل للحصار عن المدينة وانتقدوا الموقف المحدود لإطلاق النار بسبب تصريحات بعض النشطاء.

القضايا السياسية أكثر تعقيدا

يعد ملف الهيئة الانتقالية من أهم القضايا السياسية  تعقيدا في مفاوضات جنيف٢ بين وفدي المعارضة والحكومة السورية، حيث قال الإبراهيمي إن الوفدين سيجتمعان في قاعة واحدة للشروع في بحث القضايا ذات الطابع السياسي. وسيتحدث كل طرف عن طريقه إلى الطرف الآخر وسيناقش الطرفان هيئة حكم انتقالية وهي مسألة معقدة قد تبقي المفاوضات تراوح مكانها إذا ما تشبث كل طرف بطروحاته. فقد قال المتحدث باسم المعارضة السورية “لؤي صافي”، إن المحادثات ستكشف إن كانت الحكومة مستعدة للتفاوض بشأنها. مضيفا، سنتحدث عن انتقال السلطة، بينما يرى الوفد الرسمي أن المؤسسات قائمة ولا حاجة لتنصيب هيئات وأن الأسد خط أحمر.
وطبعا لن يكون مؤتمر جنيف٢ نهاية للأزمة السورية، لأنها نتيجة صراعات داخلية وإقليمية بل ودولية أيضا وقد تكون نتائجه، في حال نجاحه، بداية لحل الأزمة وليس نهايتها وسيحقق إنجازا تاريخيا في حال تم التوصل لوقف القتال.

النتائج الممكنة

يذهب بعض المحللين والمتتبعين للشأن السوري، إلى أن المرحلة القادمة ستشهد سيطرة روسية مع هوامش لإيران وتركيا بمشاركة صينية، خصوصا مع ضرورة إعادة إعمار ما تهدم بفعل العنف والاقتتال الذي أتى على أغلبية البنى التحتية وهذا ما يكلف الدولة أموالا طائلة، وقد تصبح مدانة بعد ما كانت تتمتع بالاكتفاء الذاتي قبل ثلاث سنوات.
فالمسألة السورية باتت بقبضة القوى الدولية الكبرى، خاصة روسيا وأمريكا، ومسار الحل هما محددتاه وصاحبتا مبادرة جنيف٢، وإن كان هناك صراع هيمنة، في السنوات السابقة، بين كل من تركيا وفرنسا وقطر وإيران في ظل ابتعاد أمريكا وميلها لفرض عقوبات على السلطة السورية، فقد حصلت كل من تركيا وقطر على موقع مميز.
فالوضع الشعبي السوري اليوم في غاية الصعوبة، بالنظرإلى أن ثلثه أصبح تقريبا لاجئا، سواء في الداخل أو في دول الجوار جراء الوضع الأمني المتردي والاقتصادي المنهار والحصار المفروض ما نتج عنه صعوبة العيش.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024