د. ميلود ولد الصديق لـ«الشعب»:

الأطر الدبلوماسية ستظلّ السبيل الأنجع لإحلال السلام في ليبيا

حاورته: إيمان كافي

 يتعيّن على الطرف المنتصر إطلاق عملية مصالحة وطنية

رغم المخاوف الكثيرة والكبيرة التي تثيرها التطورات الميدانية في ليبيا مع استمرار الاقتتال والانقسام بين الإخوة الفرقاء، فإن الدكتور ميلود ولد الصديق أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة سعيدة يفتح بابا كبيرا للأمل ويؤكّد في حواره مع «الشعب» بأنّه مهما تعقّدت الأزمة وطالت الحرب سيتعيّن على الليبيين أن يجلسوا إلى طاولة الحوار، لأن الأطر الدبلوماسية ستظلّ السبيل الأنجع لإحلال السلام وعودة ليبيا بكل أبنائها وأطيافها السياسية إلى المجتمع الدولي.
وقال، بأنّه يتعين على الطرف المنتصر التسريع في عمليات الاحتواء وتعزيز فرص التوزيع العادل للسلطة بما يحقق انتقالا ديمقراطيا حقيقيا في ليبيا.

- الشعب: حقّقت قوات الوفاق الليبية الكثير من المكاسب الميدانية وألحقت هزائم متتالية بقوات المشير خليفة حفتر، ما تعليقكم على هذه المستجدات؟
 الدكتور ميلود ولد الصديق: كان واضحا منذ بداية شهر ماي المنصرم مدى التفوق الميداني واللوجستي الذي ما فتئت تحرزه القوات التابعة لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، فبعد استرجاعها لقاعدة «الوطية «الأكثر إستراتيجية في الغرب الليبي من قبضة قوات حفتر، اتضح مدى الجاهزية القتالية والأمنية لقواتها في استرداد مناطق واسعة في الغرب الليبي، ويمكن التذكير هنا بمدى أهمية الاتفاق التعاوني الشامل الذي وقعته حكومة الوفاق الليبية مع الجانب التركي نهاية سنة 2019 حيث كان له السند الأكبر في ترجيح الكفة لصالحها، سيما الدعم اللوجستي وعمليات التدريب والإسناد الجوي المتمثل في الطائرات السيارة، والآن نشهد تقدما سريعا باتجاه الوسط الليبي، فبعد ترهونة واسترجاع كامل المطارات المحاذية للعاصمة طرابلس بما في ذلك مطار طرابلس الدولي، يتم الحديث عن استعادة قريبة لبني وليد وسرت وبذلك يتم السيطرة على المناطق الأكثر إستراتيجية ونعني بذلك الهلال البترولي.
@ هل يمكننا القول بأن الصراع في ليبيا حسم لصالح الحكومة المعترف بها دوليا، أم أن هذه الأخيرة كسبت معركة في حرب ما زالت طويلة ومفتوحة على كل الاحتمالات؟
@@ الأمر لازال مبكرا للحديث عن عمليات الحسم، فعلى الأرض الليبية قوى إقليمية ودولية متصارعة بالوكالة وكل منها تتجاذبها مصالحها الخاصة وبالتالي تسعى من أجل تثبيت انتصاراتها، لكن الملفت للانتباه في الأسابيع الماضية هوالتحرك الأمريكي المفاجئ لصالح حكومة الوفاق ومن شأن هذا التحرك بالفعل أن يعزّز ترجيح الكفة لصالحها وجميع المؤشرات على الأرض تقول بفرضيات إعادة سبيل التفاوض والدبلوماسية بما يعلي من كعب حكومة طرابلس المعترف بها.
@ لا شك أن التدخل العسكري التركي أحدث الفارق في الصراع الليبي على الأقل إلى غاية الآن، ما قولكم حول هذا التدخل ولماذا استنجدت حكومة السراج بتركيا تحديدا؟
@@ منذ بداية زحف قوات حفتر في أفريل من العام المنصرم على طرابلس كان واضحا مدى الدعم اللوجستي والعسكري الذي كانت تتلقاه من حلفائها، الأمر الذي اضطر حكومة الوفاق للتعاون مع تركيا أمام تخاذل المجتمع الدولي لنداءاتها المتكررة وعدم حسم الخلافات دبلوماسيا، فعلا يمكن القول أن الوجود التركي ساهم بشكل كبير في إجهاض محاولات قوات حفتر للسيطرة على طرابلس.
- هناك من المراقبين السياسيين والعسكريين من يعتقد بأن قوات حفتر قد تستعيد زمام المبادرة بدعم ودفع من الدول التي تساندها لتعزز هجماتها من جديد على قوات الوفاق ما رأيكم؟
 مع تكرار عمليات الكرّ والفرّ، أعتقد أن قوات الوفاق استفادت من دروس الماضي وثمة استعدادات لوجستية وعسكرية لإيقاف أي ارتدادات من طرف قوات حفتر دون نسيان الغطاء الجوي سيما الطائرات السيارة التركية التي رجّحت الكفة، وقد كان مهمّا القول أن سيطرة قوات حفتر في الماضي على قاعدة الوطية وعلى سلاح الجومكّنه من السيطرة جزئيا وترجيح المعارك لصالحه، لكن أمام التطورات السريعة ثمة انهيار كامل وواضح وكبير لقوات حفتر وحلفائه في غرب ليبيا ووسطها.
- المشهد الليبي كما نراه يزداد تعقيدا يوما بعد يوم،فهل مازالت هنالك حظوظ لاستئناف العملية السياسية خاصة وأن السراج قالها صراحة «لن أتفاوض مع حفتر»؟
 مهما طالت الحرب سيتعيّن على الليبيين أن يجلسوا إلى طاولة الحوار، فالأرض ليبية والضحايا ليبيون وستظل الأطر الدبلوماسية كلما تم تسريعها هي السبيل الأنجع لإحلال السلام وعودة ليبيا بكل أطيافها السياسية المشكلة للسلطة إلى المجتمع الدولي، ولعل هذا ما أكدته الجزائر ودعت إليه في وقت مبكر من نهاية العام الماضي.
ما ذهب إليه السراج، سببه إخلال الطرف الآخر بالالتزامات الدولية التي تم عقدها في روسيا وأخيرا في برلين وتنصله أعطى انطباعا لدى حكومة الوفاق بعدمية الوثوق فيه.
- في ظل حالة الكرّ والفرّ التي تعيشها ليبيا،تطرح مخاوف كثيرة عن تداعيات هذه الأزمة على الجوار والإقليم ما تعليقكم؟
 هذه المخاوف مشروعة، والمشكلات الأمنية فعلا متفاقمة سيما بعد أحداث تقنتورين في 2013 وما تلاها قبل سنة من تهديدات مباشرة من طرف حفتر بنقل الصراع إلى الحدود التونسية والجزائرية.
يربطنا مع ليبيا شريط حدودي يقارب الألف كيلومتر وذات الأمر بالنسبة لتونس التي لها حدود معتبرة مع جارتها الشرقية، فأي انفلات أمني أواستدامة حالة اللاأمن واللااستقرار يعني وقوع أسلحة متطورة محظورة في أيدي جماعات إرهابية ما يهدد أمن المنطقة برمتها.
- ماذا عن الإرهابيين (المقاتلين الأجانب) الذين تتداول أخبار استقدامهم من مناطق التوتر بالشرق الأوسط؟
 هذا الأمر تناقلته وسائل الإعلام كثيرا وتبين أن الأمر فعليّ ليس من مناطق التوتر بالشرق الأوسط فقط بل وحتى من دول إفريقية مجاورة ومن بلدان أخرى، هذا يعني أن الصراع متعفّن، ما قد يؤثر على تطورات الوضع ما بعد إحلال السلام في ليبيا.
-  مع سوداوية الواقع الليبي،هل هناك أمل في الخروج من النفق المظلم؟
 الأمل كبير،عاجلا أم آجلا سيدرك الليبيون أن مسار التفاوض والحل السياسي هوالسبيل الوحيد لحل خلافاتهم، ومع استعادة دول الجوار لزمام المبادرة بعودة الجزائر الجارة الكبرى وما تحمله من ثقل تاريخي ثمة أفق دبلوماسية رحبة ستلعبها بتعزيز السلم في ليبيا وفي مراحل متقدمة من النزاع سيتعين على الطرف المنتصر التسريع في عمليات الاحتواء وتعزيز فرص التوزيع العادل للسلطة بما يحقق انتقالا ديمقراطيا حقيقيا في ليبيا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024