قوّتان ناشئتان وقطبان جهويان بامتياز

هل تكون الجزائر وأنقرة قاطرة الشّراكة الإفريقية ـ التّركية؟

أمين بلعمري

تحوّلت القارة الإفريقية إلى محطّ أنظار العديد من القوى، ولم يقتصر هذا الاهتمام على القوة الكبرى فقط ولكن القوة النّاشئة بدورها أصبحت تبحث بدورها عن ربط علاقات وثيقة مع هذه القارة من خلال اتفاقيات شراكة تمنحها امتيازات استثمارية وتجارية...إلخ، خاصة وأنّ هذه القارة تعد بالكثير والدّراسات الاستشرافية المشفوعة بالإحصائيات والأرقام تثبت أنّ هذه القارة يمكن أن تكون من أكبر محرّكات الاقتصاد العالمي في القرن الـ 21.
تبلغ مساحة القارة الإفريقية 30.353 مليون كلم مربع، وهو ما يفسّر ما تنام عليه من تنوّع في المواد الطبيعية الباطنية مثل البترول والغاز ومختلف المعادن النفيسة مثل الذهب، الألماس والمواد ذات الصبغة الاستراتيجية كاليورانيوم مثلا. ولا تقتصر خيرات هذه القارة على هذه المواد الباطنية فقط، ولكن الخيرات السّطحية كالثروة الغابية الهائلة والأراضي الزّراعية الخصبة التي يمكن أن تشكّل سلّة الغذاء العالمي مستقبلا عامل آخر لا يجب أن نغفله حين الحديث عن مقدرات هذه القارة
وخيراتها، وهو الإنسان حيث سيبلغ التعداد البشري للقارة الافريقة مطلع 2020، 1.3 مليار نسمة وسيقفز إلى 2 مليار نسمة العام 2040، أي بزيادة تقدّر بـ 700 مليون نسمة خلال 20 سنة فقط، وهي نسبة زيادة لا يستهان بها تجعلها من أكبر التّجمّعات البشرية العالمية، وهذا رغم الأوبئة
والحروب التي تهلك الآلاف من الأفارقة سنويا، ويكفي أن وباء الإيبولا وحده أدّى إلى هلاك حوالي 5000 شخص ــ حسب منظّمة الصّحة العالمية ــ منذ اكتشاف الحالة 0 في سيراليون العام 2013 أغلبهم من الأفارقة، ومن منطقة غرب القارة تحديدا.
إنّ كل هذه العوامل مجتمعة تبرر القمم التي جمعت هذه القارة مع تجمّعات أو دول أخرى على غرار القمة العربية ــ الإفريقية التي التأمت بالكويت عام 2102 وقمة إفريقيا ــ الولايات المتّحدة الأمريكية، وهي الأولى من نوعها  التي جمعت القادة الأفارقة بالرّئيس أوباما، وكان من أكبر محاورها الاستثمارات الأمريكية في إفريقيا، وأخرى تتعلّق بمكافحة الإرهاب
والتّجارة البينية والديمقراطية وغيرها من القضايا الأخرى، إلاّ أن الاستثمارات الأمريكية في إفريقيا كانت من أكبر المحاور على الإطلاق ضمن أجندة أمريكية واضحة لمنافسة التّواجد الصّيني المتزايد في هذه القارة، التي تعيش تناقضات الغنى والفقر في الوقت نفسه.
تركيا كقوة ناشئة عملت دائما على تمتين علاقاتها مع القارة السّمراء،
وقد أتت جهود أنقرة أكلها حيث أعطتها لائحة الاتحاد الإفريقي الصّادرة عام 2008 صفة الشّريك الرّسمي للقارة، وتكلّلت هذه الشّراكة الاستراتيجية بين الطّرفين في عقد قمّتين كانت آخرها التي شهدتها مالابو عاصمة غينيا الاستوائية شهر نوفمبر الجاري.
والأرقام تعكس ثمار هذه الشّراكة ضمن معادلة (رابح ــ رابح)، حيث قفزت قيمة المبادلات بين الطّرفين من 9 مليار دولار أمريكي عام 2005 إلى 23 مليار سنة 2013، أي بزيادة 14 مليار دولار منذ حصولها على صفة الشّريك الرّسمي. ومن المزمع أن تشكّل الجزائر وتركيا قاطرتا هذه الشّراكة التي تجمع تركيا بالقارة الإفريقية، وتجلّى ذلك إثر زيارة الرّئيس التركي رجب الطيب أردوغان إلى الجزائر بدعوة من نظيره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة،
وذلك يومين قبل انطلاق قمة مالابو بغينيا الاستوائية. وفي هذا الصدد تتطلّع الدّولتان إلى مضاعفة مبادلاتهما التّجارية إلى 10 مليارات دولار مطلع 2017 مقابل 5 مليارات دولار أمريكي فقط عام 2005.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024