شحذ الهمم تجنب المخاطر

س/ ناصر

تعيش أمتنا العربية وسط تحديات ومخاطر جسيمة، والتبصّر العميق لما يحدث حولنا هو وحده الذي يضع الرؤى السليمة للخروج من هذه المخاطر ، فالمتغيرات السريعة والمجريات الهائلة تستدعي من الجميع شحذ الهمم للخروج من المآزق التي تتخبط فيها الأمة العربية والإسلامية.

العولمة اليوم تهدّد الحكام والشعوب ولو على مراحل ولكل دوره، ولذلك على الجميع أن ينبذ الخلافات الخاصة والداخلية لمواجهة الأهوال والأخطار الكبرى من سطو وهيمنة وابتزاز للبلدان الفقيرة التي من الأحسن لها أن لا تستمر في صراعات الجدل المرير كي لا تدفع الأثمان الغالية جراء ذلك، لأن البحث عن طريق سويّ وسليم يقبله الواقع ويقويّ قدرة مواجهة الأخطار هو المطلوب في ظلّ الأزمات وهذا يعني التعامل مع الآخر برؤية وتبّصر سليمين.
العلاقات القائمة بين الدول القوية والضعيفة غير متكافئة، حيث تهيمن الأولى على الثانية ثقافيا واقتصاديا وسياسيا وحضاريا، وهذا راجع لعدة عوامل عرفتها هذه المجتمعات جعلت بعضها يصعد إلى أرقى سلم الحضارة بينما أبقت على البعض الآخر يعيش الفقر بكل أصنافه.
الدول الكبرى تنظر للشعوب الأخرى في الدول الفقيرة نظرة استعلاء معتبرة أن الإنسان الأبيض سيد العالم وأنه جاء ليحكم وعلى الشعوب الأخرى أن تطيع، وهي طبعا نظرة عنصرية نازية وفاشية رغم أن قوة هذه الدول لم تكن لتتحقّق لولا نهب وابتزاز ثروات البلدان المغلوبة على أمرها واستغلال شعوبها ومحاولة الإبقاء على وضعيتها القائمة كي يستمر ابتزازها وتبعيتها للغرب.
التغريب الفكري لأبناء البلدان الفقيرة لا يؤهل أصحاب النزعة الوطنية من رؤية العالم بعمق وينغرس الشغور لديها بأن الغرب فعلا هو سيد العالم، وتزداد سيطرة المؤسسات الاقتصادية العالمية بل ونفوذها في تسيير العديد من المـؤسسات الاقتصادية عبر القارات ويتعاظم نفوذ الدول الرأسمالية، عن طريق الشركات المتعددة الجنسيات على حساب اقتصاديات البلدان الفقيرة التي تزداد تبعيتها، حيث تُصدر لها وصفات استهلاكية مختلفة لا تأخذ بعين الإعتبار واقع حال هذه البلدان المغلوبة على أمرها والتي تلبس ما لا تنسج وتأكل مما لا تنتج.
ينبغي على العرب ألا يقفوا موقف المتفرج بل عليهم أن يسعوا جاهدين إلى التقارب العربي العربي مهما كان لديهم من سلبيات ورثوها من الماضي، حان الوقت لتوحيد الجهود للحفاظ على ما تبقى من القيم والثروة العربية وبالتقارب والتكامل سيتقوى دور الأمة وسيتصلب عودها لتشكل تكتلا إقليميا يتصدى للهيمنة الغربية الذي لا يرحم، هذا لن يتأتى إلا من خلال جهود متعاظمة تقدمها الشعوب العربية وفي طليعتها المفكرين والعلماء الذين يجب عليهم أن يتبنوا وضع مشروع عربي عصري يبحث عما يقرب الأمة عن طريق تكامل قدراتها ويتجاوز ما يفرقها لتجنب الأخطار الكبيرة التي تجعل الشعوب والأوطان لقمة سائغة للمتربصين.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024