أزمة يمنية أم إقليمية

دعــم الشرعيـة بـدل الحرب الأهلية

س / ناصر

لجأ الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي إلى مجلس الأمن وهذا يعني أن الدور الخليجي أصبح حائرا بين وساطة سياسية لا تنتج وبين دعم اقتصادي وعسكري لا تتوفر له قنوات تواصل مأمونة ولا آليات عمل موثوقة.
الأزمة ليست أزمة اليمن وحده بل هي أزمة خليجية وإقليمية أيضا حيث أن دول التعاون لا يمكنها أن تتجاهل مخاطر ما يحدث في البلد الجار على أمنها واستقرارها الإقليمي وفي الوقت نفسه ليس لديها وسائل أو مفتاح الحل.
وتعترف دول الخليج بالخطر المحدق على أمنها القومي القادم من اليمن إلا أن سعيها لايجاد حل لذلك كان ولا يزال متأخرا مقارنة بما يجري من أحداث متسارعة في اليمن حيث أن الحرب الأهلية على الأبواب لا سيما بعد دعوة الحوثي إلى التعبئة العامة للهجوم على جنوب اليمن بعد أن كان الصراع محصورا في العاصمة صنعاء. وقد حذّرت الأمم المتحدة من مغّبة تكرار سيناريو العراق وسوريا في اليمن.
 إن لجوء السلطة الشرعية إلى مجلس الأمن تقر قوى الاعتدال اليمنية بفشل رهانها على الدور الخليجي ويعتبر لجوء العاجز المضطر وليس لجوء القادر، ومع ذلك فإن مخرجه يعتبر حلا دبلوماسيا لدول الخليج لتظل حاضرة في المشهد وقادرة على التأثير في مسار الأزمة وتداعياتها لكن هذا المخرج غير كاف أمام طموح الحوثيين الذين يستعجلون الإمساك بكل خيوط السلطة والسيطرة على مفاصلها حتى لو أدى ذلك إلى حرب أهلية أو مواجهات دامية !! وقد بدأت للأسف الاغتيالات والتفجيرات حتى داخل بيوت العبادة، كما أن اعلان الحوثيين التعبئة بعد تفجير المساجد في صنعاء لمواجهة ما يسمونه بالتنظيمات التكفيرية والإرهابية لا يكفر عنهم ما ارتكبوه من تجاوزات في حق اليمنيين وحق الشرعية الدستورية وسواء أكانت التفجيرات ذريعة أو مخططا مدروسا فهي عنوان كاف لاطلاق تدخلات اقليمية، والمجتمع الدولي نفسه منخرط بمحاربة التنظيمات الإرهابية سواء “القاعدة” أو ما يسمى “بداعش” ومن أعلن الولاء لها.
هادي من رئيس انتقالي إلى زعيم سياسي
ما يحدث في اليمن مفتوح على كل الاحتمالات حيث هناك سلطة حوثية لا تملك قوة الشرعية وهناك شرعية رئاسية لا تملك قوة السلطة. وبين هذه وتلك فإن الحل والحسم أكيد لا يكون سهلا إن استعجال الحوثيين للوصول إلى السلطة حول الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من رئيس انتقالي إلى زعيم سياسي كونه جاء مطلوبا وليس طالبا لها أو راغبا فيها حيث اعتبره الوسطاء الذين اختاروه كحل اختياري توافقي يملأ الفراغ الذي خلّفه الرئيس السابق علي عبد الله صالح رغم أنه عاش نائبا له لعدة سنوات واءتمنه على الرئاسة وظل يتحّين الفرصة لاستعادتها معتبرا إياها وديعة مؤقتة وظن أنه قادر على استعادتها لما تتهيأ الظروف.
نجح صالح في استعادة المبادرة وتقليم خصومه من قوى الإصلاح الإسلامي والقبائل وقوى التغيير الشبانية وظن أن الوقت حان لاستعادة سلطته المسلوبة. لكن هادي ماطل في الاستجابة فعزله الرئيس المنتخب من أمانة حزب المؤتمر الشعبي العام صاحب الأغلبية البرلمانية ظانا أن ذلك سيكون المقدمة لعزله من الرئاسة، فدخل الحوثيون على الخط لا كقوة معارضة بل طامعة في السلطة.
 اختلطت الأوراق ليصبح من كان خصما للرئيس القديم حليفا له ولولا هذا التحالف لما تمكن الحوثيون من الوصول إلى قصر الرئاسة أمام سهولة سيطرتهم على الثكنات.
رهانات الحوثييون وحسابات الرئيس السابق
راهن الحوثيون والرئيس السابق على أن الواقع الذي فرضه الانقلاب على سلطة هادي سيتكرس بحكم الزمن وأن الجوار الإقليمي لن يتجاوز حد التنديد وظنوا أن إقالة أو استقالة هادي عن الرئاسة سيكون الفصل الأخير في مسلسل الإنقلاب لكن نجاح هادي في الإفلات من الأسر أعاد الأزمة إلى مربع المراوحة حيث لم يعد صاحب دور وظيفي بل أصبح زعيما سياسيا له دور مرجح لأن يكون الحل المقبول أو البديل الممكن. وأمام دعوة الحوثي للتعبئة العامة للهجوم على جنوب اليمن حيث يتواجد الرئيس هادي منصور حذّر وزير الخارجية اليمني رياض ياسين المكلف من حرب أهلية قد تعصف باليمن مبينا أن هناك مخططا للقضاء على الشرعية.
وندّد رياض بالخطاب الأخير للحوثي الذي اعتبره بمثابة اعلان حرب على الجنوب بعد أن كانت في صنعاء.
في حين أكّد مجلس الأمن دعمه لشرعية الرئيس هادي منصور وأدان أعضاءه الـ ١٥ بالإجماع تصرفات الحوثيين مشددين على ضرورة بقاء وحدة اليمن واستقراره.,

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024