استكمال مسار التسوية السياسية في مالي

التوقيع على الاتفاق النهائي للسلم والمصالحة هذا الجمعة في باماكو

يطوي الفرقاء الماليون بعد غد الجمعة صفحة، ويفتحون أخرى في تاريخ بلدهم من خلال التّوقيع على الاتفاق النهائي للسلم والمصالحة الذي يحدّد معالم المستقبل المشرق، وينهي مرحلة صعبة شهدت انحدارا أمنيا خطيرا واهتزازا للاستقرار وباتت الوحدة الوطنية خلالها على المحك.
الحدث التاريخي الذي تحتضنه باماكو هذا الجمعة، جاء تتويجا لمشوار طويل من الجهود وسلسلة مفاوضات شاقة برعاية فريق الوساطة الدولية  و على رأسه الجزائر، التي قالت على لسان وزير خارجيتها رمطان لعمامرة أن “هذا التوقيع سيكون بدعم من المجموعة الدولية وبمشاركة جميع الفاعلين الماليين من أجل ضمان انطلاقة ديناميكية من قبل الماليين”.
وبعد أن أكد أن الجزائر “سعيدة لمشاركتها في هذه الديناميكية كبلد جار وشقيق” أوضح لعمامرة، أن “الإتفاقات الدولية تقتضي المصادقة بالأحرف الأولى التي تعني أن المفاوضات انتهت في حين يؤسس التوقيع لبداية التنفيذ”.
وفور التوقيع ستتحول الوساطة التي ترأسها بلادنا إلى لجنة متابعة من أجل تحمّل المسؤوليات المتضمنة في الاتفاق وتشجيع جميع الأطراف على  الالتزام بها.
و كانت الأطراف المشاركة في الحوار من أجل تسوية الأزمة في شمال مالي، قد وقّعت بالأحرف الأولى في الفاتح مارس المنصرم بـ«جنان الميثاق” على اتفاق سلام ومصالحة.
ووقّع على الوثيقة بالأحرف الأولى ممثل الحكومة المالية والحركات السياسية - العسكرية لشمال مالي الملتزمة في إطار أرضية الجزائر الحركة العربية للأزواد “منشقة” والتنسيقية من أجل شعب الأزواد وتنسيقية الحركات والجبهات القومية وفريق الوساطة برئاسة الجزائر.
إلا أن تنسيقية حركات الأزواد التي تضم الحركة الوطنية لتحرير الأزواد والمجلس الأعلى لتوحيد الأزواد والحركة العربية للأزواد طلبت مهلة لاستشارة قاعدتها النضالية قبل التوقيع على الاتفاق.
 التزام دولي بمرافقة قاطرة السلام
وحرصا منه على استكمال مسار السلام في مالي، دعا فريق الوساطة الدولية كل الحركات السياسية و العسكرية الأطراف في “إعلان الجزائر” ليوم  9 جوان 2014 و«أرضية الجزائر” ليوم 14 جوان 2014، وكل الأطراف الموقعة على “خارطة الطريق” ليوم 24 جويلية 2014، الى المصادقة على الاتفاق النهائي بما يعزز المكاسب المحققة إلى حد الآن من خلال جولات الحوار المنعقد بالجزائر مند جانفي 2014 وعلى مدار 16 شهرا.
وطمأن  فريق الوساطة، أن الاتفاق يتضمن برنامجا قويّا من الضمانات الدولية والمتابعة والمرافقة التي تعد رهانا للتطبيق الفعلي لكافة أحكامه،مؤكدة أن “التوقيع بالأحرف الأولى من قبل كافة أعضاء الوساطة وشركاء آخرين لمالي إلى جانب الدعم الذي يحظى به على الصعيد الدولي يشكلان التزاما قانونيا وسياسيا للمجتمع الدولي لصالح تطبيق كامل البنود  المتفق عليها وستعمل الوساطة على جعل هذه الاتفاقات فعلية”.
نفس الدعوات كان قد أطلقها مجلس الأمن الدولي يوم 10 أفريل 2015 وقبله مجلس السلم والأمن للاتحاد الافريقي يوم 27 مارس 2015 اللذين حثّا الفرقاء الماليين على اغتنام هذه الفرصة التاريخية التي تتاح أمامهم لإرساء سلم دائم ببلادهم.
لا عودة إلى مربع العنف
 يعد اتّفاق السّلم والمصالحة في مالي ثمرة الجهود الحثيثة لفريق الوساطة بقيادة الجزائر، الذي استنتج من خلال تعامله مع كافة الفرقاء بعض السبل التي قد تؤدى إلى أرضية وسطية لحمل الأطراف على تجاوز خلافاتها والوصول إلى صيغ ترضي الجميع، وتسمح لهذا المسار بالتقدم بخطى ثابتة نحو إنجاز معاهدة السلم الشامل والنهائي في مالي في ظلّ المصالحة الوطنية.
وسيشكل التوقيع النهائي على الاتفاق ردا قويا على محاولات إعادة تكرار سيناريوهات العنف في الشمال، كما سيسمح بتركيز الجهود على مكافحة الإرهاب وشبكات الجريمة المنظمة التي تنشط بالمنطقة.
بداية الانفراج
يعد اتّفاق السّلام والمصالحة الموقّع عليه بالأحرف الأولى في الفاتح مارس الماضي بالجزائر والمرتقب المصادقة النهائية عليه بعد غد بباماكو، ثمرة خمس جولات من المفاوضات الطويلة والمكثفة التي جرت في إطار مسار الجزائر بين الأطراف المالية للتوصل إلى حلّ شامل يطوي فصول الأزمة في منطقة الشمال.
ووقّع على الاتفاق ممثل الحكومة المالية وممثلو الجماعات السياسية -العسكرية لشمال مالي وفريق الوساطة الدولية الذي تقوده الجزائر والذي يضم كل من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “ايكواس” والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي، بالإضافة إلى بوركينا فاسو وموريتانيا والنيجر والتشاد.
وحضر مراسم التوقيع على هذا الاتفاق ممثلا الحكومة الأمريكية والفرنسية.
د.ف

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024