الموقف الأوروبي يربك المغرب

إضافة سياسية قوية للصّحراويّين

جمال أوكيلي

أعاد الموقف السياسي للاتحاد الأوروبي تجاه الشّعب الصّحراوي إلى الأذهان عدالة هذه القضية المطروحة على مستوى الأمم المتّحدة بكل أبعادها المعروفة منذ بروزها على السّاحة الدولية، على أنّها مسألة تصفية استعمار، وهذا ما يميّزها حتى الآن بالرغم من المحاولات اليائسة لجهات تعمل كل ما في وسعها لطمس هذه الحقيقة السّاطعة.

وجاء هذا التّأكيد على لسان السيدة موغريني التي تتولّى منصبا مؤثّرا في الاتحاد، كما تعدّ مرجعا أساسيا لا غبار عليه يدحض كل الألاعيب المفضوحة لأطراف تحرّك شخصيات لإثارة نقاط لا أساس لها من الصّحة، ومناورة لخلط الأوراق.
للأسف هذا ما وقع مع أكذوبة المساعدات الإنسانية للصّحراويين باسم شعارات جوفاء، أقام نائب أوروبي موالي للمغرب بنسج سيناريو مفبرك بالتّواطؤ مع موظّفين للإساءة للصّحراويّين.
وتبيّن فيما بعد وبالدّليل، بأنّ ما أعدّه هؤلاء مهزلة، وهذا عندما نشر الاتحاد تقريرا مفصّلا ودامغا ينفي نفيا قاطعا تلك الادّعاءات، وتبرّأ الكثير من النواب الأوروبيّين ممّا يقوم به ذلك الشّخص من أجل إظهار ولائه لأسياده على حساب شعب مكافح. ولوضع حدّ لكلّ هذه المناورات المكشوفة، بعثت المسؤولة السياسية الأوروبية رسائل قوية من أجل إنهاء هذه المسرحية لجماعة المغرب بداخل الاتحاد، وهو تشديدها على أنّ هذا الأخير لا يمكن له من الآن فصاعدا إضعاف مسار التّسوية على صعيد الأمم المتّحدة.
وهذا التحوّل الطّارئ والتّاريخي في العمل السياسي للاتحاد الأوروبي يضع الجميع أمام مسؤولياتهم تجاه هذا الملف، وذلك بالعودة إلى مرجعية الأمم المتّحدة التي تسعى من أجل إيجاد الحل اللاّئق الذي لا يخرج عن نطاق ما أقرّته الشّرعية الدّولية.
^ أولا: بالنّسبة للاتحاد الأوروبي فإنّ المطلوب منه أن يكون عمله متساوقا ومعزّزا للأمم المتّحدة، وهذا ما يزيده مصداقية لدى الشّعوب التوّاقة إلى الحرية، على أنّه إلى جانب الحق الذي يناضل من أجله الجميع..والاتحاد الأوروبي كتلة أو مجموعة مؤثّرة في العلاقات الدولية، ويمكن لها أن يكون وزنها محرّكا لأي مبادرة في هذا الشّأن، وعليه فإنّه لن يسمح لأفراد معنيّين أن يحلّوا محلّ قيادة الاتحاد في إقرار وضعيات سياسية معيّنة، كما حدث ذلك مع المساعدات الموجّهة للصّحراويّين، فمثل هذه الممارسات المشينة لا يجب أن تتكرّر أو يشرف على إدارتها أناس من خارج الاتحاد، كما أنّ القضايا العادلة الموجودة على نطاق آخر لا يمكن أن تكون كذلك تحت وطأة ضغوط خارج الاتحاد، وتجد صداها لدى البعض الذين يسيّرون بـ “رمونت كنترول”، أفسدوا ما يريده الأحرار في الاتحاد.
وعدم إضعاف المسار الأممي لا يعني أبدا الحياد، وإنما هو تعديل وتصحيح في الموقف الأوروبي بأن يكون داعما لنظيره في الأمم المتّحدة، ولا ينحرف على هذا الاتجاه أبدا، هذا ما تريد أن تقوله موغريني.
^ ثانيا: بالنسبة للمغرب عليه الانصياع إلى ما قرّرته المجموعة الدولية تجاه القضية الصّحراوية، وأن لا يواصل الاستثمار في فضاءات سياسية ثبت مع الوقت أنّه فشل فشلا في استقطابها، والضّجيج المفتعل الذي يقيمه لم ينل منه أي شيء يذكر، ماعدا تحذيره من أوساط أوروبية بالعودة إلى جادة الصّواب، أي احترام الشّرعية الدولية والكفّ عن تلك الألاعيب المخزية التي أساءت له كثيرا، وأدخلته في دوامة من القلق والهيستيريا، بعد أن تفطّن الجميع لمحاولاته كسر هذه الديناميكية الدولية، التي تريد منع الشّعب الصّحراوي حقوقه التاريخية.
كما يمنع على هذا البلد أي المغرب من الآن فصاعدا تحويل ما يسمى بـ “لجنة الصداقة” إلى ورقة للتّلاعب بها كيف ما شاء.
وبالتّوازي مع ذلك هنا استفاقة دولية ملحوظة تجاه إدراج مبدأ حقوق الإنسان في آلية الـ “مينورسو”، بعد أن تدهورت وضعية الصّحراويّين إلى درجة لا تطاق، بسبب ما تقترفه القوة المحتلّة من ممارسات لاإنسانية ضد المناضلين الصّحراويين الأحرار، الذين يدافعون عن حقوقهم أمام آلة القتل المغربية، ويعملون على كشف هذه الأعمال أمام الرأي العام العالمي، والذي ما فتئ يدينها ويستنكرها أمام المنظّمات ذات الوزن المؤثّر، خاصة المجتمع المدني الذي يحمل في قلبه آمال وآلام الصّحراويّين، والذي يعمل البعض عمدا على نسيانهم ومحوهم من الوجود بدعايته الهدّامة، التي يهدف من ورائها إخفاء حقائق ثابتة وموثّقة من الاعتداءات السّافرة ضد الصّحراويّين، وهذه كلّها بوادر ملموسة على استيقاظ الضّمير الحيّ لمحبّي السّلام في هذا العالم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024