مسيّرو المؤسّسات الصّغيرة للبناء والأشغال العمومية:

إكراهات مالية تعترض إقلاعنا

تيبازة: علي ملزي

أجمع مسيّرو المؤسّسات الصغيرة المعنية بقطاع البناء والأشغال العمومية بتيبازة على أنّهم حرموا مرارا وتكرارا من مقتضيات المادة 87 من قانون الصفقات العمومية، بالتوازي مع تغريمهم بمبالغ مالية ضخمة من طرف قطاع الضرائب ما فوّت عليهم فرص الاقلاع والتطوّر.

كما ألحّ هؤلاء على انّ المرافقة التي تتحدّث عنها وكالة «أونساج» بالنسبة للمؤسسات التي ولدت من رحمها لا أساس لها في الواقع، بحيث يبقى المستفيد من القرض متخبّطا في مشاكله التقنية والمالية التي لا تنتهي، إلى أن يصل به المطاف إلى حافة الافلاس والتوقف عن النشاط.
وفي ذات السياق، قالت مسيّرة مؤسسة أشغال البناء كريمة عسوس، بأنّ المؤسسات الصغيرة تضطر الى الاقتراض من الخواص من أجل مباشرة مشاريعها باعتبار البنوك ترفض جملة وتفصيلا تمويلها بحجج مختلفة، إلا أنّ تأخر حصول المؤسسات على مستحقاتها من الجهات المستخدمة صاحبة المشاريع كثيرا من يساهم في توقفها وعدم قدرتها على المواصلة، مشيرة الى أنّ البنوك رفضت تمويلها لمباشرة مشروع بقيمة 2,5 مليار سنتيم على سبيل المثال بحجة كونها لا تزال مدينة لقرض وكالة «أونساج»، وحينما يجتمع عاملي الوقت والشحّ فإنّ المآل لا يمكنه أن يصب عادة في غير الافلاس، كما أكّدت كريمة عسوس أنّ المادة 87 من قانون الصفقات العمومية التي تنص على منح ما يعادل 20 بالمائة من المشاريع للمؤسسات المصغرة لا أساس لها على أرض الواقع، ولم تلتزم الجهات المستخدمة صاحبة المشاريع العمومية بتجسيدها، كما أشارت أيضا الى البلديات التي تحتفظ لنفسها بتجسيد مختلف المشاريع المحلية بالتنسيق مع مقاولين أو ثلاثة لكل بلدية، بحيث يتم ترتيب عمليا الاستشارة بطرق ملتوية وفقا لما تنص عليه الاجراءات ليبقى التداول قائما ما بين المقاولين المعنيين بشكل دائم دون تمكن غيرهم من مسيري المؤسسات من الظفر بصفقات محلية تمكنهم من تحسين وضعهم المالي، لاسيما وأنّ الهيئات المستخدمة صاحبة المشاريع الكبرى كثيرا ما تتماطل في تلبية مستحقات المؤسسات الصغيرة حينما تنهي التزاماتها المرتبطة بانجاز المشاريع، الأمر الذي ينعكس سلبا على نمط تسيير المؤسسة من حيث دفع مستحقات العمال ومختلف الالتزامات تجاه الضرائب وصندوق العمال غير الأجراء.
وكنموذج عن فشل المؤسسات الصغيرة في مواكبة التطورات الحاصلة، أشارت كريمة عسوس الى أنّ مؤسستها توقفت عن النشاط منذ فترة، وهي الآن بصدد انتظار مستحقاتها المالية من الجهات المستخدمة لغرض التمكن من الاقلاع من جديد.
غياب المرافقة الفعلية
وفي الاطار ذاته، كشف رئيس مكتب الدراسات والهندسة المعمارية والتعمير بوعوالي بلقاسم متحدثا عن مجموعة من زملائه مسيري مؤسسات صغيرة في مجال البناء والأشغال العمومية، عن وجود حالات عديدة من توقف النشاط لدى مؤسسسات صغيرة بفعل غياب المرافقة الفعلية من طرف الجهات الوصية، تندرح ضمنها إفلاس مؤسسة اقتنى صاحبها آلة تسطيح بقيمة تقارب 900 مليون سنتيم عن طريق وكالة «أونساج» ليتفاجأ بغرامة 360 مليون سنتيم من طرف مصالح الضرائب عقب استفادته من 3 مشاريع فقط. وأشار محدثنا إلى أنّه عادة ما تلجأ وكالة»أونساج» الى إعادة جدولة ديون المستفيد غير القادر على الوفاء بالتزاماته، في بادرة تهدف الى الحفاظ على المؤسسات المنشأة الأمر الذي يطيل من عمر معاناة المؤسسة التي يفضل صاحبها حجز عتاده ومحاسبته منذ الوهلة الأولى تجنبا لديون أكبر، إلا أنّ المستفيد يجد نفسه في آخر المطاف مدينا بمبالغ مالية أكبر لا يمكنه تسديدها بأيّ حال من الأحوال، ناهيك عن اضطراه لتوقيف نشاطه مجبرا بحكم عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه شركائه، وأكّد محدثنا أيضا على انّ مرافقة الشباب المستفيد من وكالة «أونساج» لا أساس لها على أرض الواقع، ويبقى تكوينه لفترة 3 أيام فقط حول مجمل شروط وكيفيات تسيير مؤسسته وعلاقته بمختلف الهيئات العمومية غير كاف تماما لترجمة تلك المرافقة.
وما يلفت الانتباه في هذه القضية كون المؤسسات المنشأة منذ سنوات عديدة لم تنج هي الأخرى من قبضة تماطل الجهات المستخدمة في التخليص وصرف المستحقات، بحيث أشارت مسيرة مؤسسة الدراسات والانجاز فاطمة الزهرة هندة حشاد إلى أنّها لا تزال تنتظر مستحقات مالية لها علقت منذ سنة 2014، مشيرة الى كون الصفقات والمشاريع تراجعت بنسب كبيرة مقارنة مع فترات خلت، الأمر الذي لا يولّد أجواء محفزة للنشاط والتطوّر، وأشارت محدثتنا الى أنّ دفتر الشروط المعمول به حاليا لدى مختلف الجهات المستخدمة يبقى تعجيزيا، ولا يحفّز المؤسسات الصغيرة على الانخراط ضمن برنامج المشاريع الكبرى التي بوسعها تحقيق وثبة نوعية للمؤسسة، بحيث أنّه كثيرا ما يصطدم مسير المؤسسة بعائق شهادة التأهيل التي يصعب الحصول عليها في الواقع لاعتبارات عديدة، أما حينما يتعلق الأمر بتسوية الوضعية التي تدرج ضمن مجمل دفاتر الشروط فإنّ المؤسسات الصغيرة تضطر للانسحاب من المنافسة لأنّها لم تتمكن أصلا من دفع مستحقاتها تجاه متعامليها بخلفية عدم حصولها على مستحقاتها من مستخدميها السابقين، كما أكّدت هندة حشاد على أنّ دفتر الشروط حاليا يقتضي اكتساب قدر كبير من العتاد للتمكن من الظفر بمشاريع معيّنة، الأمر الذي لا تطيقه عدّة مؤسسات تضطر للانسحاب والتوقف عن النشاط في غالب الحالات، ناهيك عن وجود عراقيل أخرى على أرض الواقع تحدّ من عزيمة مسيّر وعمال المؤسسات الصغيرة على التحدي وتخطي الصعاب.
وبهذه المعطيات الواقعية ومعطيات أخرى لم يتم الكشف عنها، فإنّه يستحيل في الواقع على مجمل المؤسسات الصغيرة في مجال البناء والأشغال العمومية التكيف مع الواقع ورفع التحدي، الأمر الذي يعجّل حالة إعلان المؤسسة عن الافلاس والتوقف عن النشاط.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024