من أعماق ولاية معسكر

سكـان الدواويـر يطالبون بجرعــات إضافية للتّنميـة

معسكر: أم الخير ــ س

في الحدود الإقليمية لولاية معسكر مع ولاية سيدي بلعباس، تقع قرية القرايعية التي دبّت فيها الحياة بعد عشرية من الخوف، حيث استفاد سكان هذه القرية التابعة لبلدية بوحنيفية من البناء الريفي والغاز الطبيعي وشبكات المياه والصرف الصحي ومرافق خدماتية صحية، إدراية وتجارية، لكن غير بعيد عن هذه القرية التي مازال سكانها يطالبون بجرعات إضافية من التنمية، تنتشر دواوير عدة على امتداد جبل اسطمبول عبر طريق بلدي محفوف بالمنعرجات على مسافة 30 كلم.

واقع دواوير الموالدة، الزماعشة واسطمبول، لا يختلف قسوة عن دواوير ومناطق ظل أخرى مترامية بإقليم ولاية معسكر، غير أن سكان هذه الدواوير يملكون انتماءً فطريا بأراضيهم غلب قساوة الظروف، وهم يطالبون بتحسين آليات تثبيتهم في الأرياف من برامج تنموية لدعم نشاطهم الفلاحي تتناسب مع طبيعة المنطقة الفلاحية، وبرامج لتحسين الظروف المعيشية على غرار شبكات مياه الشرب وشبكات الصرف الصحي، إضافة إلى توفير النقل والتغطية بالكهرباء الريفية وشبكات الاتصالات، هذه الأخيرة صارت من بين متطلبات فك العزلة عن مناطق الظل، مثلها مثل مشاريع شق الطرق والمسالك التي جاءت في سياقها رخص مالية هامة لانجاز مشاريع بتراب الولاية، منها رخص مالية تزيد عن 1 مليار دينار لفتح المسالك الغابية والريفية وصيانة الطرق بمناطق الظل، إضافة إلى مشاريع للكهرباء الريفية بتراب ولاية معسكر.

مواطنون ضحايا اللاّمبالاة والتّقسيم الإداري المجحف

تتشابه تسميات ثلاث مناطق ظل بمناطق مختلفة من ولاية معسكر، وتتشابه بها تقاسيم الموقع الجغرافي والتأخر التنموي، حيث يظل سكان هذه المناطق المعزولة والواقعة في الحدود الإقليمية للولايات القريبة من معسكر، يلتمسون جرعات إضافية من اهتمام السلطات المحلية ومنتخبيها.
فبالنسبة لدوار «الملح» التابع إداريا لبلدية العلايمية في دائرة عقاز والواقع في أقصى نقطة تفصل إقليم ولاية معسكر بوهران على مسافة أمتار معدودة من دائرة بطيوة، يناشد سكانه السلطات الولائية بمعسكر، الاهتمام بهذه المنطقة النائية وتولي مسؤولية التكفل بانشغالات سكان دوار الملح باعتبارهم من سكان ولاية معسكر، في وقت يظل فيه التقسيم الإداري هو أكبر خطأ جعل هؤلاء السكان يتخبّطون في إشكالية الانتماء الإقليمي، فلا هم تابعون لدائرة بطيوة التي يوفر أحد ناقليها الخواص خدمات النقل والمواصلات لسكان دوار الملح من وإلى مدينة بطيوة، ولا هم يتمتّعون بهذه الخدمة من طرف سلطات بلدية العلايمية في ظل غياب أي وسيلة نقل عمومية أو قانونية تضمن لهم الوصول إلى بلدية العلايمية لقضاء حوائجهم وشؤونهم الإدارية، حيث يأتي انعدام وسائل النقل على رأس انشغالات سكان دوار الملح المعزولين تماما عن البلدية التي ينتمون إليها في الأصل إداريا وإقليميا، والتي يبعدون عنها بحوالي 7 كلم، فيما يشتكي سكان دوار الملح من مشاكل أخرى على غرار الحفر الصحية وغياب شبكات الصرف الصحي، إضافة إلى الانقطاعات المتكررة للمياه والبطالة الخانقة بالرغم من موقع قرية الملح والرحامنية من وحدة لإنتاج الملح باقليم بطيوة في ولاية وهران، ناهيك عن الفراغ الذي يتخبط فيه شباب القرية الناجم أيضا عن عدم توفر مرافق ترفيهية تقلص حجم معاناتهم.
أما دوار المالح في دائرة المحمدية التابع لبلدية سجرارة، فيعاني سكانه من مشاكل لا تختلف كثيرا عن مشاكل سكان دوار الملح، فالنقل لا يتوفر في دوار المالح الذي يضطر سكانه إلى استئجار سيارات الخواص لنقل مرضاهم إلى المستشفيات أو التنقل لقضاء حوائجم نحو بلدية سجرارة أو المحمدية بمبالغ باهضة، إلى جانب مشكل توسع الدوار وعدم استفادة سكانه من التسوية الإدارية لسكناتهم، الأمر الذي يمنعهم من ممارسة الأنشطة التجارية، وفتح محلات لتنشيط الحركية بالدوار الذي يضطر سكانه إلى التنقل مسافات طويلة لشراء كيس حليب من سجرارة أو المحمدية، وهو الأمر الذي يجعل دوار وادي المالح في حالة عزلة وشلل دائم، علاوة على مشكل البطالة الذي قضى على أحلام شباب قرية المالح، الذين لا يجدون بدورهم مكانا يتنفسون فيه بعيدا عن الضغوطات اليومية.
أما دوار الملح التابع لبلدية الزلامطة على مسافة 20 كلم، والواقع على بعد خطوتين من ولاية تيارت، فمعاناة سكانه أكبر من أن توصف بالمعاناة، فهؤلاء المواطنين يتخبّطون في مشاكل متعلقة بجهلهم إلى أي ولاية أو بلدية ينتمون، مثلهم مثل دواوير قريبة من الحدود الاقليمية لولايتي معسكر وتيارت، يشتكي سكانها من العزلة والإقصاء التنموي بسبب التقسيم الإداري والموقع الجغرافي.
مثل دواوير الملح والمالح بمعسكر، مناطق ظل كثيرة أقصيت من برامج التنمية أو ظلت هذه الأخيرة تصلهم بالتقطير، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، يعيش سكان دوار أولاد بغداد الواقع بين إقليم بلديتي غريس وماقضة حياة شبيهة بالحياة البدائية، فسكان هذا الدوار مازالوا يقتنون المياه على ظهور الدواب من المنابع المائية الطبيعية وآبار السقي الفلاحي، ويظل حلمهم منصب على الحصول على ماء الشرب، هذا الحلم الذي بقي بعيد المنال بسبب موقع الدوار في الوسط بين بلديتي ماقضة وغريس رغم أن كلا البلديتين تقعان في إقليم نفس الدائرة ونفس الولاية.

إنشاء جهاز خاص

في ذات السياق، دعا المنتخب بالمجلس الشعبي الولائي حبيبي عبد الرحمن، إلى حشد الجهود لخلق توازن تنموي بين المناطق الحضرية وشبه الحضرية ومناطق الظل، من خلال العمل على إنشاء جهاز يهتم بتنمية مناطق الظل لاسيما تلك الواقعة بالحدود الإقليمية للولايات، ومتابعة تسجيل البرامج التنموية بها، مشيرا بحكم تجربته الطويلة كمنتخب محلي، إلى أنه لابد من تدارك الأخطاء المرتكبة في التقسيم الإداري القديم للبلديات، مع الأخذ بعين الاعتبار مقاييس التقسيم. كما أكد متحدث «الشعب»، أن الكثير من مناطق الظل بتراب ولاية معسكر ظلمت وأقصيت من برامج التنمية بسبب موقعها الجغرافي، لافتا إلى الدواوير المعزولة بجزء من دائرة وادي الأبطال ودائرة عوف والمتاخمة لجبال ولاية سعيدة المحسوبة على المناطق السهبية، قائلا إنّه من المفروض أن تستفيد مناطق الظل بالناحية الجنوبية لولاية معسكر من برامج الصندوق الخاص بالسهوب والهضاب العليا، بحكم طبيعتها وتضاريسها الجغرافية، غير أن ذلك بقي معلّقا منذ عقود من الزمن على قرارات مركزية.
ونحصي ولاية معسكر 369 منطقة ظل مقابل 958 مشروع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19444

العدد 19444

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19443

العدد 19443

السبت 13 أفريل 2024