بأسواق بغلية، يسر وبودواو

الظّاهرة تلقى رواجا ومخاطر محدقــــة بالصّحة العمــــومية

بومرداس: ز ــ كمال

واكب بائعو الأعشاب الطبية الموجّهة للتّداوي من بعض الأمراض المستعصية وحتى مستحضرات التجميل ومختلف المواد الأخرى والتّركيبات الكيماوية الجالبة للحظ، محاربة العنوسة وإنجاب الأطفال يوميات المجتمع الجزائري منذ عقود من الزمن، حيث شكّلت الأسواق الشعبية في البداية على غرار سوق بغلية، يسر، بودواو وغيرها مرتعا مفضّلا لمحترفي هذا النشاط القادمين من ولايات عدة لعرض منتجاتهم التقليدية التي كانت ولا تزال تلقى رواجا كبيرا خاصة من طرف النساء وكبار السن دون اكتراث للأخطار والمضاعفات الصحية المستقبلية.
لقد كان في بداية الأمر الأعشابي ينشط تقريبا بطريقة غير قانونية وكان البعض منهم بالفعل يحرص على تقديم أعشاب طبية ومستحضرات بسيطة لمواد متداولة في القاموس الطبي الشعبي، وهي عبارة عن نباتات طبيعية معروفة مثل مادة «الشيح» المخصّصة لمعالجة مرض السكري وأخرى مستوحاة من الطب النبوي كالحبة السوداء، الأمر الذي أكسبها ثقة كبيرة وإقبالا متزايدا من طرف المرضى خاصة بالنسبة للذين عجز الطب الحديث عن علاجهم.
لكن مع مرور الوقت أصبح نشاط بيع الأعشاب والمستحضرات الطبية الشعبية يلقى رواجا كبيرا وسط المجتمع من مختلف الفئات بالخصوص النساء وكبار السن من الشيوخ، الذين ينجذبون بسهولة لمهارات التسويق والحديث المعسل الموزون دون انتباه لطبيعة التركيبة الكيماوية للمواد ولا خطورتها الصحية على الجسم.
وبهدف الاستشارة القانونية لطبيعة النشاط الذي شهد توسعا كبيرا في السنوات الأخيرة، وارتقى من حيث التنوع والثراء في المواد الطبية المعروضة في محلات راقية وصلت إلى حد منافسة الصيدليات في بعض الفروع. سألنا أحد الموظفين بمصلحة السجل التجاري بولاية بومرداس عن مسالة الترخيص والسجل التجاري، حيث أكّد مصدرنا «أنّ النّشاط موجود في مدوّنة النّشاطات التجارية كأعشابي يقوم ببيع الأعشاب الطبية لكن عملية الرقابة والمتابعة على المنتجات المعروضة بالمحل من صلاحيات مديرية التجارة، ونفس الأمر بالنسبة للناشطين بطريقة غير مقننة في الأسواق أو في مركبات متحركة..».
ولمعرفة بعض خبايا النشاط وسر الإقبال الكبير الذي تعرفه محلات بيع الأعشاب الطبية المعروفة بالطب البديل ومواد التجميل المختلفة، اقتربنا من بعض المواطنين بولاية بومرداس الذين كان لهم تجربة اقتناء مثل هذه المواد الطبية، وفي هذا الشأن تقول كل من «و، فاطمة الزهراء» و»ف، غانية» وهما موظفتان بدار الثقافة عن الموضوع: «بالفعل هناك إقبال كبير على اقتناء الأعشاب الطبية ومختلف المستحضرات المعروضة بالمحلات المتخصصة التي لا تزال تنشط بصفة عادية بولاية بومرداس وخاصة من طرف النساء، في حين تبقى طريقة الإقبال على المعروضات تختلف من شخص إلى آخر، حيث يفضل البعض عدم المغامرة أو إبداء ثقة عمياء في كل المنتجات المقدمة من طرف البائع، ويكتفي فقط بشراء أعشاب طبية أو مستحضرات معروفة اجتماعيا وحتى صحيا بناء على التجارب السابقة للاستعمال، في حين نجد الغالبية العظمى لا تكترث لمسألة المضاعفات الصحية الخطيرة، وهمّها الوحيد إيجاد مستحضر لعلاج المرض ونخص بالذكر هنا الأمراض المزمنة، المساعدة على الإنجاب، عقاقير لزيادة الوزن أو تخفيضه وغيرها من المستخلصات الأخرى التي تبقى في نهاية المطاف محاولات يائسة لعلاج أمراض عجز عنها الطب الحديث، وهذا تقريبا من منطلق نفسي يتعلق به المريض ويعبر عن طبيعة المجتمع التقليدي المتشبع بمثل هذه الأفكار والقناعات»، على حد قولهما.
كما كشفت لنا طالبة من جامعة بومرداس من المهتمين بالموضوع بالقول «أن الأمر أخطر من ذلك وأبعد، حيث يقوم بعض الباعة المتخصصين في الأعشاب الطبية بمحلات متواجدة ببومرداس مركز ببيع زيت الفيجل والوسيلة على أساس أنها مرقية رقية شرعية تحارب مس الجن يتم جلبها من خارج الوطن مثلما يدعي البائع المعروف بطلاقة لسانه وقدرته على الإقناع..». ليبقى في الأخير نشاط بيع الأعشاب الطبية والمستحضرات الكيماوية مثل المكمّلات الغذائية بحاجة إلى مراقبة دقيقة ومتابعة من طرف مصالح الرقابة لمديرية التجارة من أجل حماية المستهلك والصحة العمومية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024