لا أثر للحركة الجمعوية بولاية تيبازة

تنامي ظاهرة «ناس الخير» وتراجع لدور المعتمدة وحضور على الورق فقط

تيبازة: علاء ملزي

يكاد ينعدم أثر الحركة الجمعوية على أرض الواقع بولاية تيبازة بالرغم من تجاوز عدد الجمعيات عتبة الألف، اضافة الى عشرات المكاتب الولائية لجمعيات وطنية لا يدرك هويتها المجتمع التيبازي لأسباب لها علاقة وطيدة بمحدودية نشاطاتها وندرة خدماتها تجاه المجتمع.
 الغريب في واقع هذه الجمعيات كون بعضها لا يقدر على دفع مستحقات الإشهار في الصحف في حالات الانشاء والتجديد معا بالرغم منها تحمل طابعا ولائيا فتجد القائمين عليها يتوسلون لممثلي الجرائد الوطنية للاستفادة من هذه الخدمة مجانا، أما عندما يتعلّق الأمر بدفع الاشتراكات الشهرية أو الدورية من طرف اعضاء الجمعية وفقا لما ينصّ عليه القانون الداخلي فإنّ ذلك يعتبرا أمر مرفوضا من طرف الجميع لتبقى الجمعية مع ذلك تنتظر مساعدات مالية من الجهات المعنية لمزاولة نشاطها، وبالنظر الى كون الوصاية لا تفرج عن هذه المساعدات عادة سوى مقابل تقرير مالي مفصل لنشاط الجمعية على مدار السنة فقد اضمحلّ نشاط الجمعيات وتراجع خطوات إلى الوراء خلال السنوات الأخيرة التي شهدت تطبيق مبدأ ترشيد النفقات، فيما لا تزال تلك الجمعيات تتحجّج بتراجع المساعدات المالية التي تتيح لها تجسيد مشاريعها على أرض الواقع.
ويبقى القطاعان الرياضي والثقافي الأهم ولائيا من حيث استقطاب الجمعيات، إلا أنّ نشاطات هذه الأخيرة تبقى جدّ محدودة مقارنة مع عددها الهائل الذي تزخر به أقاليم الولاية من شرقها إلى غربها، بحيث لا تزال الجمعيات الرياضية تعتمد أساسا في تمويلها على ما تجود به مصالح الشباب والرياضة كما لا تزال الجمعيات الثقافية تنتظر هبات متنوعة من مصالح الثقافة بالولاية أو حتى من البلديات التي تنتمي إليها مقابل خدمات ثقافية محدودة تقدمها من حين لآخر، إلا أنّ الأزمة المالية التي عاشتها تلك الجمعيات مؤخرا أرغمت بعضا منها على الاعتماد على نفسها من خلال عرض خدماتها على الجمهور العريض والمؤسسات الثقافية بمقابل مالي لا يفي الغرض أحيانا، ولكنه يبقى مهما بالنسبة للجمعية من حيث دعم خزينتها ونشاطاتها، ليتحوّل الاعتماد في مثل هذه الحالات إلى سجل تجاري تستغلّه الجمعية دون التعرّض لمتابعة دقيقة من طرف مصالح الضرائب، فيما تخلّت جمعيات أخرى عن واجباتها التي نشأت من أجلها وأضحت مختصرة في الواقع في رئيسها الذي يستغلّ موقعه لقضاء شؤونه الخاصة بحيث لمسنا وجود مكتب ولائي لجمعية وطنية يمثله شخص واحد دون سواه ودون أي تمثيل على مستوى البلديات ناهيك عن وجود جمعيات أخرى كثيرة من هذا النمط لا يسع المقام لذكرها تجنبا للفتنة.
  ولكن الذي يبقى يطرح على العامة أكثر من علامة استفهام في مجال العمل الجمعوي يكمن في الانتشار الرهيب واللافت للمجموعات التي تدعى بناس الخير والتي تمارس العمل الخيري عن طواعية اعتمادا على تبرعات المحسنين دون الحاجة لتشكيل جمعيات منظمة وفقا لقانون الجمعيات المعمول به بحيث يلقى هذا النمط تجاوبا ملحوظا من طرف عامة الناس، سواء تعلّق الأمر بتقديم المساعدات العينية لغرض ايصالها للمحتاجين أو حتى بحملات التطوع التي تنظم من حين لآخر، مع الإشارة الى كون هذه المجموعات تمارس نشاطات ظرفية ومناسباتية ولا تلتزم ببرنامج سنوي محدد، وتكشف هذه الظاهرة حسب بعض المتتبعين قصورا لافتا للجمعيات في تواصلها مع المجتمع الذي لم يعد يثق فيها بقدر ما يثق في مجموعات ناس الخير، وقد برز ذلك جليا من خلال عمليات تطوع كثيرة ومتنوعة نظمتها جمعيات معتمدة قانونا حول قضية تنظيف المحيط لاسيما خلال فصل الصيف، إلا أنها لم تستقطب عددا معقولا ومقبولا من المتطوعين بالرغم من كونهم معنيين بالدرجة الأولى كان يساهم سكان حي ما في عملية تنظيف حيّهم، وبالرغم من كون الجمعيات الداعية للتطوع تحاولا باستمرار توفير القيمة المضافة لصالح المواطن من خلال تقديم خدمات تليق بترقية الإطار المعيشي له.
وكان والي الولاية موسى غلاي قد أعرب عن امتعاضه من هذا الواقع الأليم الذي تعيشه الجمعيات محليا من حيث تسجيل مئات الجمعيات على الورق وثلّة قليلة على أرض الواقع، وأشار على هامش تكريم جمعية النشاطات العلمية والثقافية للطفولة والشباب لعمال النظافة ببلدية أحمر العين إلى وجود أكثر من ألف جمعية على المستوى الولائي إلا أنّ معظمها تعتبر جمعيات بالاسم وفقط ولا تترك بصماتها على أرض الواقع داعيا المجتمع المدني الى تبني مبادرات محلية لفائدة المصلحة العامة وفق ما يضفي مزيدا من الجركية والنشاط للحركة الجمعوية ويوفر خدمات إضافية للمجتمع تقوي الجهد الذي تبذله السلطات العمومية في هذا المنحى.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19423

العدد 19423

الأحد 17 مارس 2024
العدد 19422

العدد 19422

السبت 16 مارس 2024
العدد 19421

العدد 19421

الجمعة 15 مارس 2024
العدد 19420

العدد 19420

الأربعاء 13 مارس 2024