النّاشطة جميلة بلحميش لـ «الشعب»:

حضور دائم في الميدان للاطّلاع على الظروف الاجتماعية للعائلات

تيارت: ع - عمارة

تعتبر السيدة جميلة بلحميش أو «أم وسيم» كما يحلو لها ان تسمي نفسها، أول امرأة تنتمي إلى جمعية ببلدية مدريسة بولاية تيارت، وانضمّت إلى عالم الشغل ككاتبة بمتوسطة كمال الاطرش في إطار تشغيل شباب مديرية النشاط الاجتماعي كونها تحمل شهادة خريجي جامعة التكوين المتواصل قانون الأعمال.
وساهمت السيدة جميلة في تكوين بعض الفتيات في مجال صنع الحلويات ببيتها بمساعدة والدتها التي تعتبرها قرة عينها والمرأة التي ساعدتها على مواصلة درب الحياة، محدّثتنا شغلت عاملة بمخبزة خاصة لصنع الحلويات ببلدية محافظة لا تعمل فيها المرأة في غير مجالات الادارة، الصحة والتعليم، وآخر منصب شغلته لحد الآن هو عون إدارة بالبلدية، وهي الان بين عملها ككاتبة وعملها التطوعي في الهلال الأحمر الجزائري.
فتحت لنا السيدة «أم وسيم» سريرتها لتفصح عن مدى اكتسابها لقلوب الجميع والعمل على لمّ شمل بعض الأسر بحكم التجربة التي خاضتها في الزواج ولم تنجح كونها تطلقت في ظروف صعبة في غياب الوالد المتوفي وتربية «وسيم»، الولد الوحيد ممّا أدى الى صعوبة التوفيق بين العمل والوقوف مع «وسيم».
وفي هذا الموضوع تقول السيدة جميلة إن الطلاق لا يعتبر عائقا أمام المراة كما يعتقد البعض، فهو محطة في مسار الحياة، وتجربة نتوقف عندها برهة ونكمل المسيرة، وليس محطة أخيرة. تقول محدثتنا إن خدمة الناس البسطاء تنسيك هموم الدنيا ولا سيما عندما تحتك بالمحتاجين والذين لا سند لهم، الكاتبة والجمعوية جميلة دخلت قلوب الناس عن طريق الهلال الاحمر الجزائري، الذي عرفت من خلاله كما قالت فئات كثيرة من المجتمع في أمس الحاجة لكنها لا يشتكي حتى تدخل عليها أعضاء الجمعية.
 ومن بين ما حصل مع «أم وسيم» أنها أطلقت على طفل اسم «ابن الهلال» كون هذا الطفل «وليد» كان صغيرا جدا وتجرّأ وذهب إلى مقر مكتب الهلال الاحمر الجزائري بمدريسة، وطالبهم بتوفير طرد لأمه المريضة في البيت في غياب الأب المتوفي. حصل ذلك سنة 2008 واستقبله المشرفون على الجمعية ومنحوه ما أراد، بينما لم تنساه «أم وسيم» وتابعته وطلبت منه العودة الى المكتب يوميا لأخذ ما تحتاجه الاسرة في شهر رمضان. الطفل «وليد» كسب ثقة الجميع بسبب جرأته وفطنته لأن بعض الشباب أو الاطفال يخجلون من مساعدة الوالدين ولا سيما أخذ الأغذية، بينما «وليد» فعلها، حيث كان يقطع قرابة 1 كلم ونصف من البيت إلى مقر مكتب الهلال الاحمر، ومن ذلك اليوم والسيدة جميلة تعتبره ابنها وتعطف عليه وتستقبله في بيتها وتعتبره أخ ابنها وسيم، كما أنها تساعده في الدراسة وفي حل جميع مشاكله. لم تتمالك محدثتنا نفسها وذرفت الدموع عند الحديث عن «ابنها وليد» الذي يدرس بالمتوسط وهي جد مسرورة كونه متفوقا في الدراسة وتتمنى أن تراه إطارا كبيرا في المستقبل وتتشرف في المساهمة في تكوينه.
واكتسبت ضيفتنا مهارة في العمل وتجربة في الحنان، بحكم عملها في البلدية تلتقي مع جميع أطياف المجتمع، ومن بين ما تفتخر به ضيفتنا هو المساهمة في فك الخلافات بين الاسر عندما يطلب منها ذلك، فقد استطاعت ان تفك خصام طلاق بين زوجين باعتبارها تعمل في مصلحة عقد الزواج، وساعدت الكثير ممن يجهلون اهمية عقد الزواج بالنسبة للمتزوجين عرفيا واستطاعت - كما قالت - أن تجد مكانة للمرأة بمدريسة من خلال تخصيص شباك للنساء في استخراج الوثائق الادارية، وتقديم الخدمة لهن ولا سيما الأرامل والمسنات.
وطالبت جميلة من خلال منبر جريدة «الشعب» أن تتكتل النساء الأرامل والمحتاجات في جمعيات وكسب قوتهن بأيديهن من خلال الخياطة وصنع الحلويات، والمشاركة في مساعدة اسرهن عن طريق الادماج في القرض المصغر الذي اطلقته الدولة نظرا بصعوبة ظروف المعيشة.
وعن التوفيق بين العمل كإدارية لمدة 8 ساعات في اليوم وأسرتها المتكونة من الوالدة والابن وسيم، قالت إن الفضل يعود الى الام التي ساعدتها كثيرا ولا سيما في الاوقات الحرجة التي مرت بها بعد الطلاق، فلم تجد سوى والدتها التي احتضنتها وساعدتها، ولا تزال تساعدها فرغم سنها الا انها لا تزال تقوم باشغال البيت مثل الطبخ والغسيل والكثير من الاعمال، وكذا مرافقة «وسيم» إلى المدرسة، والذي لا يزال ينادي جدته «مامي» لأنّها ربته وأحسنت اليه.
«لن أرد جميل أمّي» تقول السيدة جميلة بلحميش لأن «قيمة فضلها كبيرة جدا، ولن أستطيع رد فضائلها علي في الدنيا،أتمنى لها الصحة والعافية وخير الخاتمة، وبمناسبة عيد المرأة أقول إنّ أمّي هي أفضل امرأة في العالم». «وأعتبر - تقول ضيفتنا - النساء المنخرطات أو المسجلات في الهلال الأحمر بمدريسة كنساء مثاليات لانهن يكافحن رغم الصعاب ولا سيما الارامل اللاّئي قمنا بزيارتهن في المناطق الريفية، وأقول للمسؤولين المحليين التفتوا الى النساء المحتاجات والارامل وذوي الحاجات، ووفّروا لهن ما يحتجن، من عمل، سكن، عطف وحنان، وأقول للشباب برّوا والديكم يبرّكم أبناءكم، وعيد سعيد لكل نساء الجزائر وعلى رأسهن أمّي».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024