حركية دبلوماسية قبل أقل من شهرين عن انعقادها بالجزائر

«قمّة نوفمبر».. تجاوب عربي وثقة بلا حدود

فتيحة كلواز

 تطلعات شعوب المنطقة.. بداية جديدة لتوحيد الصف العربي

رهانات وتحديات تستدعي مقاربة اقتصادية شاملة وتنمية مستدامة

باشرت الجزائر بحر الأسبوع الجاري تسليم رؤساء الدول العربية دعوة رئيس الجمهورية للمشاركة في القمة العربية المزمع انعقادها في 1 و2 نوفمبر القادم، ليبدأ العد التنازلي لقمة تتزامن مع مستجدات إقليمية ودولية تستدعي توحد الصف العربي لمواجهة تداعياتها على المنطقة، قمة ستكون نقطة حاسمة ومحورية لاجتماع العرب حول رؤية اقتصادية شاملة لتحقيق تنمية مستدامة تتطلع إليها الشعوب العربية.

قبل أقل من شهرين عن انعقاد أشغال القمة العربية القادمة في 1 و2 نوفمبر القادم، تسعى الجزائر الى تجميع الدول العربية في قمة عربية لا تريدها ان تكون من اجل الحضور فقط بل لوضع النقاط على الأحرف، اتجاه جملة من القضايا التي تهم المنطقة العربية أبرزها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية بالمشرق، بالإضافة الى مسائل أخرى هامة ومصيرية.
الى جانب اجتماع العرب على رؤية اقتصادية شاملة لتحقيق تنمية مستدامة والاستمرارية في الملف الشامل للألفية للتنمية، حيث تسعى الجزائر لان تكون ضمن هذا السياق الاقتصادي والتنموي، وسط جملة من المتغيرات والأحداث السريعة.
في اتصال مع «الشعب»، وضعت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتورة نبيلة بن يحيى الخطوط العريضة لحركية دبلوماسية بأبعادها المتعددة، يؤكد الدور الإقليمي والدولي الذي تؤديه الجزائر كدولة عربية، مغاربية، افريقية، متوسطية وإنسانية، من خلال بلورة مفهوم الديناميكية السياسية الفاعلة والمتجددة لدور الجزائر الراهن والمقبل.
وعن آخر المستجدات، أكدت الدكتورة ان تفضيل سوريا عدم طرح موضوع استئناف شغل مقعدها بجامعة الدول العربية خلال قمة الجزائر، «حرصا منها على المساهمة في توحيد الكلمة والصف العربي في مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي» حسب بيان وزارة الخارجية.
ويتم تسجيل الدولة الجزائرية ماضية في تحضيراتها للقمة قبل اقل من شهرين من انعقادها، بحركية دبلوماسية حثيثة من اجل جمع المهم والفاعل في هذه القمة، ـ أضافت المتحدثة: «وقد شاهدنا استقبال وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج هذا الأسبوع من طرف الرئيسين الفلسطيني والمصري لتسليمهما رسالة الدعوة التي وجهها إليهما رئيس الجمهورية للمشاركة في أشغال القمة العربية الـ 31.
وأكد الوزير خلال زيارته للدولتين جاهزية الجزائر لعقدها، معربا في نفس الوقت عن ارتياحه «الكبير» لمستوى التجاوب الذي عبرت عنه الدول العربية من أجل المساهمة في إنجاح هذا الموعد، وقد عبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن ثقة العرب وامله بأن تكون القمة القادمة «مهمة في تاريخ العمل العربي المشترك وسبباً للالتئام والوحدة، وتعبيرا أصيلا عن الرأي العام في بلادنا الذي يرغب في رؤية زعمائه وقد اجتمع شملهم وتوحدت كلمتهم».
في السياق نفسه ابرزت المتحدثة ان الكلمة الفاصلة هو في نجاحها وفاعليتها، فالمهم هو ما سينبثق عن هذه القمة من مخرجات وقرارات ترسخ وتفعّل العمل والدفاع العربي المشترك، خصوصا ما تعلق بإطلاق تنمية عربية مشتركة في ظل التحديات الإقليمية والدولية أمنيا واقتصاديا، غذائيا وصحيا، معتبرة انه من الملفات ذات الأولوية التي تتوقعه وتنتظره شعوب المنطقة من القمة العربية المزمع عقدها في الجزائر.

حدث مفصلي مهم يمهد للقمة
وعن اجتماع الفصائل الفلسطينية بالجزائر قبيل القمة العربية، اعتبرته بن يحيى حدثا مهما لتنبيهه على ان القضية الفلسطينية قضية توحد كل الأطراف الفلسطينية وأيضا العربية الوفية والمخلصة لأم القضايا.
ما قامت به الجزائر لتوحيد الرؤية السياسية الحقيقية ضمن فهم الفكرة المؤدية الى تحرير الشعب الفلسطيني من احتلال استدماري استهدف الفلسطينيين بإبادتهم وتهجيرهم من أراضيهم، لذلك هي مبادرة من اجل الدفع بالقضية الى رؤية أكثر تفاعلا ونجاحا لفهم الرهانات المقبلة التي تستدعي ان يكون الصف الفلسطيني موحدا، حتى وان تعددت الرؤى يبقى الهدف الأساسي واحدا هو تحرير فلسطين من براثن الكيان الصهيوني.

مالي..السلم والمصالحة
كانت المقاربة الجزائرية دائما واضحة اتجاه إفريقيا من خلال تأكيدها المستمر على سياسة الحوار وعلى التوازنات السياسية الموجودة في إفريقيا، وكانت دوما سليمة في مبناها الاستراتيجي ومسعاها الإتزاني مع كل الأطراف الإفريقية، منها منطقة الساحل وتحديدا مالي، التي تمر اليوم بمرحلة انتقالية تراهن الجزائر على تفعيل اتفاق السلم والمصالحة يؤسس لاستقرار المنطقة،  خاصة وان الشعوب الافريقية رفضت وترفض الوجود الأجنبي، في وقت باتت فيه المقاربة الجزائرية المقاربة الصحيحة والسليمة في تأمين منطقة الساحل بشهادة عديد الفاعلين في العالم.
وعن اتفاق السلم والمصالحة، قالت الدكتورة إن الجزائر بلورت تفاصيله منذ 2015 حيث كان له بعدا استراتيجيا لاستقرار منطقة الساحل، رغم المحاولات المتكررة لبعض الأطراف الخارجية لإفشاله بالنظر الى التدخلات العسكرية الأجنبية في المنطقة.
وكانت المقاربة الجزائرية ومن خلال هذا الاتفاق السمة البارزة في حل الأزمات المتكررة في منطقة الساحل بالأخص مالي، نظرا للثقة الكبيرة التي تتمتع بها الجزائر مع مختلف الأطياف السياسية بمالي سواء كانوا من السياسيين أو العسكريين أو من المجتمع المدني، نظرا للعلاقات المتجذرة بين البلدين تاريخيا وعلى المستوى الاجتماعي لوجود قرابة اجتماعية بين البلدين.
في الوقت نفسه، يكرس الاتفاق لمقاربة فعالة وللعمق الاستراتيجي الذي تتمتع به الجزائر في الساحل، ولفهمها الحقيقي لمشاكل المنطقة، يأتي هذا الفهم في إطار تحديد التوازنات السياسية الموجودة في إفريقيا، بمقاربة أكثر براغماتية ونضجا وفاعلية، وهذا ما هو كائن لتفعيل اتفاق السلم والمصالحة الذي يعتبر مفتاح حل العديد من التعقيدات الجيو ـ سياسية في هذا البلد الشقيق والصديق.
وهو ما تم لمسه ـ استطردت الدكتورة نبيلة بن يحيى  ـ من لقاء وزير الخارجية والجالية الوطنية بأفراد الجالية الوطنية المقيمة بمالي السبت الماضي، حيث عبروا عن أملهم الكبير في «تطوير المبادلات التجارية أكثر فأكثر، لاسيما عبر تسهيل الإجراءات الإدارية والجمركية بشكل يسمح بالرفع من صادرات المنتجات الجزائرية الى مالي»، في المقابل رحبوا «بالفتح الوشيك للخط الجوي بين الجزائر وباماكو والإجراءات الأخرى التي أمر بها مؤخرا رئيس الجهورية، ما سيكون له تأثير كبير على المبادلات الإنسانية والاقتصادية الجزائرية - المالية».

إفريقيا البعد الاستراتيجي
وعن الحركية الدبلوماسية التي تعرفها الجزائر اليوم، أكدت بن يحيى أن مساعي الجزائر الحثيثة تصب كلها في هدف واحد هو تأسيس منظور اقتصادي عالمي جديد، في وقت رحبت ودعت عديد البلدان لأن تكون الجزائر الصوت المرافع لقضايا القارة الإفريقية والعربية مجتمعة في مجلس الأمن.
وتحدثت المختصة عن الأزمة الليبية التي ازدادت تعقيدا وتشابكا رغم وضوح المقاربة الجزائرية بأن يبقى الخلاف ليبي ـ ليبي وضرورة ان يكون الحل ليبيا - ليبيا، وفق مقاربة حوارية وسلمية بعيدة كل البعد عما هو جاري في ليبيا اليوم.

 اوروبا...مقاربة براغماتية
أما فيما يتعلق بالبعد الاقتصادي للدبلوماسية الجزائرية في سياق تعاونها مع القارة الأوروبية، قالت المتحدثة إن القارة تعيش اليوم أزمة طاقوية جد صعبة، ما يجعلها مقبلة على شتاء قاس جدا، لذلك أطلقت الجزائر جملة من المشاريع مع بعض الدول الافريقية بصفة خاصة انبوب الغاز النيجر- نيجيريا، المرتبط بقراءات استراتيجية متعلقة بالحركية الدبلوماسية الجزائرية نحو القارة الافريقية، وبعض الدول العربية والأجنبية.
حيث تتبنى مقاربة متوازنة جدا مع مصالح الدولة الجزائرية في «أمننة» مناطق الجوار، الى بعث مقاربة الأمن والتنمية من خلال المناطق الحدودية، الى جانب إطلاق مشاريع استراتيجية لفك العزلة عن بعض الدولة الإفريقية، وبعث اقتصادي سينعش حتما بعض الدول الأوروبية المتمركزة بحوض المتوسط.
في الوقت نفسه، أوضحت أن الدبلوماسية الجزائرية ذات بعد براغماتي، واقعي، بثوابت معروفة تمثل الهوية التاريخية للجزائر في بعدها التحرري، يحمل مقاربة إنسانية شاملة هذا من جهة، ومن جهة أخرى ، فإن مقاربة الجزائر شاملة تجمع أطرافا متنوعة لبحثها عن تنويع شركائها، بدليل الزيارات المتعددة لرؤساء مختلف دول العالم إليها.
 وكانت زيارة الرئيس الفرنسي نهاية الشهر الماضي أحدها، فقد شملت جملة من الملفات الثنائية المهمة، وكانت في مجملها ضمن لجنة مشتركة تحددها علاقات بينية وفق الندية وتوازن المصالح والاحترام المتبادل.
وخلصت بن يحيى الى إدراك الدبلوماسية الجزائرية بالتغيرات الجيو ـ سياسية الواقعة في المجتمع الدولي والتغيرات التي هي ضمن هذا البعد الشامل والكُلاني في حقل العلاقات الدولية في افريقيا، حيث تعتبر الجزائر بعدا افريقيا استراتيجيا باعثا لتنمية حقيقية، وهذا بالضبط ما تطالب به الشعوب الافريقية.
الدبلوماسية في بعدها الاستراتيجي تدخل ضمن الدبلوماسية السياسية بالإضافة الى الدبلوماسية الاقتصادية، التي تعكسها مشاريع اقتصادية ستحرك المجال الحيوي في الجزائر وافريقيا وفي غيرها من الشراكات المتنوعة سواء مع تركيا او الصين او المجموعة الاوربية بالأخص إيطاليا، والدول العربية تحديدا الخليج العربي وغيرها من الدول.

 احترام الشرعية الدولية
كما تحدد الأعراف الدبلوماسية تعاملها مع الدول ضمن احترام الجزائر للشرعية الدولية في محاكاة الأزمات الراهنة، على الرغم من دعوتها المتكررة الى إصلاح منظومة الأمم المتحدة، لوجود مجموعة من الأحداث المتسارعة التي قفزت عن الهيئة كهيكل، حتى تتجدد هيئة الأمم المتحدة بمدخلات جديدة من خلال عضوية دول تعمل على حل المعضلات والازمات وعلى رأسها الجزائر.

 

 

تغطية أشغال القمة العربية :
 
وزارة الاتصال تدعو الصحفيين إلى تقديم طلبات اعتمادهم قبل 15 سبتمبر
دعت وزارة الاتصال، أمس الأربعاء في بيان لها، الصحفيين المعنيين بتغطية أشغال القمة العربية المزمع انعقادها بالجزائر بداية شهر نوفمبر المقبل إلى تقديم طلبات اعتمادهم قبل 15 سبتمبر الجاري.
وجاء في البيان أنه «في إطار التغطية الإعلامية لأشغال القمة العربية المزمع انعقادها بالجزائر يومي 01 و02 نوفمبر 2022، يشرفني أن أطلب منكم تعيين مصور وصحفي يكون ملما بقضايا الشأن العربي وإرسال الملفات عبر الرابط الالكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. وإيداع نسخة من الملف على مستوى وزارة الاتصال، مديرية وسائل الإعلام، مكتب  701».
و يتضمن ملف طلب الاعتماد «الاستمارة المرفقة مملوءة بعناية، موقعة ومختومة من قبل مدير المؤسسة، صورة شمسية واحدة، نسخة طبق الأصل لبطاقة التعريف الوطنية، طلب باسم الصحفي والمصور المراد اعتمادهما موقع ومختوم من قبل مدير المؤسسة».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024