الاعترافات الأوروبية المتوالية بدولة فلسطين..

هـــــــل تفتــــــح كــــــــوّة في جــــــدار الصمــــــت؟!

علي مجالدي

 

في سؤال حول كيفية قراءة موجة الاعترافات الأوروبية المتجددة بدولة فلسطين، اعتبر صلاح عبد العاطي، أن هذه الخطوات تحمل دلالات سياسية مهمة في ظل الإنكار الصهيوني الممنهج لحقوق الفلسطينيين، لكنها تبقى في جوهرها متأخرة ولا توازي حجم المأساة القائمة. فالدول الأوروبية، على حدّ تعبيره، هي ذاتها التي دعمت قيام الكيان الصهيوني، وساهمت بصمتها في شرعنة جرائم الاحتلال لعقود، وهي اليوم مطالبة بأكثر من مجرد اعتراف رمزي.


وأشار عبد العاطي إلى أن الكيان تعامل مع هذه الاعترافات بانفعال هستيري؛ لأنه يرى فيها بداية تحول في المشهد الدولي، لكنّ ذلك لا يعني أن التحول قد اكتمل أو أنه يملك حتى الآن قوة التأثير المطلوبة، «ما لم تُترجم هذه المواقف إلى إجراءات فعلية، كالضغط لوقف العدوان، وفرض العقوبات، وتعليق اتفاقيات الشراكة والتبادل، فإن أثرها سيبقى محدودًا»، يقول عبد العاطي، منتقدًا بشدة ما وصفه بـ»التواطؤ الأوروبي» مع الاحتلال، خاصة من خلال التراجع عن خطوات كان يُفترض اتخاذها في اجتماع وزراء الخارجية، كتجميد اتفاقية التجارة الحرة مع الكيان الصهيوني.
في السياق، أشار محدثنا إلى أن الاتحاد الأوروبي قدّم غطاءً سياسيًا ناعمًا لدعم الاحتلال من خلال تصريحات المفوضة كايا كالاس بشأن ضمان دخول المساعدات، بينما لم تنفذ شيئًا من ذلك على الأرض. وأضاف أن «ما جرى لم يكن إلا محاولة لامتصاص الغضب، وتفريغ الضغط الشعبي، دون نية حقيقية لمحاسبة دولة الاحتلال».
ورغم ترحيبه بالمؤتمر الدولي الذي انعقد مؤخرًا في نيويورك، عاد عبد العاطي ليؤكد أن نتائجه بقيت حبيسة التوصيات، ولم تتجاوز الحديث العام عن الإعمار، دون التطرق الجاد إلى إنهاء الاحتلال أو فرض جدول زمني ملزم. بل الأسوأ - كما وصفه - هو أن المؤتمر حمل في بعض فقراته نبرة لوم للفلسطينيين، في انزياح خطير عن جوهر الصراع الحقيقي، ومحاولة لإعادة تدوير السردية من جديد.
وأكد عبد العاطي أن الصهيونية لا تريد أي طرف فلسطيني على الأرض، لا السلطة ولا حماس ولا حتى لجنة الإسناد المشكّلة ضمن الاتفاق الوطني في مصر. «هي تريد غزّة بلا مسؤولية، بلا سكان، بلا مستقبل..احتلال بدون كلفة»، كما يرفض الكيان حتى المقترحات المتعلقة بإرسال قوات عربية أو دولية، ويرفض إعادة إعمار منظمة، أو خطة تعافٍ، أو حتى أي صيغة للحل المرحلي.
وفي المقابل، تحدث عبد العاطي عن تطور لافت على الساحة الدولية تمثّل في تحالف لاهاي، الذي تقوده كولومبيا وجنوب أفريقيا، ويضم أكثر من ثلاثين دولة، منها دول عربية، وقد بدأ بالفعل باتخاذ خطوات عملية مثل وقف تصدير الفحم إلى الكيان الصهيوني. واعتبر أن هذا التحالف الجديد يشبه، من حيث الروح، انبعاث حركة عدم الانحياز، ويُمثل رافعة سياسية وإنسانية مهمة إن تم توسيعها وتحويلها إلى جبهة ضغط متماسكة.
كما دعا إلى تفعيل القرارات السياسية العربية، وعدم الاكتفاء بالخطابات، مشيرًا إلى مبادرات سابقة طرحتها الجزائر ومصر ولبنان لإعادة الاعتبار للدور العربي في المساءلة الدولية، ومنها دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة. وطالب بتشكيل صندوق عربي لدعم المسار القانوني، ومواكبة جهود التوثيق والملاحقة التي تقوم بها مؤسسات مثل «حشد»، والتي تتابع اليوم أكثر من 16 دعوى دولية أمام المحاكم المختصة، رغم ضعف الإمكانات وشحّ الموارد.
وختم عبد العاطي بالتشديد على أهمية الترجمة الفعلية لهذه التحركات على الأرض، قائلًا إن «المرحلة لا تحتمل التسويات الرمزية، ولا التصريحات الفضفاضة..ما نحتاجه هو إرادة دولية تُجبر الاحتلال على التراجع، لا فقط الاعتراف بالحق الفلسطيني، بل فرض حمايته».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19838

العدد 19838

الجمعة 01 أوث 2025
العدد 19837

العدد 19837

الخميس 31 جويلية 2025
العدد 19836

العدد 19836

الأربعاء 30 جويلية 2025
العدد 19835

العدد 19835

الثلاثاء 29 جويلية 2025