جرد المــساحات الخضراء أداة أساسية للتخطيط الرشيد
يرى الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني أن الغابات تعد من أهم الثروات الطبيعية التي تمتلكها الدول، فهي مصدر للتنوع البيولوجي، وتلعب دورا حيويا في حماية التربة، وتنظيم المناخ، ما يجعل منها موردا اقتصاديا كونها تساهم في توفير الموارد الاقتصادية محليا، مشيرا إلى أنه لضمان استدامة هذه الثروة، يجب القيام بعمليات جرد الغابات كخطوة أساسية نحو التخطيط السليم وإدارة الموارد بشكل مستدام.
أوضح سليماني في تصريح لـ «الشعب»، أن عملية الجرد لديها العديد من الأبعاد الاستراتيجية البيئية من خلال حماية البيئة والثروة الغابية، وتقديم تقييم شامل واتخاذ القرارات الاستراتيجية ودعم إدارة الغابات بالحفاظ على الغطاء النباتي، وكذا أبعاد اقتصادية عبر دعم العائلات المنتجة وتثبيت الساكنة في هذا الموقع الغابي، بما يضمن إنتاج المنتوجات الطبيعية التي يمكن أن توجه حتى للتصدير سيما تلك المستخرجة من بعض النباتات الزهرية والزيتية وحتى الطبية التي تتوفر عليها الجزائر والتي تشكل ثروة حقيقية متنوعة ومختلفة ما يجعل منها قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
وحسب المتحدّث فعملية جرد الثروات الغابية أداة أساسية للتخطيط واتخاذ القرارات الرشيدة في مجال إدارة الغابات، مما يساهم في الحفاظ على هذه الموارد الطبيعية الهامة واستدامتها للأجيال القادمة.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الغابات بالرغم من كونها مورد اقتصادي هام، إلا أنها تبقى غير مستغلة بالشكل المطلوب، وهذا راجع لغياب بعض الآليات والتشريعات والقوانين المسيرة لهذا المورد المهم جدا، خاصة وأن الاستثمار الاقتصادي في الغابات يتطلب بعض الاجراءات والتشريعات المؤطرة لهذه العملية.
وحسب المتحدّث فاليوم أصبحت الترسانة القانونية موجودة بفعل قانون الاستثمار وقرارات رئيس الجمهورية، خاصة المتعلقة بالتنويع الاقتصاد الوطني وتعظيم الاستغلال للوصول إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية خصوصا في المناطق الغابية والجبلية والمناطق السهبية.
وذكر الخبير الاقتصادي بتعليمات رئيس الجمهورية المتعلقة بجعل العائلة المنتجة كأداة قوية في التنمية المحلية، مشيرا إلى أن الإمكانات الاقتصادية للغابات يمكنها أن توفر مناصب شغل دائمة وتساهم في التنمية المحلية وتحقيق الإنصاف التنموي خصوصا في المناطق المعزولة في الجبال وفي السهوب وحتى في الجنوب هناك بعض الغابات غير المستغلة يمكن الاستفادة منها في تحقيق حراك تنموي.
.. 280 ألف هكتار المساحة الغابية المستغلة
في هذا السياق، تحدّث سليماني عن المساحة الإجمالية للغابات في الجزائر التي تفوق 4 مليون هكتار، مشيرا إلى أن المساحة المستغلة منها في حدود 280 ألف هكتار وهي مساحة قليله جدا، مقارنة بالإمكانات المتوفرة وبالتنوع البيولوجي وللأشجار المتنوعة كالصنوبر والبلوط والفلين، الزيتون الكروم، الأرغان...والعديد من الأشجار المهمة والتي يمكن أن تستغل في العجلة الاقتصادية وتساهم فعليا في إقامة صناعة غذائية وتجميلية وطبية مكمله للإنتاج الغابي، خصوصا إذا تكلمنا على المنتجات الطبية والأعشاب العطرية، فهي تمثل منتوجا غير خشبي ورافدا مهما في الإنتاج النباتي.
في المقابل، أشار سليماني إلى أن الغابات تقدم مراعي مجانية لكثير من الحيوانات فهناك الكثير ممن يستغلها في تربية المواشي وتربية الأبقار والدجاج وبالتالي فهي مصدر للحوم الحمراء والبيضاء للعائلات المنتجة، لهذا لما لا تكون هناك قوانين تسير العقار الغابي وتشريعات تسمح بالاستثمار، فإن ذلك سيسمح بتثبيت العائلات التي تسكن في الغابات والجبال والمناطق المعزولة وبالتالي تحقيق إنصاف تنموي بهذه المناطق الغابية.
ومن الجانب البيئي سيما فيما تعلق بمحاربة التصحر أشار المتحدّث إلى أن الجزائر شرعت في غرس أكثر من مليون شجره على طول الشريط الممتد من وإلى الغرب بمشاركة كل فواعل المجتمع المدني والجيش الوطني الشعبي، وفواعل أخرى، وبالتالي يمكن بواسطة عملية الجرد للثروات الغابية أن تكون الجزائر أمام فرصة إحصائية ثمينة للاستشراف والتخطيط واتخاذ القرار المناسب، قرار اقتصادي فلاحي مبني على بيانات دقيقة.
وأوضح سليماني أن هذا يتماشى وتوجه الجزائر اليوم، الرامي لتنويع مصادر دخلها واقتصادها، وما لذلك من انعكاسات جد إيجابية سيما ما تعلق باستحداث مناصب شغل ومؤسسات مصغرة، ودعم للعائلة المنتجة في إطار تبني سياسة جديدة، وهي سياسة الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات المنتجة، وبروز عالم ريادة الأعمال والمقاولاتية بنسيج مؤسساتي ينشط في مجال الانتاج الغابي.
