هنـا الــنـقـــب

بقلم / أسير ينتظر

حينما تشتعُل الشمسُّ وتتوهجُ خيوطها الذهبية يفرُّ المرءُ من لَهيبها ليقيَ نفسهُ من خطرها المُحدِق.. ولأن حزيرانَ قرينٌ لتموزَ الذي سجَّل في صفَحاتِهِ الملتهبَة سطوراً من العز لمن قرَعَ جدرانَ الخزَّانِ المحشُوِّ بالبارود.. تُشحَذُ الهممُ اليوم كشَحذِ اللحامِ سِكِّينَه حينما يُتِلُّ أضحيتَهُ للجَبين.. ولأن مقارعةَ الشمسِ في أوجِ قوَّتها يتطلَّبُ استنفارَ الطاقاتِ والحشدَ ليومِ التلاق، كان لِزاماً علينا إماطةُ اللِّثامِ عنها ورفعُ ستائرها المُسدَلة إيذاناً بحربٍ ضروسٍ قُوامُها ألفٌ ويزيد ممن اكتووا بنارها المُشتعلة.. هنا النقب.. هنا حِمَمُ البُركانِ... هنا الغَضَب. هنا أمعاءٌ خاويةٌ بايَعَت بارئها وتعاهدت على كَسرِ المِطرَقَةِ والسنديانِ معاً.. هنا الوحدةُ تتجسَّدُ واقعاً لا مُجرَّد حِبرٍ على ورق.. وهنا تلتَئمُ الجَبَهاتُ في عوفر فيَرُدُّ نفحة إني معَكُم بالمَدد.. هنا النقب. هنا تُناطِحُ الأمعاءُ الخاويةُ صَلَفَ الرِّعدِيدِ الجبان... تَقتاتُ على ذاتها ولا ترْكَع.. تُقاوِمُ بجسَدٍ هزيلٍ أعتى جبابرةِ الأرضِ العابرين لكَبِ جِماحِ الاعتقال الإداري الجائر. هنا صوتُ الأُسُودِ التي تزأرُ من عرينِها أمام بَطشِ الجلّاد، وهنا صوتٌ هصورٌ يُحاكي رَعدَ تشرين بعدَ صمتِ لياليهِ الطِّوال.. هنا معركةٌ تدورُ رحاها بين عُزَّلٍ إمتشقوا لواءَ الحقِّ ذائدين عن حِياضِ أُمَّةٍ غَرِقَت في بحرٍ لُجِّيٍّ عميق. ولأن مُجابهةِ نيرانِ الصيفِ باتت قابَ قوسين أو أدنى، أشعلنا شرارةَ المجدِ لفظاً للظُّلمِ والعدوان، صَبِيحةَ الثامنِ عشر من حزيران لنُبَدِّدَ حِلكَةَ الظلام الدَّامِس ولسانُ الحالِ يقول:

«نَصرٌ من اللهِ وفَتْحٌ قريب
وبَشِّرِ المؤمنين”
وعلى الله قصدُ السبيل..
هنا النقب..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024