السليل يواصل على نهج التقدّم والرقّي

الجيـش الوطني الشعبـي.. صمـّام الأمـان..

جمال الدين بوراس

تمكن الجيش الوطني الشعبي على مرّ السنين، من تحقيق نتائج باهرة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة من باب الدفاع عن مبادئ الثورة المجيدة وصون سيادة وأمن الوطن وحماية الحدود وحرمة الأراضي ووحدة الشعب، إلى جانب مساهمته في تطوير الاقتصاد الوطني من خلال إستراتيجية مدروسة تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية حاجيات السوق الوطنية وتطوير القاعدة الصناعية للبلاد.

وعرفانا بالدور المحوري للمؤسسة العسكرية في مسيرة بناء الوطن والحفاظ على الوحدة الوطنية والدفاع عن السيادة الوطنية، قرر رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، تخصيص يوم وطني للجيش الوطني الشعبي، المصادف للرابع أوت من كل سنة، والذي يخلد تاريخ تحويل جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي في نفس اليوم سنة 1962.

الصناعة العسكرية.. مفخرة جزائرية..

بدأ تجسيد فكرة إنشاء صناعة عسكرية، في مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، بتشكيل خلية تفكير مكلفة بتحديد تصور حول تنمية هذا القطاع الحيوي، فانطلقت الصناعات الوطنية للدفاع بالموازاة مع إنجاز دراسات تقنية في مختلف فروع الصناعة العسكرية، ليتم تدعيم هذا القطاع تدريجياً بقدرات جديدة لإعادة البناء والتصنيع، وقد توجت هذه المجهودات بإنشاء مندوبية الإنجازات والصناعات العسكرية. ولقد كانت أولى خطوات الجيش في التصنيع العسكري عندما فرضت عدة دول حظرا على بيع السلاح للجزائر أثناء العشرية السوداء، فقام الجيش بإنشاء وحدات لصناعة ذخائر الأسلحة الخفيفة والقذائف المدفعية، وكذا إنشاء وحدات لصناعة السفن وأخرى لصناعة طائرات التدريب، فظهرت المؤسسة العسكرية ذات الطابع الصناعي والتجاري كهيئة وزارية، لا تختلف عن باقي الوحدات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الوطني، لها تنظيم عسكري مركزي يخضع لنص قانوني خاص وسلطة سلّمية رئاسية، وهي مقيدة من حيث نشاطاتها المادية وتصرفاتها القانونية.
حرصاً وضماناً للفعالية والرقي المستمر للصناعة العسكرية الجزائرية، سبق لرئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق الأول السعيد شنقريحة، أن شدد على ضرورة توسيع دائرة اهتمامات الصناعة العسكرية، لتشمل احتياجات الجيش والأسلاك المشتركة والسوق المحلية، وكذا اقتحام الأسواق الإقليمية والدولية، إضافة إلى تأكيده على الأهمية القصوى التي توليها القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي لقطاع الصناعات العسكرية في البلاد، سواء تعلق الأمر بصناعة الأسلحة والذخائر أو بالصناعات الميكانيكية والعربات العسكرية أو بالألبسة وبمختلف الأغراض العسكرية والتي تمثل مشهدا آخر من مشاهد العمل الميداني الرصين المبني على رؤية استشرافية وبعيدة النظر. كما أكد الفريق أول في أحد تصريحاته، على أن تحقيق النوعية من المنتجات الصناعية العسكرية يتم شريطة الحرص على جودتها ومطابقتها للمعايير الدولية المعمول بها في هذا المجال، فضلا عن اعتماد الشفافية وأحدث طرق التسيير العصرية، والرفع من نسبة الإدماج.

الجيش والشعب.. واحد..

العلاقة القوية بين الجيش وشعبه واللحمة التي تقوّت، ظهرت جليا خلال حرائق الغابات التي ألمت بالجزائر في 2021 و 2022، حيث كان العسكري والمدني، الكتف للكتف في مواجهة نيران الغابات، يشد كل منهما أزر الآخر، في صور مؤثرة غزت مواقع التواصل الاجتماعي. هذه اللحمة الفريدة هي نبع قوة الجيش الجزائري الذي قال بشأنه رئيس الجمهورية في إحدى لقاءاته مع الصحافة الوطنية إن قوة الجيش الجزائري تكمن في كونه “جيش-أمة” بحيث تمكن من تأسيس رابطة قوية مع الشعب الجزائري الفخور بمؤسسته العسكرية.
وقوف الجيش الوطني الشعبي إلى جانب الشعب كمؤسسة حامية له، تستمد قوتها من أبنائه، يُرى ويُدرك في جهود لا تتوقف عن صون أمن البلاد في كل شبر منها، حيث قاد الجيش حرباً من دون هوادة ضد الإرهاب الذي حاول إدخالها في نفق مظلم لا مخرج له، وما يزال إلى اليوم يُحيّد فلوله ويتصدى لها.
تكاتف الجيش مع الشعب، يُلمس كلما مسّت البلاد أزمة أو نكبة إنسانية، إذ يهبّ سريعا إلى فك الخناق إذا سدت الثلوج الطرقات، وإلى إجلاء المتضررين إذا ما غمرت الفيضانات الأحياء، ويكون في الصفوف الأولى إلى جانب أفراد الحماية المدنية إذا ما عاشت البلاد ما تعيشه من حرائق غابية. هذا ما جعل الجيش الجزائري ينفرد عن بقية جيوش العالم، كونه لم يتأسس بمرسوم، وهذا من بين العوامل التي تفسر الدلالات العميقة للبعد الوطني والامتداد الشعبي لسليل جيش التحرير الوطني الذي ولد من رحم معاناة شعب تكبد الويلات وقرر تفجير واحدة من بين أعظم الثورات في القرن العشرين.

جيش وطني شعبي..

لقد أعادت صور الحرائق الأخيرة التي ألمت بعديد من ولايات البلاد إلى الأذهان هبة الجيش في صيف 2021، حينما اندلعت الحرائق في أماكن متعددة من غابات الجزائر، أين ساهم أفراد الجيش الوطني الشعبي إلى جانب أقرانهم من أفراد الحماية المدنية في إخماد النيران وإجلاء المواطنين وإسعافهم، وهي جهود توجت بإنقاذ عشرات الأرواح بين أطفال ونساء وشيوخ، فيما ارتقى 25 شهيداً من أبناء الجيش الوطني الشعبي إلى بارئهم، لم يبدلوا تبديلا..
ذات الجهد ذاك الذي بذل في صيف 2021 و 2022، وبنفس روح التضحية كافح أفراد الجيش الوطني الشعبي حرائق الغابات التي اندلعت مرة أخرى في نواحي متعددة من الوطن الأسبوع الماضي، وتمكن بفضل تجربته التي اكتسبها في مثل هذه الأزمات من المساهمة الفعلية في إنقاذ الأرواح وتقليل الخسائر، بفضل ما تم تسخيره من إمكانات بشرية ومادية شملت المروحيات والآليات ومختلف المركبات. ولقد استشهد إثر ذلك 10 عسكريين تابعين لمفرزة الجيش الوطني الشعبي المتواجدة بمنطقة بني كسيلة، إضافة إلى إصابة خمسة وعشرون عسكريا بإصابات متفاوتة الخطورة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024