الخبير الدولي عبد الرحمن مبتـول لـ “الشعب”:

شركات مناولة قوية.. قاعـدة أساسيـة لتطويــر الاقتصــاد

فضيلة بودريش

تكامل الشركـات مـع المناولـة يضــاعف القيمـة المضافـة

في هذا الحوار مع الخبير دولي عبد الرحمان مبتول، نحاول معرفة الدور المقبل لنسيج شركات المناولة في دعم حركية الاقتصاد الوطني بما يسمح في تعزيز أداء الآلة الإنتاجية إلى مستوى احترافي، حيث يقدم المتحدث العديد من المقترحات الفعالة والقيمة حتى تفجر طاقات هذا النسيج الذي يعد بمثابة قاطرة هامة في تنويع خيارات المؤسسات الصناعية خاصة الكبرى والإستراتجية. مستشهدا بتجارب ناجحة سجلتها بعض البلدان الأوروبية. كما راهن على مواصلة الإصلاحات المالية وتبني أفضل الخيارات وتوسيع رأسمال الشركات في مضاعفة حجم القدرات المرصودة لدفع عجلة النمو.

أكد البروفيسور عبد الرحمن مبتول الخبير الدولي، أنه وفقا لوزير التجارة وترقية الصادرات، فإن الجزائر في الوقت الحالي لديها ما يقارب 1000 شركة مناولة تمثل نحو 10٪ من النسيج الصناعي، في حين بلغ عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة في عام 2022 حوالي 1.287.600 شركة خاصة وعمومية. مشيرا في نفس السياق، أن العديد من هذه المؤسسات الخاصة تكون عائلية في الكثير من الأحيان. كما لم يخف أن هذه الشركات تحتاج إلى التحكم في التكنولوجيات الحديثة حتى يكون أداؤها أكثر نجاعة وفعالية ومواكبا للتحول الداخلي والخارجي.
 مواكبة السوق وتحقيق الربحية الاقتصادية
ووقف الخبير الدولي مبتول، عند الهدف الجوهري الذي تحرص الجزائر على تجسيده على أرض الواقع ويتعلق بإنشاء ما لا يقل عن 5 ملايين مؤسسة صغيرة ومتوسطة مبتكرة، إلى جانب تطوير نسيج المناولة عبر جميع القطاعات في الفترة 2023/ 2027. وعلى ضوء تقديرات الخبير، فإنه إذا تم وضع هذه المشاريع حيز التنفيذ في شهر جانفي 2024، فإنه ينتظر تحقيق عتبة الربحية في غضون سنتين إلى غاية 3 سنوات. ومن أجل ذلك، دافع البروفسور مبتول، عن ضرورة تحقيق المزيد من المزايا على صعيد تحسين مناخ الأعمال وتفادي البيروقراطية، لجذب الاستثمار الأجنبي والمحلي، والتركيز على ما تطلبه السوق من أجل تحقيق الربحية الاقتصادية في الفترة الممتدة من 2026 إلى غاية 2027.
ووقف الخبير على أهمية ومزايا المناولة، كاشف أنها تعرض العديد من الامتيازات، كما توجد أخطار يجب الحذر منها، من بينها ضرورة التعاقد مع شركات المناولة بطريقة مسؤولة وفعالة، مثل تحديد التخطيط الذي يغطي المشروع بأكمله، مع تدابير الرقابة والدعم الكافية من خلال المراقبة وكذا المرافقة ودفتر شروط محدد ومؤطر، وبالتالي مواصفات دقيقة ومنظمة. إلى جانب اختيار شركات المناولة على أساس مجموعة من المعايير، بما في ذلك القدرات التكنولوجية، وليس فقط ما يتعلق بأفضل الأسعار المقدمة، بالإضافة إلى إرساء آليات للتقييم.
وتناول الخبير مبتول، تجهيز بعض برامج إدارة التعاقد مع شركات المناولة بوحدات تسمح بإجراء تحليل المخاطر من أجل احترام التدابير الأمنية للموكل والالتزام بشروط العقد وعقد اجتماعات منتظمة من خلال التواصل المفتوح الذي يمكن أن يساهم في نجاح العمل، بالإضافة إلى التقييم الدوري لأعمال المناولة للشركة، لأنه أمر ضروري أثناء المشروع.
تقييم دوري والتركيز على البحث والتطوير
ويضاف إلى ذلك، وضع إجراء مراقبة ووقاية يتيح إمكانية التحكم في العمل المنجز، مع ضمان امتثال صاحب شركة المناولة لشروط العقد وعقد اجتماعات منتظمة، من خلال التواصل المفتوح الذي يمكن أن يساهم في نجاح العمل. وأفاد البروفسور، أن التقييم الدوري لأعمال المناولة للشركة يعد أمرا ضروريا أثناء المشروع.
وتحدث عن شركات المناولة العالمية، وذكر أن التعاقد يرتبط باستراتيجية نقل الأعمال إلى الخارج، حيث تركز الشركات الكبيرة بشكل أساسي على البحث والتطوير الأساسيين اللذين يتمتعان بقيمة مضافة عالية جد،ا وقدم أمثلة كثيرة عن ذلك وأرقاما لعديد من القطاعات التي تحتاج إلى نشاط المناولة.
وحول دور المناولة في تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر، يرى البروفسور مبتول، أن الهدف من ذلك يتمثل في إنشاء شبكات أو نسيج صناعي يقدم خدمات أو صناعة تحتاجها شركات كبيرة، لاسيما سوناطراك وسونلغاز، وشركات كبرى تنشط في مجال البناء والأشغال العمومية، مثل Cosider للمساعدة في زيادة معدلات اندماجها، من أجل إعطاء “دفعة جديدة” لهذا القطاع الذي ينام على إمكانيات هائلة ويوفرها بفضل التنسيق والتعاون القائم بين الشركات الناشئة والشركات الكبيرة.
الابتكار لتقديم الحلول المناسبة
وقال الخبير، إنه وفقا لبعض المسؤولين في وزارة الصناعة، فإن ما بين 300 إلى 350 من شركات المناولة، تنشط على المستوى الوطني في قطاع قطع غيار السيارات المتاح لتزويد الشركات الأجنبية المصنعة التي ستنشئ مصانعها بالجزائر، وقد تمت الموافقة بالفعل على الشركات الناشئة، من بينها الناشطة في تصنيع الكابلات، وأخرى تعمل بالهواء المضغوط والمكونات البلاستيكية ومقاعد السيارات على وجه الخصوص. وفي إطار التخطيط الاستراتيجي، يمكن إنشاء 5 ملايين شركة صغيرة ومتوسطة الحجم بحلول عام 2025، وفي الوقت نفسه تطوير المناولة في مجالات الميكانيكا والإنشاءات المعدنية والكهرباء والإلكترونيات والأجهزة المنزلية الهيدروكربونات، الطاقة الكهربائية، المناجم، الصناعات البتروكيماوية، صناعة الصلب، المعادن، أعمال الأسمنت، أعمال الطوب، الأشغال العامة، النقل، إصلاح السفن والصناعات التحويلية.
واستعرض الدكتور مبتول إحصائيات شهر ديسمبر 2022، حيث تم تسجيل 1.287.600 شركة صغيرة ومتوسطة، خاصة وعامة، توفر 3.134.968 منصب شغل. ومع ذلك، يعتقد مبتول، أنه يجب على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، أن تركز على الابتكار الدائم واستخدام التقنيات الجديدة. وهكذا ستكون شركات المناولة قادرة على تقديم الحلول المناسبة لأي مخاوف اقتصادية، مع النجاح في كبح الواردات. وخلص إلى القول في هذا المقام، إن إستراتيجية تطوير التعاقد مع شركات المناولة، ترتبط ارتباطًا وثيقا بتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
شبكات قوية من شركات المناولة الموثوقة
وقام الخبير بتقديم العديد من المقترحات العملياتية لتعزيز قدرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتعاقد مع نسيج المناولة لدفع حركيتها. من بينها مقترحات تقنية وأخرى عملية، كآجال وطريقة الدفع للمستحقات واسترداد الضريبة على القيمة المضافة والمحاسبة والجباية وما إلى غير ذلك.
مع مرافعته عن أهمية توسيع إمكانات التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم رأس المال التأجيري والتطويري، بهدف تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة في مرحلة متقدمة إلى حد ما من توسعها لدخول سوق الأوراق المالية. ويضاف إلى كل ذلك، تطرقه إلى أهمية انخراط الشركات العامة الكبرى، بما في ذلك سوناطراك وسونلغاز على وجه الخصوص، في التعاقد مع شركات مناولة من خلال شراكة مشتركة.
ويعتقد أنه يمكن للشركات الجزائرية الكبرى الممولة بأموال عمومية، أن تعتمد على شبكات قوية من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تزودها بشركات مناولة موثوقة وقادرة على الابتكار. واستعان بالتجربة الألمانية التي تعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة شريكة متساوية وقال إنها تجربة مثيرة للاهتمام والدراسة.
وتحدث عن أهمية مواصلة الإصلاح العميق للنظام المالي، والنظام الاجتماعي والتعليمي، الذي يجب أن يعتمد على الجودة، مع استمرار التدريب المهني باعتباره العمود الفقري لتسريع تكثيف شركات مناولة قوية والتمكن من مواجهة المنافسة عبر الأسواق العالمية.
وخلص الخبير الدولي إلى القول، إن الهدف الاستراتيجي المتعلق بالأمن الوطني، يتمثل في تحقيق التحول من الاقتصاد المرتبط بالنفط إلى الاقتصاد المنتج، في إطار التحول العالمي وفي ظل التطور الرهيب للثورة الصناعية الرابعة القائمة على التقنيات الجديدة، بما في ذلك الرقمية، وتبني نموذج جديد لاستهلاك الطاقة 2023/ 2030.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19480

العدد 19480

الأحد 26 ماي 2024
العدد 19479

العدد 19479

السبت 25 ماي 2024
العدد 19478

العدد 19478

الجمعة 24 ماي 2024
العدد 19477

العدد 19477

الأربعاء 22 ماي 2024