الخبير في الاقتصاد أحمد طرطار لـ”الشّعب”:

تشجيع المناولين.. بعث للتنمية والاستغناء عن التبعية للخارج

هيام لعيون

تسعى الجزائر لتمكين وتشجيع مؤسسات المناولة، بغية تحسين النسيج الصناعي في البلاد، في إطار سياسة ترشيد النفقات وخفض فاتورة الاستيراد والحفاظ على المقدرات المالية للبلاد، لدعم خزينة الدولة، خاصة وأنها كانت تكلف سنويا ملايير الدولارات، لذلك سيعتمد على المناولة المحلية بدل الأجنبية، وقد مضت الجزائر في تحسين مناخ قطاع المناولة من خلال التحكم في نسبة الإدماج الوطني، والمساهمة في إعادة بعث النشاط الصناعي في البلاد، باستغنائها عن التبعية للخارج، من باب أن نسيج شركات المناولة الجزائرية من شأنه أن يخفض من فاتورة الاستيراد إلى مستويات دنيا.
مما يسمح بمحاربة “الاستيراد المزيف” الذي يعتمد على تضخيم الفواتير.

أمر الرئيس عبد المجيد تبون، منذ استلامه لمهامه رئيسا للجمهورية بترشيد نفقات الدولة، وخلال عامه الأول أعطى تعليمات صارمة بمنع المناولة مع الخارج، “ إلّا في حالة جلب عتاد متطوّر غير متوفر في البلاد”، وهذا في إطار بناء الإستراتيجيات الحديثة التي تعوّل عليها الجزائر حاليا لتحقيق التنمية الصناعية، وترقية عمل وإعادة بعث هذا القطاع من جديد حتى يسهم في الدفع بعجلة الاقتصاد الوطني نحو الانتعاش والنهضة.
وفي السياق، أبرز الخبير الاقتصادي أحمد طرطار، أن مؤسسات المناولة تعتبر، من بين الآليات الداعمة لترقية نشاط المناولة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، سعيا وراء زيادة قدراتها التنافسية، وإحداث ترابط وتناسق بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والشركة الرئيسية أو “المؤسسة الأم” للمساهمة في التنمية الاقتصادية، مضيفا “وهذا في إطار السياسة التي انتهجتها الجزائر لترقية نشاط المناولة واعتمادها على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، باعتبار أن المناولة أضحت تعد من أهم أنواع الشراكة بين المؤسسات.

شراكة بين مؤسسات المناولة والشركات الرئيسية

وأشار طرطار، إلى المجهودات المبذولة حاليا من أجل خلق صناعة حقيقية من خلال تشجيع المناولة التي تسمح بتطوير نسيج صناعي وطني قوّي.
معتبرا إياها مجهودات تدخل في إطار ترقية الاندماج المحلي وتنمية المناولة الصناعية، لتجسيد شراكة بين مؤسسات المناولة والشركات الرئيسية أو الشركات الأم”، سواء تعلق الأمر بقطاع الإنتاج أو الخدمات وقطاعات أخرى، وهذا بغية تحقيق الإستثمارات والزيادة في الإنتاج.
وشدّد أستاذ الاقتصاد بجامعة تبسة، على أن مؤسسات المناولة تسعى لتعزيز الترابط بين الصناعات الصغيرة والصناعات الأساسية الكبيرة، في مختلف القطاعات، لتحقيق الشراكة بين المجمعات الصناعية الكبرى والمناولين مما يسمح ببروز منتوجات محلية أكثر تنافسية واندماجا، في السوق الوطنية، وهذا لتكثيف نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للنهوض بالتنمية الاقتصادية للبلاد.

 دور مؤسسات المناولة في النهضة الاقتصادية

وحول سؤال متعلق بدور مؤسسات المناولة في النهضة الاقتصادية، وإمكانية مواكبتها الصناعة المحلية، أبرز محدثنا أن “ لشركات المناولة دور مهم في الاقتصاد الوطني، باعتبارها جزء من النسيج الاقتصادي والنسيج الاجتماعي، الذي بمقتضاه يتم النهوض بالقطاع الاقتصادي، سواء تعلق الأمر بالجانب الصناعي أو الفلاحي أو بعض القطاعات الإنتاجية الأخرى، مشيرا إلى أن وجود شركات المناولات سيؤدي حتما إلى استكمال عمل “المؤسسة الأم “، حيث توفر شركات المناولة بعض مستلزمات الإنتاج لهذه الشركات مما يؤدي إلى تكامل بين شركات المناولة والشركات الكبرى.
وفي هذا الإطار، أشار المحلل الاقتصادي، إلى أن دور شركات المناولة، يكون فعالا، خاصة إذا كانت تتمثل في الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجالاتها المتعددة، سواء كانت في البتروكيمياء أو الصناعات التحويلية، أو بعض الصناعات الأخرى، مبرزا أن دور الشركات المناولة يؤدي إلى اكتمال نشاط الشركة الرئيسية والأساسية، التي تضطلع بالإنتاج.
وضمن هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي، إن شركات المناولة توفر بعض السلع النصف المصنعة، أو غير التامة وتؤهلها للإنتاج، كما توفر هذه الشركات العمالة، مبرزا أن المناولين في سياق هذا التكامل مع الشركة الرئيسية سيضطلعون بنفس المهام التي تحملها الشركة في المستقبل، جراء التجربة التي اكتسبتها في الميدان، حيث سيغتنم أولئك المناولون الفرصة لتكريس هذه التجربة واستلهام التكنولوجيا المختلفة، وبذلك يتم التوسع لهذه الشركات المناولة، حيث ستحتل مكانة مرموقة في صلب الاقتصاد الوطني”.

المناولة تكتسح قطاعات الصناعة.. الفلاحة والخدمات

وتحدث طرطار، عن أهم القطاعات التي تكثر فيها شركات المناولة في الجزائر، حيث أكد أنها موجودة في كل القطاعات الإنتاجية بصفة عامة، وفي قطاع الخدمات، لكنها منتشرة بكثرة في القطاعين الصناعي والفلاحي، حيث تكثر المناولة بشكل كبير جدا وأضاف “ لما نتحدث عن القطاع الصناعي المتنوع فهو يشمل الصناعة الاستخراجية، وهي “تلك الأعمال التي تستهلك المواد الخام الطبيعية بطريقة غير مستدامة، أو بطريقة أخرى، فهي أي صناعة تقوم على استخراج مورد طبيعي غير متجدد، بما في ذلك النفط، والفحم، والغاز، والذهب، والحديد، والنحاس، والمعادن الأخرى من الأرض.
وتشمل العمليات الصناعية لاستخراج المعادن، الحفر، والضخ، والمحاجر والتعدين، ومن الأمثلة على الصناعات الاستخراجية صناعات التعدين والنفط الخام والغاز الطبيعي”.

المناولون وسطاء بالنسبة للمستثمرين الأجانب

وبما أن الجزائر تتجه الجزائر لجذب مستثمرين أجانب في مجال تصنيع السيارات، وعقد شراكات مع كبرى العلامات الدولية، قال الخبير الاقتصادي في رده على انشغال مرافقة شركات المناولة الجزائرية للشركاء الأجانب، إن “شركة المناولة تواكب الشركات الصناعية، في كل المناحي والمراحل الإنتاجية، باعتبارها مكملة لنشاطاتها، سواء مرتبطة بالمدخل أو بالمخرج، فهي بذلك وسيطا في توفير السلع، للإنتاج، كما أنها تعتبر وسيطا في تقديم بعض الخدمات، على غرار الصيانة، وغيرها.
كما أنها وسيطا ــ يضيف طرطار ــ كذلك من خلال الترويج للمنتوج وفي توزيعه أيضا، كالوكلاء مثلا، وهذا هو دور المناولة، وهو دور مهم وكبير للغاية.
مشيرا إلى أن الجزائر التي انتهجت سياسة تنويع الاستثمار وجذبه، حددت نسبه الادماج، حيث ان كل شركة تستثمر في الجزائر يجب عليها ان ان تدمج هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، على شكل مناولة، بنسبه انتاج تكون في حدود 30 الى 40%، وكل ما كانت نسبة الادماج أكبر، كلما كان استقطاب أكبر لشركات المناولة المختلفة، وكل ما أمكن تحويل شركات المناولة هذه شيئا فشيئا، حيث ستطلع بالعمل الأساسي للشركة الرئيسية.
وخلص الخبير الاقتصادي للتأكيد على أن خلق نسيج من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إطار المناولة، يشكل معطى أساسي وزيادة في مداخيل الدولة، من خلال هذه القيمة المضافة التي تحدثها هذه الشركات المناولة، والتي تساهم من خلالها في تحقيق النسيج الصناعي للدولة التي تسعى لخلق صناعة حقيقية وإشراك الأيادي الجزائرية فيها، للوصول إلى الاستقرار المالي “.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19473

العدد 19473

السبت 18 ماي 2024
العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024