الخبير الاقتصادي بوشيخي بوحوص لـ “الشعب”:

الطريق العابــر للصحراء.. رابـط استراتيجي بـدول الساحل والصحراء

هيام لعيون

 الجزائر في موقع استراتيجي لربط التجارة العالمية بإفريقيا وأوروبا وآسيا

  خلق ميزة تنافسيـة وخفض تكاليف النقل

تواصل الجزائر الجديدة، وفق تنفيذ الرؤية الاستشرافية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، إطلاق مشاريع بنى تحتية ذات بعد إفريقي، على غرار الطريق العابر للصحراء، الذي استكمل من إشغاله 90٪ في إطار مساعي الجزائر للمساهمة في تنمية القارة السمراء، وفك العزلة عن دول الساحل وتعزيز التجارة بين دول جنوب وشمال الصحراء، في أكبر مشروع استراتيجي في إفريقيا، حيث سيصبح، بعد استكماله، رواقا اقتصاديا بامتياز، ما يمكّن من استيعاب حركة تجارية مكثفة وبأقل تكلفة، لاسيما بعد أن صادقت الجزائر على معاهدة التبادل الحر القارية.

 يحمل طريق الوحدة الإفريقية، أهمية تنموية لأنه يربط مناطق جنوب البلاد والهضاب العليا بالموانئ والمطارات والأقطاب الصناعية، إذ يعتبر الطريق العابر للصحراء، الذي يبلغ طوله قرابة 10.000 كيلومتر، شريان الاقتصاد الإفريقي، وهو الذي يربط محورا رئيسيا إلى نيجيريا عبر النيجر وتفرعات تربط الجزائر وتونس ومالي والنيجر ونيجيريا وتشاد، “مُشَكِّلاً بذلك حافزا ومسرّعا للتكامل الاقتصادي، كونه يمتد على ثلاث مناطق أفريقية (الشمال، الغرب، الوسط).
اتفقت الدول المعنية بهذا المشروع الاستراتيجي في شهر جوان من سنة 2022 بالجزائر، على جعله رواقا اقتصاديا مندمجا، بما يتوافق والرؤية الجديدة للبنى التحتية المكرسة في مخطط العمل الثاني للأولويات، الـمُنبثق عن برنامج PIDA، وفق مصالح الوزير الأول.

طريق سيار مزدوج.. وسد منيع ضد التصحر
أكد الخبير الاقتصادي بوشيخي بوحوص، أن الجزائر بادرت إلى إطلاق مشاريع عملاقة في البنى التحتية، أهمها الطريق العابر للصحراء، ما يمكن النقل البري من الانطلاق الفعلي في أشغال الطريق الصحراوي رقم واحد، الممتد من الجزائر العاصمة إلى تمنراست، والذي يبلغ طوله أكثر من 2400 كلم مرورا بعين صالح، حيث سيكون طريقا سيارا مزدوجا ذا ستة ممرات، وأيضا سيتم تشجيره على امتداد حوافه من أجل مكافحة ظاهرة زحف الرمال، وغلق الطرق، فيما سيزود بمحطات خدمات عالية لكل 100 كلم منه.
وأضاف الأستاذ الاقتصاد بجامعة مستغانم، لـ “الشعب”، أنه موازاة مع إنجاز هذا الطريق سيتم إنجاز شبكات أسواق تعرض المنتوج الوطني على شاكلة أسواق الفلاح والأروقة الجزائرية بعد إعادة بعثها، بغية عرض المنتوج الوطني، خاصة وأن هذا الطريق سيكون طريقا دوليا بل أمميا وشريان حياة حقيقيا يربط العالم الخارجي مع دول الساحل والصحراء والسنيغال وعمق إفريقيا.

إتمام كل أشطر الطريق
ودعا الخبير إلى تكليف المقاولات عبر كل بلديات الوطن البالغ عددها 1548 بلدية، بإنجاز على الأقل مسافة 1 كلم، حيث ستظهر النتيجة في غضون ثلاثة أشهر، مما سيخول لنا الحصول على 750 كلم طريق مزودج وهذا من خلال ميزانية التجهيز للبلديات فقط، أي أن مبلغ المشروع والذي حدد بـ300 مليار دينار، سيتم تقليصه واستغلال بقية المبلغ في أمور أخرى، على غرار الصيانة والتجهيز، مقترحا بخصوص التأطير أن يكون من الأفضل بإشراف من وزارة الدفاع الوطني بحكم أن طريق الوحدة الأفريقية الذي أنجز في سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، كان برعاية الجيش الوطني الشعبي وأيضا بحكم تجنيد الآليات المنجزة، حيث أن شق الطرق يكون في الكثبان الرملية، وهكذا فإن كل الجزائريين سيساهمون في تشييد هذا الطريق العالمي الدولي.

مزايا الطريق العابر للصحراء
حول سؤال متعلق بفوائد الطريق العابر للصحراء بالنسبة للجزائر، في إطار النهضة الاقتصادية الجديدة التي تبنتها خلال العهد الجديد، أشار الخبير الاقتصادي إلى مسألة تسويق وتوزيع المنتجات، حيث كثيرا ما تتعرض المنتجات إلى الكساد والفساد، لكن من خلال نقله من مكان تواجد الفوائض إلى مكان تواجد النواقص، سيتم تثمين المنتوج وحفظه، ما يجنب المؤسسات الاقتصادية الخسائر المحتملة.
كما أن الطريق العابر للصحراء، ــ يقول بوشيخي ــ سيقلل من التكاليف، علما أن دول الساحل والصحراء والسنيغال وعمق إفريقيا، تحتوي على مواد أولية يتم نقلها عبر البحار والمحيطات وبأسعار منخفضة، لكن إذا عبرت عن طريق الجزائر وعبر موانئها، أكيد أن دول إفريقيا سوف تجد في الجزائر الممر الأحسن لتسويق منتجاتها إلى أوروبا ولدول العالم كذلك، وفق قاعدة رابح ــ رابح، كما أنها ستجد في الجزائر ممرا أمنا وثمينا لنقل منتجاتها إلى عمق قارة إفريقيا، وهكذا سوف تجد الجزائر نفسها في موقع استراتيجي يربط التجارة العالمية بإفريقيا وأوروبا وأسيا، ما يساهم في استحداث مناصب شغل لفائدة الشباب.

زيادة المبادلات التجارية
في ذات السياق، شدد الأكاديمي على أن الانتهاء من إنجاز الطريق الصحراوي، الذي سوف يربط شمال البلاد بجنوبها، وأيضا بدول الساحل والصحراء الى غاية نيجيريا، سوف يكون له انعكاس مباشر في زيادة المبادلات التجارية. فالكل يعلم أن دول الساحل والصحراء تزخر بالمواد الأولية، سواء تمثلت في الكاكاو أو الثروة السمكية والحيوانية والقطن، إلى جانب الأتربة النادرة والأورانيوم، حيث أن كلفة نقله وشحنه عبر المحيطات والبحار، يكلف كثيرا للوصول إلى أوروبا سوق الاستهلاك، فبإنجاز هذا الطريق الذي يعتبر شريان الحياة سوف يخلق ميزة تنافسية ويسمح بخفض تكاليف النقل وضمان الأمن، مما يخلق نشاطا معتبرا في مجالات عدة، وينتج عن ذلك تضاعف الإنتاج، سواء في الدولة المنتجة أو الدولة المستهلكة.
وفي رده على سؤال سيتعلق بمردودية الطريق العابر للصحراء اليوم ومساهمته في التبادلات التجارية قبل استكمال إنجازه، قال بوحوص، “حاليا تتم التجارة البينية بين الجزائر ودول الساحل والصحراء والسنغال ووسط إفريقيا، وفق نظام المقايضة وتحت شروط محددة، بحيث تسمح السلطات الجزائرية لعدد محدود من التجار بنقل منتجات عديدة برا مثل التمور، الألبسة، أواني منزلية ومنتجات محلية الصنع إلى تلك الدول. كما يتم جلب هؤلاء التجار في إطار المقايضة بالثروة الحيوانية والشاي وبعض الفواكه الاستوائية، شريطة تسويقها فقط في جنوب البلاد، أي الاستهلاك المحلي فقط في 13 ولاية جنوبية وهي تمنراست وأدرار وإليزي وعين صالح وجانت وعين قزام وبرج باجي مختار وتيميمون وورقلة وأولاد جلال وتقرت.
وأبرز الخبير في الاقتصاد، أنه وبمجرد دخول فروع البنوك الجزائرية حيز العمل في دول الساحل والصحراء والسنغال وأدغال إفريقيا واعتماد مقاربة الدينار الجزائري الرقمي، سوف يتم تطوير العمل التجاري ويصبح دوليا، ويسهل من وسائل الدفع العالمية في التجارة باستعمال البطاقات الائتمان والديجتال والرقمنة، وخاصة ربط دول بضوابط دولية، من خلال إنشاء شبكات الانترنت وتوفير التكنولوجيا، مما سيسهل من عمليات التصدير والاستيراد والتجارة في إطار الاتفاقية مع المنظمة المحلية للتجارة لدول غرب إفريقيا الحالي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19467

العدد 19467

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19466

العدد 19466

الجمعة 10 ماي 2024