هواري تغرسي خبير اقتصادي لـ “الشعب”:

معطيات تؤسس لإصلاحات عميقة وحوكمة حقيقية

فضيلة بودريش

 جسر آمن لتشكيل خريطة وطنية للاستثمارات الكبرى

 اعتبر الدكتور هواري تغرسي الخبير الاقتصادي، أنّ الرقمنة تشكّل في المرحلة الراهنة أولوية فائقة الأهمية على اعتبار أنّها تعد جسرا آمنا يسمح بتشكيل خارطة وطنية للاستثمارات، تفتح الاقتصاد الوطني على تنمية متينة، واعتبر أنّ في قلب رهانات الرقمنة السارية يسجل اهتمام كبير برقمنة القطاع المالي بما فيه البنوك والجمارك والضرائب على وجه الخصوص، متوقعا الانتهاء من رقمنة القطاع المالي خلال العام المقبل، والنجاح في إرساء بنية مهمة تسفر عن تطوير المنظومة الرقمية على مستوى البنوك وتطوير تدفقات الانترنيت. وذكر أنّ الانتهاء من الرقمنة سيسمح بالقضاء على السوق الموازية.

 تحدّث الدكتور هواري تغرسي الخبير الاقتصادي عن السير في الوقت الراهن لبناء منظومة رقمية في الجزائر، بهدف مواكبة الإصلاحات التي يشهدها الاقتصاد الوطني لكن بنظرة دقيقة، قال إنّه ينتظر من المنظومة الرقمية أن ترسي سقفا أعلى من الشفافية، وينعكس ذلك بشكل تلقائي وسريع على التنمية والنشاط الاقتصادي، وكل ما يرتبط بالمنظومة المالية سواء كان ارتباطا اجتماعيا أو اقتصاديا، ويرتقب في المراحل المقبلة بفضل هذه الإصلاحات اختفاء البيروقراطية ومختلف العراقيل، والشوائب التي قد تقف مانعا في وجه التطور الاقتصادي، ومختلف المنظومات التسيرية الأخرى.

استغلال الأموال المكتنزة في الادّخار

 بلغة تحمل الكثير من التفاؤل، قال تيغرسي إنّه في الجزائر تتوفر مختلف الفرص من أجل تحقيق الرفاهية وتحسين المستوى المعيشي للمواطن، وكذا تحسين تسيير سير مستوى الدفع اليومي، وخاصة في ظل تحديات وجود سوق موازية السوق، وتأثيراتها على الاقتصاد الوطني وحركية المنظومة الاقتصادية وإلى جانب سرعة حركية النقود. وعلى خلفية أنّه إذا كانت هذه الأموال مكتنزة وغير مستغلة وحركيتها بطيئة، فلا تضخ في الاستثمار الحقيقي، ولا تستغل في خلق الثروة. ومن أجل استغلال كل الأموال المدخرة بالشكل الجيد والمطلوب يتطلّب تجنيد مختلف المقدرات المالية، لأنّ ذلك سيكون له أثر جد إيجابي على الناتج الداخلي الخام، علما أنّ الوزير الأول كان قد أكد أن الناتج الداخلي الخام قد بلغ 233 مليار دولار، وذكر الخبير أنّ هذا المستوى المسجل تحقق من خلال استغلال 20 % من الإمكانيات الوطنية حسب تقديره، لكن مراقبة هذه الأموال بطريقة رقمية شفافة سيرفع لا محالة من الناتج الداخلي الخام إلى مستويات عالية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لأن من شأن ذلك تسهيل المعاملات سواء الاقتصادية أو التجارية حتى المالية، وكما أنّه يمكن أن هذه الأرقام تكون مضاعفة في المراحل المقبلة.
وخلال حديثه عن قطاع الضرائب، يرى أنّ إرساء منظومة رقمية للقطاع الجبائي، ثم الذهاب إلى عملية الدفع الضريبي ونفس الأمر بالنسبة لقطاع الجمارك، سيغير كثيرا من واقع المشهد الاقتصادي والمالي المرشح لأنه يسجل قفزة عالية من التطور والتغيير للأفضل، ولم يخف أنه يتطلع لبلوغ تحصيل ضريبي يغطي ميزانية التسيير في المراحل القادمة، والأمر سيان بالنسبة إلى الرسوم الجمركية من خلال إصلاح جمركي عميق، وعلى خلفية أن رقمنة هذا القطاع  يفضي إلى توفير تحصيل مهم، ومن شأن كل ذلك التأسيس لحوكمة حقيقية، لأنه صار في الوقت الحالي متاحا معرفة المنتجات الوطنية وحقيقتها وكميتها، ولذا من الضروري أن تكون لدينا منظومة إحصائية متكاملة في هذا الجانب.
التّحكّم في المنظومة الإحصائية
 يعتقد الخبير الاقتصادي تغرسي، أنّه مهم جدا التطوير والتسريع في تعميم رقمنة القطاعات، لافتا الانتباه في نفس المقام إلى وجود عمل كبير تقوم به السلطات العمومية بالنسبة لقطاعي الضرائب والجمارك، وينتظر فقط أن تكتمل المنظومة الرقمية للقطاعين، بهدف القضاء مباشرة على إشكالية السوق الموازية والمنتوج الموازي، وللقضاء كذلك على ظاهرة ارتفاع الأسعار والتفاوت والمضاربة، مشيرا في سياق متصل إلى أنه عندما تكون لدينا منظومة ضريبية وجمركية متكاملة على ضوء الرقمنة، يمكن معرفة مدخلات الإنتاج وقيمة الأرباح وحجم الأرباح وتسقيف الأرباح، خاصة بالنسبة للمنتجات الوطنية وحتى المستوردة.
وعاد الخبير ليقف على أهمية القانون النقدي والمصرفي، بهدف تطوير منظومة الدفع في الجزائر، وكذلك أثر تطوير القوانين على صعيد استقطاب أموال السوق الموازية من خلال الصيرفة الإسلامية، وتقديم شمولية في عملية الصيرفة، ونقصد بالشمولية، توفير منتجات مهمة للمواطن بأسعار مقبولة خاصة المواطنين أصحاب الدخل البسيط، وأوضح تيغرسي مسترسلا في تقديم شرح دقيق، أن الرقمنة مرتبطة بكل القطاعات الموجودة سواء بالنسبة للخزينة أو الجباية وكذا البنوك، إلى جانب قضية الدفع الرقمي بهدف الحصول على الأموال ولمعرفة مداخل ومخارج هذه الأموال، ولتقديم إحصاء حقيقي بالنسبة للاقتصاد الوطني من حيث الاستهلاك والإنتاج والاستثمار.
ولدى تطرّقه لأهمية رقمنة المنظومة البنكية، سلّط الخبير الضوء على كيفية تبسيط العديد من الإجراءات بفضل الرقمنة، من بينها التحضير لفتح مكاتب الصرف التي قال إنّها من المرتقب أن تمنح حركية وشفافية أكبر ،وفوق ذلك ثقة أكبر للمستثمر الوطني والأجنبي، وأما فيما يتعلق بالهدف من سلسلة القوانين بما فيها القانون النقدي والمصرفي، أشار تيغرسي إلى ارتباط الحوكمة بالرقمنة، وأثنى على مكاتب الصرف وعدة إصلاحات أخرى جارية، المرجو منها إرساء مناخ استثمار جذاب يستقطب الاستثمار المحلي، الذي يستوجب إيجاد خريطة وطنية للاستثمارات الكبرى أو على المستوى المحلي، وهذه الحركية حسب تأكيده ضرورية من أجل الولوج لخلق المؤسسات، لأنّ رئيس الجمهورية ركّز على نقطة مهمة تتمثل في التطلع لتحقيق نموذج مشابه للنموذج الايطالي المتضمن أكثر من 5 ملايين مؤسسة من خلال هذه التسهيلات، وإصلاح مناخ الاستثمار بصفة عامة، وعلما أنّ الرقمنة جزء من مناخ الاستثمار لتحديد سقف شفافية الاقتصاد الوطني ومدى شفافية الاستثمار، وبالإضافة إلى التحكم في المنظومة الإحصائية للاقتصاد الوطني.
وخلص تيغرسي إلى القول، إنّه يتوقع خلال السنة المقبلة الانتهاء من رقمنة القطاع المالي، لأنه يحتاج إلى إرساء بنية مهمة فيما يخص تطوير المنظومة الرقمية والبنوك الرقمية وتطوير هذه البنى وكذا تدفقات الانترنيت، وبالموازاة مع ذلك، أشاد الدكتور تيغرسي بالعمل الكبير الذي يجري على المستوى الوطني فيما يخص التدفقات التي تعطي حلولا متنوعة، مرافعا في نفس السياق عن أهمية طرح مزايا أكبر للمؤسسات الناشئة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19467

العدد 19467

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19466

العدد 19466

الجمعة 10 ماي 2024