وزير الأسرى الفلسطيني قدورة فارس لـ”الشعب”:

الأســرى يتعرّضـون إلى أبشـع حملـة انتقام صهيونيـة

حوار: محمـد فرقاني

 

* شهداؤنا.. منارات نهتدي بها لتحقيق الحرية

* الكيان الصهيوني يتصرف
 من واقع خيبته

* الاحتلال يتكتم عن المعتقلين في غزّة ولا يعطي أيّ معلومة عنهم

تتسارع الأحداث في فلسطين الجريحة، ويصوغ الشعب الفلسطيني ملحمة عظيمة، مقاومة وصمودا في وجه كيان جبان ينتقم من المكبّلين والأسرى، مثلما ينتقم من الأطفال والنساء في غزّة، وفي كل شبر من تراب الأرض المقدّسة، بعد أن عجز عن مواجهة رجال الكفاح والمقاومة الفلسطينية في معركة عادلة.. وللاطلاع أكثر على الوضع، اتصلنا بوزير الأسرى، ورئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في فلسطين، قدورة فارس الذي أكد لنا أن الاحتلال يحاول استفزاز الأسرى لتنفيذ مجزرة جماعية في السجون، وقال إنّ الكيان يسعى للانتقام من خيبته وواقع شعوره بالفشل، فيلجأ إلى حملات اعتقال عشوائية ويستعمل أبشع الوسائل في التعامل مع الأسرى.. وزير الأسرى الفلسطيني ألقى الضوء على معاناة الفلسطينيين في هذا الحوار.. إليكموه..


 بداية، نودّ من الجزائر أن نطمئن على أوضاع أهلنا في فلسطين ولو أنّ العالم كله يتابع ويعرف حال الشعب الفلسطيني اليوم، إلاّ أننا نوّد الاطمئنان على معنويات الشعب الثائر ..
 الشعب الفلسطيني يتعرّض إلى حرب وحشية همجية بشعة، لكنه يعتمد بعد الله، على إيمانه وعزيمته وأهمية أن يصبر ويحتسب ويكافح ويدافع عن إنسانيته وعن حقوقه في الحرية والاستقلال، لذلك نحن وإن كان الألم عميقا والجرح عميقا، والضحايا بالآلاف، والمعتقلون بالآلاف، والدمار - كما تتابعونه - كبير، لكننا شعب ظهرنا إلى الجدار، لا تراجع عن قرار تمسكنا بثوابتنا الوطنية، والتمسّك بحقنا في مقاومة الاحتلال حتى ينقشع ويرحل عن أرضنا.. هذه مسائل راسخة وثابتة في وعي الشعب الفلسطيني أطفالا ورجالا وشيوخا ونساء.
 لا تخفى الأحداث الأخيرة والجرائم البشعة في حق الشعب الفلسطيني التي ارتكبها الكيان.. حتى الأسرى في السجون على اطلاع بكل ما يحدث، ولعلّ الهستيريا التي يعيشها الصهاينة، تتجلى في تواصل العدوان واشتداده، وقد تمسّ الأسرى في السجون وتزيد من معاناتهم، فما هو وضع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال هذه الأيام؟
 الأسرى يتعرضون إلى أبشع حملة انتقام، والعدو الصهيوني يتعامل مع الأسرى باعتبارهم رهائن وهم ينتقمون من الشعب الفلسطيني من خلال ما يوقعونه من أذى وضرر.. الأسرى يتعرضون لعمليات قمع وحشية.. ضرب بالهراوات.. تعذيب رهيب، وهناك وجود مسلّح في أقبية وأروقة السجون، وكثير من الأسرى تهشّمت وجوههم وتكسّرت أطرافهم نتيجة للضرب العنيف الذي يتعرضون له، ولدينا شعور أنهم يستفزون الأسرى ويريدون استدراجهم لكي ينفذوا في حقهم مجزرة، فالصهاينة يبحثون عن أي ردّة فعل من الأسرى كي يعتدوا عليهم؛ لهذا، الوضع في غاية الخطورة في السجون، والكيان الصهيوني يتصرّف من واقع خيبته وشعوره بالفشل، ومن واقع انكسار، لذلك يريد أن تنتقم كيفما شاء، بغض النظر عن الجرائم، إن كانت مرتبطة بأهداف سياسية أو من دون تحقيق أي هدف، فالكيان يقترف الجريمة لأجل الجريمة، ويوقع الأذى بدافع الأذى فقط، حتى كأن الصهاينة يسيرون على غير هدى وبلا أهداف.
 بعد عملية “طوفان الأقصى”، بدأ الحديث يتصاعد عن الأسرى الصهاينة لدى الفصائل الفلسطينية، بالمقابل، هناك صمت تام عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الصهاينة.. ما تعليقكم على سياسة الكيل بمكيالين الفاضحة بعد أن جعلت الآلة الغربية خطابها حصريا لصالح تحرير أسرى الاحتلال، بينما تسكت سكوتا مخزيا عن أسرى الشعب الفلسطيني في السجون الصهيونية دون تهم محددة في غالب الأحيان؟  
  نعرف طبيعة هذا العالم، لأننا نعاني منذ 75 سنة من خيبات متتالية.. هذا العالم الذي مارس النفاق وكال بمكيالين بكل ما له علاقة بالصراع الفلسطيني الصهيوني، لذلك هذه المواقف الدولية ليست جديدة علينا، ولكنها تتجلى بشكلها الفاضح والمخزي، إذ أنّ رؤساء دول غربية يتوافدون على فلسطين فاليوم (الحوار تمّ الثلاثاء) كان الرئيس الفرنسي ماكرون في زيارة لفلسطين، والتقى رئيس دولة الاحتلال، ورئيس الوزراء، وتحدث بنفس لغة الصهيوني.. جاء ماكرون إلى فلسطين ليتضامن مع الكيان الصهيوني، وكأنّ الذين يقتّلون ويذبّحون في غزّة، ليسوا بشرا.. قبله جاء رئيس وزراء بريطانيا، وقبلهما جاء بايدن شخصيا، وبلينكن وآخرون.. جاؤوا ليتعاطفوا مع المعتدي.. جاؤوا ليتعاطفوا مع المحتّل، ويعبروا عن دعمهم لمن يقترف جرائم إنسانية ويمارس جريمة إبادة كاملة الأركان.. بالنسبة لنا، هذا لا يفاجئنا، لكن من الجيّد أن الأمور صارت على هذه الدرجة من الوضوح، حتى لا يدّعي هؤلاء أنهم يمثلون المدنية ويمثلون المنهج العصري، فقد اتضح أنهم كاذبون ومنافقون وأن مشروع الاحتلال هو مشروعهم هم، وهو مشروع استعماري توسعي في المنطقة.
 بعد استشهاد البطل عمر دراغمة في سجون الاحتلال هذا الاثنين، ارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة في فلسطين إلى 238، بالإضافة إلى تواجد جثامين شهداء في ثلاجات ومقابر الاحتلال لم تسلم إلى أهلها.. كيف ترون وضع الأسرى في السجون الصهيونية؟
 اغتيال وقتل الشهيد عمر دراغمة، هو جريمة جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال المليء بالجرائم، فالتطاول والاستقواء على أسير مقيّد، عمل منحطّ ويدل على دناءة وضعة، ويدل على أن الاحتلال مجرّد من كل القيم.. الصهاينة لا يحترمون أي نص جاء على ذكر أي اتفاقية دولية، وفي نهاية المطاف، نحن شعب يؤمن بأن هناك تضحيات كثيرة سوف نقدّمها من أجل حريّتنا واستقلالنا، والشهيد عمر هو شهيد جديد ينظم إلى قافلة الشهداء الذين ستبقى أرواحهم منارات نهتدي بها ونحن نواصل نضالنا من أجل الحرية والاستقلال.
 ارتفع عدد الأسرى منذ السابع أكتوبر إلى 2265 أسير، وهو ما يؤكد أن الحالة الهستيرية التي دخل فيها الاحتلال، دفعت به للقيام بحالات اعتقال عشوائية.. علام يستند الصهاينة في هذه الاعتقالات؟
  قلت لك قبل قليل، إنّ الاحتلال مضطرب ولا يعرف بالضبط ماذا يفعل، هم يعرفون شيئا واحدا هو كيف ينتقمون من الشعب الفلسطيني، لذلك، تتزايد حملات الاعتقال باستمرار، وترتفع بشكل مطرد، وهذا ـ على كل حال - لن يفيد الاحتلال في شيء.. صحيح أن هذا يؤلمنا ويؤذينا ولكن ليس أمامنا سوى أن نصبر ونحتسب ونصمد.
 ما هي الوضعية القانونية لهؤلاء المعتقلين وسبل الدفاع عنهم؟
 الكيان الصهيوني خارج عن القانون، لديه محاكم عسكرية وهي محاكم لا يعتدّ بها، لكن بالنسبة لإخواننا من قطاع غزة الذين تمّ اعتقالهم، لم نتمكن حتى الآن من الإطلاّع على أوضاعهم أو معرفة أسمائهم أو أين يتواجدون، فالكيان يتكتّم عليهم، ولا يعطي أي معلومات تخصهم، حتى للمؤسسات الدولية.
 الأحداث المتسارعة قد تحجب ما يحدث في السجون خاصة وأن الجلاّد الصهيوني ينال دعم القوى الغربية، ما هو دوركم في تسليط الضوء على ما يحدث في السجون اليوم؟
 نحاول أن نكون رجع صدى لصوت الأسرى، وكل المعلومات التي ترد إلينا نضعها في متناول كل المؤسسات الدولية وكل المؤسسات الإعلامية، ونضع شعبنا وفصائلنا وحكومتنا والجميع في الصورة وندعو الجميع أن يقف عند مسؤوليته لتوفير مظلّة حماية للأسرى.
 دعوتم - في أكثر مناسبة - إلى الالتفاف حول ملف الأسرى وجعله على رأس أولويات الاهتمام الوطني..
 نعتبر قضية الأسرى مهمّة واستراتيجية للشعب الفلسطيني، ولا نفاضل بين دم ودم، أو بين معاناة ومعاناة، وكل المواضيع والقضايا مهمّة وكل قطرة دم تراق مهمّة، وقضية الأسرى نوليها أهمية؛ لأنهم محجوزون ومقيّدون ومكبّلون، حتى لا يستفرد بهم الاحتلال وينفذ بحقهم جرائم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024