وضع الدّكتور طارق هابة، من جامعة الشهيد حمه لخضر بالوادي، “المعالجة الإعلامية للصّراع الفلسطيني – الصهيوني” تحت مجهر الدّرس، واتّخذ جريدة “الشعب” نموذجا، في مقال نشره بمجلة “قبس للدراسات الإنسانية والاجتماعية”، ليتتبّع منهج “الشعب” في معالجة القضية الفلسطينية، ليخلص إلى أنّ “الشعب”، بصفتها ممثّلا للإعلام العمومي، “لعبت دورا كبير ومهمّا في التغطية الإعلامية على المستويين المحلي والدّولي”
قال الدكتور طارق هابة، إنّ جريدة “الشعب لم تتوان، على المستوى المحلي، في التعريف بالصراع الفلسطيني الصهيوني، والأحداث والوقائع التي تجري على الساحة الفلسطينية”، بينما كانت “الشعب”، على المستوى الدولي، “لسان حال الجزائر في الردّ على الهجمات والانتهاكات العدائية التي تعرّضت لها فلسطين، وفي تحديد موقف الجزائر الدائم والداعم لقضايا التحرر في العالم، وبالأخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة”، وأضاف أنّ “الشعب” لم تتردّد مطلقا في أن تكون “منبرا إعلاميا مهمّا للدولة الجزائرية في نصرة القضية الفلسطينية والدفاع عنها واحتوائها”، مسجّلا أنّه “لا يكاد يمر عدد من الصّحيفة، إلا وتخصّص حيّزا إعلاميا للقضية الفلسطينية”.
وسجّل الباحث أنّ لـ “الشّعب” صفحتين دائمتين للقضية الفلسطينية، تصدران كل خميس تحت عنوان “صوت فلسطين”، تعالجان كل ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الصهيوني، ويشارك في تحريرها المثقّفون والنّخبة من رجال السياسة والفن والأدب والإعلام من أبناء فلسطين الأبية، علما أنّ “الشعب” تنشر كل أحد وثلاثاء صفحة خاصة تحت عنوان “صوت الأسير”.
ولاحظ هابة أنّ “موقع نشر الموضوعات المتعلقة بالصراع الفلسطيني الصهيوني في جريدة “الشعب” يكون عادة في الصفحات الأولى والصفحات الداخلية وحتى الصفحة الأخيرة، وقدّر أنّ الارتفاع الكبير لتواجد الموضوعات المتعلقة بالصراع الفلسطيني الصهيوني بالصفحات الداخلية “راجع إلى طبيعة الموضوع وعلاقته بالمواقف السياسية الرسمية والشعبية في الجزائر” بحكم أنّها تفرض الاهتمام بـ “الأخبار الحسّاسة والمهمة للرأي العام (...) خاصة أن الصفحات الداخلية تهتم بالأحداث العربية والعالمية، وتأتي تحت تسمية “العالم”.
وسجّل الباحث أنّ النوع الصحفي المستخدم في الكتابات الصحفية للقضية الفلسطينية هو فن الخبر الصحفي بنسبة 59.61 %، يليه التقرير الصحفي بنسبة تقدر بـ 26.92 %، في حين جاء العمود الصحفي بنسبة 07.69 % ثم التحقيق الصحفي والبورتري والتعليق الصحفي بنسبة متشابهة، ليقدّر أنّ نسبة استخدام “الخبر الصحفي” في الكتابات المتعلقة بالصراع الفلسطيني الصهيوني راجع إلى طابع الجريدة الإخباري، وتركيزها على الحملات العدائية الصّهيونية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وقد توصّلت الدراسة - يقول هابة - إلى استخدام العناصر التيبوغرافية بكثرة عند معالجة القضايا المتعلقة بالأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية، خاصة استخدام الصورة بنسبة 68 بالمئة، وقدّر أن ذلك راجع إلى طبيعة التأثير الذي تحدثه الصورة في نفوس القراء، خاصة تلك المتعلقة بالاعتداءات والعنف والقتل والانتهاكات التي تكاد تكون شبه يومية في حياة الفلسطينيين العزل، ممّا يزيد من روح التضامن والتلاحم بين الشعبين، بينما لم تستخدم الصحيفة الصور في تغطيتها الصحفية سوى بنسبة 32 بالمئة، ولعل ذلك راجع إلى طبيعة الحدث أو الواقعة التي لا تحتاج إلى صور، بل تترك الأفراد يغوصون في خيالهم لبناء الصورة والحكم عليها.
وأحصى الدكتور طارق هابة المواضيع المعالجة، فتوصّل إلى أنّ “أبرز المواضيع المتعلقة بالتغطية الإعلامية للصراع الفلسطيني الصهيوني هي التضامن بنسبة تقدر بـ 30.76 %، يليها السجن والاعتقال بنسبة تقدر بـ 23.07 % ثم المقاومة بنسبة 10.76 % ثم الاستيطان بنسبة تقدّر بـ 9.23 %، وفي الأخير نجد العنصرية والتّحريض، القتل، الاحتجاجات والمظاهرات، ولعل ارتفاع الأخبار المتعلقة بـ “التضامن” يعود إلى الموقف الجزائري الذي يتجسّد في المقولة التاريخية للرئيس الراحل هواري بومدين “الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، كما طغت الأخبار المتعلقة بسعي الجزائر إلى تحقيق الوحدة والمصالحة بين الفصائل والأشقاء الفلسطينيين، والتي كلّلت بالتوقيع على “إعلان الجزائر” في 14 أكتوبر 2022، ووصفه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بأنّه “يوم تاريخي، والقدس عاصمة فلسطين المستقلة”، تليها المواضيع المتعلقة بالسّجن والاعتقال، وهذا راجع إلى طبيعة الاحتلال العدوانية والمنتهكة لكل العهود والمواثيق الدولية، خاصة في الاعتقالات العشوائية للمتظاهرين والمحتجّين المطالبين بحقوقهم.
