خبير المعلوماتية فريد فرحاتي لـ ”الشعب”:

تواطـــؤ “منصـــات التواصـــل” مـــع الصهاينـــة مفضــــوح

حوار: اسكندر لحجازي

 

  المنصــــات تصنــــع رأيا عـــــــــــاما زائفا لصـــــــالـح الكيـــــــــــــــان الصهيــــــــــــــوني
 شركـــــــة “ميتــــــــا” صاحبـــــــة “فــــايسبــــــــــوك” مارست “القمــــــــــع الرقمـــــــي
  خوض الحــــــرب الرقميــــــة للدفــــــاع عـــن الحـــــق الفلسطينـــــــــي.. حتميـــــة
  الكلمة مهما كانت لها تأثيرها.. ولو كانت دون فائدة ما حذفها الموالون للصهاينة

يحلل المهندس في المعلوماتية ومدير مركز العقل الجميل للدراسات والاستشارات بخنشلة الناشط فريد فرحاتي في حوار مع “الشعب”، خلفيات الحرب الرقمية ضد الفلسطينيين وتحيز مواقع التواصل الاجتماعي وكيفية التعامل معها.


الشعب: ما دور منصات التواصل الاجتماعي في الحروب الحديثة، وما مدى تأثيرها على الرأي العام العالمي تجاه ما يرتكب الصهاينة من جرائم إبادة وتقتيل؟
فريد فرحاتي: بداية، نترحم على شهدائنا في فلسطين، وندعو الله أن يشفي مرضاهم ويربط على قلوبهم وينصرهم نصرا عزيزا.. بشكل عام، نحن نعلم أن وسائل التواصل الاجتماعي أنشئت في الأصل لتشكل فضاء لتبادل وجهات النظر والمعلومات، بحيث يتاح للجميع الفرصة للتعبير والاستماع، وإذا لم تكن محايدة وتفضل طرفًا على حساب الآخر، يمكن أن يكون لذلك تأثير سلبي على التواصل والفهم المشترك، أما إذا تدخلت لصالح طرف على حساب طرف آخر، وذلك بمنع الوصول إلى المعلومات والأخبار أو السماح بالمحتوى المضلِّل لنشر الإرباك، أو حظر وحذف حسابات تابعة أو موالية لطرف من أطراف الصراع لتعزيز الصوت الواحد على أرض المعركة، فإنها تتحول من وسيلة تواصل مفتوح محايد إلى سلاح مهم جدا في الحروب الحديثة، وهو ما تقوم به - على سبيل المثال - شركة ميتا المالكة لمنصتي فايسبوك وإنستغرام، وهذا ليس مجرد اتهام عاطفي، بل إن منظمة هيومن رايتس ووتش ذاتها قالت: “إن شركة “فيسبوك” أزالت وقمعت بشكل غير جائز محتوى نشره فلسطينيون ومناصروهم، يتضمن الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في دولة الاحتلال وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الأعمال العدائية في شهر ماي 2021، الأمر الذي بررته شركة فايسبوك وقتها، بوجود “خطأ ما” وأنها “ستسعى إلى إصلاحه”!، لكن الأمر أصبح واضحا بشكل نهائي بعد اندلاع عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، فقد تحولت شركة ميتا إلى طرف في الصراع موال للكيان بشكل فاضح، وأصبح مجرد إدراج كلمة “فلسطين” يعرض المنشور أو الصورة مباشرة للحذف أو معاقبة الناشر بالحظر المؤقت أو النهائي، وذلك من شأنه تسويق صورة واحدة عن الصراع، وهي الصورة التي يسوقها الكيان من أجل التأثير على الرأي العام العالمي أو صناعة رأي عام زائف ومنحاز، يؤثر إلى حد كبير على الشعوب والحكومات وصناع القرار عبر العالم، ويجعل المحتل ضحية، والمقاوم معتديا أو “إرهابيا” كما كان يقال عن المجاهدين في ثورة التحرير ببلادنا، وذلك ما يسمى “القمع الرقمي” للرأي المخالف.
^ ماذا عن خلفيات تواطؤ الشركات العالمية لمواقع التواصل الاجتماعي مع الكيان الصهيوني وهل هناك لوبي صهيوني يتحكم في تسييرها وتوجهاتها؟
^^ لم يعد تواطؤ شركات شبكات التواصل الكبرى في العالم مع الكيان أمرا مخفيا، وذلك بصرف النظر عن ديانات أو معتقدات مالكي ومسيري هذه الشركات، فهذه الشبكات انتقلت إلى مستوى جديد في دعمها للكيان، حتى تحولت إلى سلاح رقمي فتاك..  وفي الواقع، تم توثيق هذه الانتهاكات للحقوق الرقمية والتواطؤ السافر مع الاحتلال في أكثر من مناسبة، كما حدث -على سبيل المثال لا الحصر- مع مجموعة من الصحفيين الأستراليين الذين وقعوا رسالة مفتوحة في 14 ماي يدعون فيها وسائل الإعلام إلى “القيام بتغطية أفضل” للصراع الصهيوني الفلسطيني من خلال تضمين وجهات النظر الفلسطينية في التغطية والامتناع عن “التحيز الذي يسوّي بين ضحايا الاحتلال العسكري والمحرضين عليه”، حيث تعرض الصحفيون لضغوطات وتهديدات، ومنهم من أقدموا على استقالات جماعية، وقد أكد الصحفي أنتوني لوينشتاين، وهو صحفي أسترالي يهودي، أن وسائل الإعلام عموما ووسائل التواصل الاجتماعي خاصة، تخضع لسيطرة كاملة للوبي الصهيوني، حيث يتعرض الناشرون والعاملون من غير اليهود إلى ضغوطات كبيرة، حتى إذا تعلق الأمر ولو بـ«الحياد” في موضوع جرائم الاحتلال.
 وكما أشرنا إليه سابقا، فإن منظمة هيومن رايتس ووتش نفسها وثقت تلك الانتهاكات، ونرى حاليا كثيرا من حملات الاحتجاج ضد منصات التواصل الاجتماعي بسبب انخراطها الفاضح في الحرب الرقمية لصالح الاحتلال. ثم إن كل مستخدم عادي لوسائل التواصل الاجتماعي يمكنه تلمس هذا التواطؤ بنفسه، بمجرد محاولة نشر شيء عن فلسطين، نصا كان أو أي وسائط رقمية أخرى. لذلك، فإن اللوبي الصهيوني لا يتمثل في أتباع الديانة اليهودية تحديدا، بل هو شبكة مصالح وعلاقات معقدة، وإيديولوجيات مطابقة للطرح الصهيوني، تنتمي إليها حتى بعض الجهات من العرب والمسلمين.. للأسف!
^ كيف لمسلمي العالم والشعوب المتضامنة مع القضايا العادلة أن يفرضوا وجودهم ويبرزوا آراءهم عبر هذه الشبكات ما دامت حتمية اتصالية تلازم كافة أرجاء المعمورة وتتصف بتأثيرها البالغ في الشعوب والقرارات؟
^^ نحن نعيش عصرا رقميا بامتياز، وبما أننا نتحدث عن الحقوق الرقمية، فمن الطبيعي أن يواجه الاعتداء عليها بمقاومة رقمية أيضا، أعتقد أنه يجب على كل فرد يمكنه الوصول إلى الإنترنت أن يشارك في دعم القضية الفلسطينية ولا يحتقر تلك الكلمات البسيطة والصور والفيديوهات التي ينشرها ويشاركها، فلو لم تكن ذات أهمية وتأثير، ما كانت شبكات التواصل المنحازة تبذل كل ذلك الجهد الذي يكلف كثيرا من الوقت والجهد والمال للتضييق عليها وحذفها.
 كما يجب ربط الفعاليات الرقمية بفعاليات على أرض الواقع من خلال مختلف النشاطات المدنية والإعلامية، تعزيزا للتأثير على صناع القرار عبر العالم ولو بأضعف الإيمان.
^ بصفتك خبيرا في المعلوماتية، ما هي نصائحك - من الناحية التقنية - لاستعمال هذه الفضاءات الافتراضية من قبل الذين يريدون التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني والغزاويين في هذه المحنة، ولا يملكون سوى فضاء افتراضي متحايل وموال للصهاينة؟
^^بالطبع، يمكننا تقديم بعض النصائح التقنية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بفعالية وذكاء للتعبير عن الدعم والتضامن مع الشعب الفلسطيني والغزاويين في هذه المحنة، سواء كنت مسلمًا أو عربيًا أو من أي دولة أخرى كالتالي:
- استخدم وسائل التواصل الاجتماعي بحذر: تحقق من مصداقية المعلومات قبل مشاركتها والتأكد من أنها تأتي من مصادر موثوقة... ثانيا: استخدم الوسوم (Hashtags) المناسبة: استخدم وسم (هاشتاغ) ذو صلة مثل FreePalestine أو GazaSolidarity لتكوين جزء من المحادثة العالمية حول هذا الموضوع وابحث عن الوسوم الأكثر تداولا واستعملها... ثالثا.. شارك الأخبار والأحداث الهامة: شارك الأخبار والتطورات الجارية في فلسطين وغزة على منصات التواصل الاجتماعي لزيادة الوعي، وقم بمشاركة المعلومات والموارد: قدم معلومات وموارد تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، مثل مقالات وأشرطة فيديو وتقارير، ثم اعمل على توجيه المزيد من الانتباه إلى القضية: من خلال التوقيت الجيد ومشاركة المحتوى بانتظام، يمكنك زيادة الوعي بشكل فعال.. في مرحلة تالية، يمكن التواصل مع المنظمات غير الحكومية والمجموعات المحلية والدولية التي تعمل على دعم القضية الفلسطينية، إضافة إلى استخدام الوسائل المتاحة لجمع التبرعات: إذا كنت ترغب في تقديم دعم مادي، يمكنك استخدام منصات جمع التبرعات عبر الإنترنت مثل GoFundMe أو Launch Good.. ينبغي التعريف بالقضية كذلك.. قم بالتعاون مع أصدقائك وشبكتك على وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة الوعي والتضامن، وانشر عن تاريخ فلسطين، وثقافتها وتقاليدها، انشر كل ما يوثق الحق الفلسطيني التاريخي، وعكس ذلك مما ينفي الادعاءات الصهيونية ويكشف زيفها وكذبها، والأهم الأهم، أن يبقى رواد أنترنيت من أنصار الحق الفلسطيني على اتصال مع المصادر الإخبارية الموثوقة: متابعة الأخبار والمستجدات من مصادر إخبارية موثوقة للبقاء على اطلاع دائم، وباستخدام هذه النصائح بذكاء.. أعتقد أنه يمكن للأفراد أن يكونوا جزءًا فعّالا من جهود التضامن مع الشعب الفلسطيني، وزيادة الوعي بالقضية الفلسطينية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19467

العدد 19467

الأحد 12 ماي 2024