استنادًا على مجموعة من زيارات الطواقم القانونية

إحـاطـة عـن واقـع الأسـرى في سجون الاحتـلال الـصـهـيـوني

قالت هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين ونادي الأسير الفلسطيني إنّ أكثر من 9000 أسير/ة فلسطيني/ة في سجون الاحتلال الصهيوني يواجهون منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم، إجراءات انتقامية وتنكيلية غير مسبوقة مسّت مصيرهم، وعلى مدار الفترة الماضية، وفي إطار المتابعة القانونية، لم تختلف وتيرة الإجراءات التي فرضت على الأسرى والمتمثلة في أساسها بعمليات التعذيب والتنكيل الممنهجة، والتي تهدف في جوهرها إلى سلبهم إنسانيتهم، وحرمانهم من أدنى حقوقهم.
وفي إطار المتابعة وإتمام مجموعة من الزيارات التي تمت من قبل الطواقم القانونية ما بين الفترة الواقعة منذ الأول من فيفري الجاري وحتى تاريخ اليوم، ننشر إحاطة حول واقع الأسرى وبعض السياسات التي تصاعدت وزادت حدّة معاناة الأسرى وعلى عدّة أصعدة، خاصّة مع مرور الوقت حيث يُشكّل عامل الزمن مؤثرًا أساسيًا على مصير الأسرى، في ظلّ استمرار وتيرة الإجراءات الانتقامية والتنكيلية بحقّهم.

سياسة العزل.. الدامون وجلبوع نموذجًا:

 تؤكّد هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، أنّ سياسة العزل بمستوياتها المختلفة تشكّل إحدى أخطر السياسات التي تصاعدت بوتيرة غير مسبوقة على الأسرى بشكل جماعي، وأصبح يتخذ مفهوما آخر بعد السابع من أكتوبر، خاصّة بعد أن جرّدتهم إدارة السّجون من أبسط الأدوات ووسائل التواصل مع العالم الخارجي، كالتلفاز وزيارة العائلة، إضافة إلى أنّ العديد من أقسام الأسرى تم مصادرة الراديو منها، ولم يتبق بالنسبة لهم كوسيلة تواصل سوى زيارة المحامي.
ففي سجن “الدامون” الذي تُحتجز فيه غالبية الأسيرات، وعددهنّ اليوم نحو 45 أسيرة بعد الإفراج عن غالبية أسيرات غزّة، أقدمت إدارة السّجون مؤخرًا على نقلهنّ إلى قسم آخر داخل السّجن نفسه، والذي يشكّل نموذجًا مضاعفًا لسياسة العزل، مقارنة مع القسم السابق، فلم تعد الأسيرات قادرات على التواصل فيما بينهنّ، فهنّ معزولات بشكل تام عن بعضهنّ البعض، كما أنّ شبابيك الزنازين مغطاة ببلاستيك وعازل للصوت، وحاجب للرؤية، وعلى كلّ شباك مقوى للعزل فيه فتحات صغيرة جدًا تحجب الرؤية، هذا إلى جانب الرطوبة العالية في القسم، ومنها انتشار حشرة البقّ.

الخط الأزرق:

 أقدمت إدارة سجن “جلبوع” على وضع خط أزرق أمام زنازين الأسرى، والذي يُمنع الاقتراب منه أو تجاوزه، ومن يتجاوزه يتعرّض للتّنكيل والضّرب، وتهدف إدارة السّجن من خلال هذا الإجراء، وفي إطار عزل الأسرى المضاعف، أن تحرم الأسرى من التواصل فيما بينهم بالصوت من زنازينهم، أو عند خروج الأسرى للفورة حتى لا يتمكّنوا من التواصل مع بعضهم البعض، علمًا أنّ سياسة العزل بما فيها العزل الإنفراديّ، شكّلت وما تزال إحدى أبرز السياسات التي انتهجتها إدارة السّجون بحقّ الأسرى، وشكّلت كذلك أقسى السياسات وأخطرها.

سيـاسـة تـقـيـيـد الأســرى خــلال الـزيـارة سـجـن “جـلـبـوع” نمــوذجًـــا:

 برزت سياسة تقييد الأسرى خلال إحضار الأسير إلى غرفة الزيارة، فبحسب شهادة المحامين الذي نفّذوا زيارات للأسرى على مدار الفترة الماضية، فإنّ إدارة السّجون تتعمّد إحضار الأسرى وهم مقيّدي الأيدي إلى الخلف، وكذلك مقيّدي الأرجل، بالإضافة إلى وجود عصبة سوداء على الأعين، وعند دخول الأسير إلى غرفة الزيارة، يتم إزالة العصبة عن عينيه ويتم إقفال الباب، ويقوم الأسير بإخراج يديه من الخلف من خلال فتحة موجودة في الباب، وعندها يقوم السّجان بفكّ القيود، ويعود الأسير بمدّ يديه إلى الأمام من خلال الفتحة، ويعيد السّجان تقييد يديه أمامه، وتتم الزيارة مع المحامي وهو مقيّد اليدين والقدمين، وهذه العملية تتم مجدّدًا عند انتهاء الزيارة، لتشكّل سياسة التقييد بهذا المستوى إحدى أبرز الإجراءات التنكيلية الممنهجة التي تصاعدت بشكل غير مسبوق بعد السابع من أكتوبر.

سياسة التجويع.. سجن “مجدو” نموذجا:

يواجه الأسرى في سجون الاحتلال سياسة التجويع التي زادت حدّتها مع تقليص وجبات الطعام بعد السابع من أكتوبر وحرمان الأسرى من (الكانتينا) بإغلاقها، والتي أدّت إلى تدهور أوضعاهم الصحيّة بالمجمل، حيث يعاني الأسرى في مختلف السّجون من سوء في التغذية، والتي أثّرت بشكل كبير على الأسرى المرضى، خاصّة من يحتاجون إلى غذاء خاص يتناسب مع أوضاعهم الصحيّة، هذا إلى جانب توفير مياه غير صالحة للشرب، حيث يحتوي الماء نسبة كبيرة على الكلس والصدأ، ممّا سبّب للعديد منهم مشاكل صحية.
 ففي سجن “مجدو” الذي شكّل محطة لتعذيب الأسرى، وبرز كشاهد على مستوى الجرائم التي نفّذت بحقّ الأسرى بعد السابع من أكتوبر ومنها سياسة التجويع التي تنفّذ بحقّهم من خلال تقديم وجبات طعام لعشرة أسرى أو 12 أسيرًا لا تكفي في واقع الأمر لأسيرين، فقد أكّد مجموعة من الأسرى الذين تمت زيارتهم مؤخرًا، أنّه وفي إطار محاولة الأسرى الاحتجاج على سياسة التجويع نفّذوا خطوات احتجاجية في أحد الأقسام، وقاموا بإرجاع وجبات الطعام، فأقدمت إدارة السّجون على معاقبتهم بإدخال وحدة خاصّة مع الكلاب لضربهم ومعاقبهم، وتم الاعتداء على الأسرى بالضرب، وتسليط الكلاب البوليسية المرافقة للقوّة، وبعد الانتهاء من عملية الاعتداء قاموا بنقلهم وتوزيعهم على بقية الأقسام.

الجرائم الطبـيــّة تتصاعد  في مخـتلف السّـجـون:

في ضوء استشهاد المعتقل الإداري محمد الصبار في سجن “عوفر” مؤخرًا جرّاء تعرّضه لجريمة طبيّة، فإنّ شهادات المعتقلين حول الجرائم الطبيّة، المتمثلة بحرمانهم من المتابعة الصحيّة، تتصاعد، ويشكّل عامل الزمن للأسير المريض، وتحديدًا من يعانون من مشاكل صحيّة مزمنة، عاملًا مصيريًا، في ظلّ ظروف احتجاز قاسية، وسوء تغذية، وانعدام المتابعة الطبيّة اللازمة والضرورية للمئات من الأسرى المرضى، هذا عدا تصاعد أعداد المرضى نتيجة للظروف الراهنّة في السّجون، فغالبية الأسرى اليوم، يعانون من مشكلة صحيّة، عدا المشاكل الصحية التي نتجت جرّاء الاعتداءات، وتركهم دون علاج حتّى اليوم، إضافة إلى ظهور مشاكل صحية بسبب نوع الطعام السيئ، وعدم توفّر أدوات تمكّن الأسرى من الحفاظ على نظافتهم الشخصية.
وعلى سبيل المثال، فبعد نحو أربعة شهور، وبعد مطالبات عديدة من الأسرى، تمكّن الأسرى من الحصول على مقص أظافر في بعض السّجون، كما أنّ بعض المعتقلين الجدد من شهور وهم بنفس الملابس التي دخلوا بها للأسر.
وفي ضوء استمرار الانتهاكات والجرائم بحقّ الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، فإنّ هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين ونادي الأسير الفلسطيني، تجدّدان مطلبهم لكافة المؤسّسات الحقوقية بمستوياتها المختلفة بضرورة التدخّل الحقيقي والضغط من أجل وقف الجرائم التي تنفّذها إدارة السّجون بحقّ الأسرىوتحديدًا بعد السابع من أكتوبر، والتي تصاعدت بشكل غير مسبوق وأدّت إلى استشهاد 8 أسرى على الأقلّ في سجون الاحتلال الصهيوني، وذلك في ضوء استمرار الاحتلال بتنفيذ الإبادة الجماعية في غزّة وعدوانه الشامل على شعبنا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024