الكاتب قريب من أحوال النّاس ويستلهم منهم أعماله
من تونس الخضراء ، يطل علينا الروائي الروائي التونسي المحسن بن هنية، صاحب «تراجم روائي المغرب العربي»، في هذا الحوار الخاص بيومياته خلال الشهر الفضيل وعاداته وجديده الأدبي.
❊ الشعب: كيف يقضي المحسن بن هنية يومه في رمضان؟ وهل يؤثّر الصيام على موهبة الإبداع ؟
❊❊ الرّوائي المحسن بن هنية: قد يظن البعض أن الكاتب له طقوس خاصة أو العيش داخل برج عاجي، عسى أن يكون البعض هكذا - فالروائي في نظري هو ألصق الناس بالناس على مستوى المعيشة اليومية وحالات التأمل فيها وفي أحوال الناس على مختلف مستواياتهم..في هذا الخضم أمضي يومي أثناء رمضان أو غير رمضان ، غير أن حياة الناس نسبيا تتغير خلال الشهر المعظم. وقد يلامس المبدع من هذه التغيرات، فإذا كان هناك إنكار الاختيال على المختال ونهيا على لسان لقمان إن نصغر خدنا. وأيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين أنه ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد، بعد ذلك كيف لنا أن ندّعى الرفعة والكبْر، وذلك من سوء الإختلاف، والكاتب من أهداف رسالته وغاية الكتابة الإبداعية عنده طرح الصور والمشاهد النافية لما يخدم مصلحة الناس، إذن لو أن رمضان يؤثر سلبا لانتفت فريضة صيامه.
❊ كيف هي السهرات الرمضانية وهل هي مخصصة للعبادة أم يتخللها نشاط أدبي وثقافي؟
❊❊ قلت من قبل «التأمل في المعيش» وأقول عن نفسي ما يقدم يختلف، فرمضان كشهر تكثر فيه منابع التأمل في غاياته وتزداد أسئلة العقل حول مفاعيله وارتدادها على ذات الصائم وفزيائية جسده حيث تختل حاجياته اليومية وكيفية التعامل مع العادات المتغيرة، فهذه قد تساهم في اختلال علاقته بنسق ما كان من ثوابت حالات الكتابة وأوقاتها وحتى موضوعاتها. أما الجانب النفسي والروحي هو أيضا يتأثر بالمحيط، فيشف الإحساس بمعاني الذكر وأهازيج الدعاء وصورة الآخرين من أحوال المترفين والميسورين، فيدرك السامع أن قصد الطلب ليس موجه إليه كصاحب نعمة ينعم بها، بل ما عنده من نعمة هي من الله والسائل يطلب سؤاله من الله وصاحب النعمة لا يزيد عن مستخلف وهكذا تنتفى مذلة السؤال، لأن سؤال المقصود به سؤال من الله مالك الملك، هكذا النشاطات الثقافية والأدبية تمتزج بهذه المناخات الروحية، ما دون ذلك يدور في إطار الترويح عن النفس حتى لا تكل من حدة الالتزام.
❊ ماهو طبقك المفضّل؟
❊❊ حاجتي حددها قول الأوائل في هذا المثل: اللباس ما ستر والطعام ما حضر، والحضور في رمضان للعبادات وليس للأكل والمصنفات..
❊ هل تتابع الإنتاج التلفزيوني؟
❊❊ في أحد الحلقات الكوميدية: الغوارية نسبة لغوار الطوشي الأستاذ دريد لحام، جاء في حوار مضحك: «يا صحبي رأسي حينفجر من الصداع....أووووه...شومالك خي كنت تتابع شريط الأنباء؟».
في هذه الكلمات البسيطة بليغة المعنى، ذلك هو حالي من الإنتاج الدرامي التلفزي الذي تقدمه المحطات العربية. الآن أخشى على نفسي من شدة الصداع، أذهب إلى إستعمال السلاح العاجز الذي ليس بإمكانه أن يغير شيئا، في زمن أصبح الرديء سيدا والجيد حضوره منعوتا بالسأم. وبأني لست من المدمنين على مشاهدة هذه المهازل ذات الخلفيات المشبوهة والموجهة لخدمة الأمر الخفي لغايات أو أجندة لها إستراتجية تهدف لغاية ما، قد يقال كيف لك أن تحكم على أشياء لم تشهدها...؟ أرد ببساطة لأن ما يقدم للمشاهد العربي لا علاقة له باحتياجاته لهذه الأعمال، ولعل ذلك لا ينطبق على المسلسلات فقط وإنما جل ما يقدم فهي كما قال أحد الألمان
‘’جلالة الملك – فخامة الرئيس فعل كذا، أستقبل فلان، وهذا ينطبق على جواب الكاتب ابن خلدون عندما سئل عن الإعلام في ديارنا قال: هناك إشهار « بروبفندا» وليس هناك إعلام.
❊ هل من رواية جديدة أو عمل آخر؟
❊❊ العمل الروائي يولد من محنة أو صدمة تحدث موجة إلهام، فتنطلق ملكة الإبداع وتطفو رغبة الكتابة. وبأن الصدمات والمحن من كثرتها وكثافتها أصبحت من العادي كما حال الموت في مدننا المستهدفة قصفا على مدار الساعة. لذلك الرواية الجديدة مازال الذهن لم يحبل بها، خاصة وإني غارق لمستوى العنق في كتابة وإعداد موسوعة
«سير وتراجم روائي الخليج العربي»، وهي إمتداد للعمل الذي أنجزناه أي «سير وتراجم المغرب الكبير».
❊ كلمة أخيرة؟
❊❊ ما جاء في هذه الدردشة يخصّني إلا أنا، وهو يحتمل الصواب كما يحتمل الاختلاف. وللسادة قراء جريدة «الشعب» الاتفاق معي أو عدمه، فكلهم مشكور من جانبي لأنه حاول الإطلاع....ثم تراني أقف إجلالا للشعب الجزائري في حراكه الإيجابي، سلما ومطلبا.