جسّـد قوّة التضامـن العربـي

لبنان.. صوت جهوريّ مدافع عن حق الجزائريين في الحرّية..

صونيا طبة

حظيت القضية الجزائرية باهتمام خاص ودعم كبير من دولة لبنان، على غرار جميع الدول العربية، تجسد ذلك من خلال مواقفها البارزة في الدفاع عن حق الجزائريين في الحرية والاستقلال، ودعم الكفاح المسلح إبان ثورة أول نوفمبر التحريرية التي كانت السبيل الوحيد لاسترجاع السيادة الوطنية وتحرير البلاد من قيد الاستعمار الفرنسي.
أثبتت المواقف العربية المتضامنة مع الثورة التحريرية منذ اندلاعها في 1 نوفمبر 1954 قوة التضامن العربي المشترك في جميع الفترات التاريخية من خلال التعاون، من أجل التخلص من وطأة وسطوة الاحتلال الذي وقعت في أسره أغلب الدول العربية رغم التحديات التي واجهت البلدان العربية لكي يكون لها تأثير في القرار الدولي وتجعل لها صوتا مسموعا في العالم.
وتفاعلت دولة لبنان مع الثورة التحريرية في أحلك الظروف وتضامنت بقوة مع الشعب الجزائري في كفاحه ضد الاستعمار الفرنسي منذ إندلاع ثورة أوّل نوفمبر، من خلال السعي إلى دعم القضية الجزائرية والإسراع في تقديم مساعدات ومساندة الثورة بالأموال والسلاح والمتطوّعين، إضافة إلى مواقف بارزة من أجل نصرة قضية الجزائر العادلة من خلال مقاطعة فرنسا سياسيا واقتصاديا وثقافيا.
وأكدت دولة لبنان وقوفها التاريخي إلى جانب الجزائر، واعتبار قضيتها قضية جميع العرب التي تستوجب الالتفاف حولها ومساندتها ودعمها إلى غاية الحصول على الاستقلال التام بمساهمتها الفعالة بكل الوسائل في دعم الثورة التحريرية، معبرة عن حقيقة التلاحم والتضامن العربي في أحلك الظروف.
وكانت أبرز المواقف التاريخية لدولة لبنان التي جسدت تأييدها المطلق للقضية الجزائرية مظاهرات بيروت العارمة عام 1960 في ذكرى أول نوفمبر والتي حملت رسالة الدعوة لنصرة الشعب الجزائري من الاستعمار الفرنسي الغاشم، ولم تبال المضايقات الفرنسية اتجاه موقفها الشجاع في التضامن مع الحكومة وشعب الجزائر نظرا لإيمانها بفكرة توحيد العمل المسلح بين الدول العربية.
وما زاد الموقف اللبناني دعما للقضية الوطنية هو تجاوب الشارع اللبناني معها، وضغطه المستمر دون خوف وتردد على الحكومة من خلال هذه المظاهرات التي جابت شوارع العاصمة بيروت ومدن أخرى لتكون شاهدة على تضامن الشعب اللبناني مع الجزائري في أصعب فترة، ولم يترددوا في المطالبة بسقوط فرنسا ورئيسها شارل ديغول والدوام لجيش التحرير الوطني.
واحتلت ثورة نوفمبر الصدارة والاهتمام البالغ من الحكومة اللبنانية، أين وجدت التأييد المطلق في المؤتمرات التي احتضنتها دولة لبنان في تلك الفترة، خاصة وأن قضية الجزائر كانت عامل توحيد وتقارب بين جميع العرب على إختلاف ميولهم وأوضاعهم، حيث لم تتوان السلطة اللبنانية في تقديم الدعم المعنوي السياسي ودعم ثورة أول نوفمبر، ومساندة الحكومة الجزائرية في جميع مراحل كفاحها ضد فرنسا.
وأثبتت لبنان مساندتها للثورة العظيمة ووقوفها الدائم مع الحكومة الجزائرية، ودعواتها المتكررة لتنسيق الجهود العربية لنصرة الثورة التحريرية ودعم المواقف العربية في هيئة الأمم المتحدة خاصة وأن لبنان كانت من الدول التي ذكّرت بأهمية حق تقرير المصير بالنسبة للشعب الجزائري، والمكانة التي يحتلها هذا القرار في كيان الأمم المتحدة بهدف رفع صوت القضية الجزائرية، وفضح الجرائم الفرنسية المرتكبة في حق الشعب الجزائري على المستوى الدولي.
ورغم أن وضعية لبنان إقتصاديا لم تسمح لها بتقديم الدعم المادي للثورة الجزائرية، ولكن السلطة اللبنانية سعت إلى الوقوف والتضامن المعنوي مع الجزائر بكل جرأة من خلال تأييدها لرد الحكومة المؤقتة على مبادرة الرئيس الفرنسي شارل ديغول في تصريحه في 1959 إلى جانب مواقف أخرى مشرفة وشجاعة في مساندة الجزائر في كفاحها ضد جرائم فرنسا، وتكريسها لجهود خدمة القضية الوطنية.
وأدّت الصحافة اللبنانية دورا هاما في فضح الممارسات الإجرامية الفرنسية المرتكبة في حق الشعب الجزائري، واطلاع الرأي العام بما يعانيه من بطش إستعماري استدماري، وقد وجدت هذه المواقف أرضا خصبة لتحريك القاعدة الشعبية ودعمها معنويا للثورة مع الاعتراف الرسمي بالحكومة المؤقتة الذي تداولته الصحف اللبنانية منها النهار الأنوار وجريدة التلغراف، وهو الأمر الذي جعل شخصيات لبنانية عديدة تبادر إلى القيام بزيارات لمكتب جبهة التحرير الوطني ببيروت، وتقديم الدعم من أجل تحرير الجزائر.
وشهد عام 1957 مواقف مميزة للسلطة اللبنانية تجاه الثورة التحريرية لكونها كانت من الدول العربية الفاعلة في عرض القضية الجزائرية في محور المحادثات مع راعية الحلف الأطلسي، ومدعمة السياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر الولايات المتحدة الأمريكية، واستمرت السلطة اللبنانية في تحديدها للهيمنة الفرنسية حكومة وشعبا ولم تأبه بتبعات ذلك فكانت أراضيها مقرا لاجتماعات إقليمية رسمية عديدة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024