الأستاذ يوسـف ساهل لـ «الشعــب»:

منطقـة القبائـل كانـت مع الكفاح المسلّــح منــذ انطــلاق الثّــورة

أغيــل أيمــولا نالــت احتضــــان كتابــة بيــــان أوّل نوفمـــبر

 قال أستاذ التاريخ بجامعة مولود معمري، يوسف ساهل، في تصريح لـ «الشعب»، أنّ منطقة القبائل تأخرت في البداية عن الانضمام للكفاح المسلح بسبب تبنيها لأفكار مصالي الحاج مؤسس حزب السياسي الوطني نجم شمال إفريقيا الذي تحول إلى حزب الشعب الجزائري، والذي كان معظم منخرطيه من منطقة القبائل.

وأشار إلى مصالي الحاج كان ضد فكرة الكفاح المسلح، الأمر الذي كان عائقا أمام المنخرطين الذين انتظروا مطولا قراره، وعندما لم يتوصّل إلى اتخاذ أي قرار، اتخذوا خطوة المشاركة في اجتماع 22، وبالتالي انضمام منطقة القبائل إلى الكفاح المسلح، لتأخذ على عاتقها مهمة الإعداد والتحضير لتفجير الثورة والتي كان على رأسها كريم بلقاسم واوعمران نائبا له، لتشرع في التهيئة المادية والبشرية وجمع السلاح لإعلان ثورة الفاتح نوفمبر.
وأضاف الأستاذ الجامعي، أنّه بالرغم من تأخر منطقة القبائل للانضمام للكفاح المسلح، إلا أنها كانت تحضر للثورة، وذلك من خلال شراء الأسلحة وجمع التبرعات والأموال، ناهيك عن صناعة المتفجرات والقنابل اليدوية في مناطق عديدة بتيزي وزو «ايت زلال»، مقلع «اث عباس» بواسيف بوسائل يدوية الخشب والنباتات إلى جانب مواد كيميائية، واستلموا 40 بندقية من الاوراس، كما أنها دخلت الثورة بـ 450 رجل، ناهيك عن تقديم المساعدة للمنطقة الرابعة في تفجير الثورة، وأبرز أن اوعمران انتقل برفقة 200 شخص من أجل القيام بعمليات تفجيرية عشية اندلاع الثورة، كما أن منطقة القبائل نالت شرف كتابة بيان أول نوفمبر في اغيل ايمولا، لتسجل محطات هامة في تاريخ الثورة المجيدة، أين أقدم المجاهدون في مختلف مناطق تيزي وزو على تنفيذ عمليات وهجومات على أماكن عديدة، مزارع المعمرين، ثكنات عسكرية، محطات البنزين، حرق مصانع للفلين والسجائر، وهذا للإعلان عن اندلاع ثورة التحرير وإيصال الرسالة للشعب الجزائري من أجل الانضمام إلى الصفوف.
أساليب وحشية للاستنطاق
 لم تكتف فرنسا بالأسلحة الحربية والطائرات للقضاء على الثورة التحريرية التي كانت في أوجها، بل تمادت في ممارستها الوحشية ضد المعتقلين والمدنيين العزل من أجل تحطيم تلك الإرادة الفولاذية للشعب الجزائري الذي أحاط بالثورة من جميع الجهات، لتحرير الوطن وافتكاك الحرية، لتتفنن في طرق التعذيب التي دعمته بأساليب وطرق تدمي القلب.
هذا ما أكّدته شهادة المجاهد احمد ساهل،  والأستاذ الجامعي يوسف ساهل، في إشارة منهما إلى شدة أنواع التعذيب الجسدي والنفسي للمعتقلين للحصول على أية معلومات حول الناشطين والمجاهدين المتواجدين في مختلف المناطق، ظنّا من الفرنسيين أنها الطريقة المثلى لإنهاء الثورة التحريرية، واعتقادا بأنّ «التعذيب» يمكن أن ينفعهم في الحصول على المعلومات.
التعذيب بالماء والصعق الكهربائي بواسطة جهاز «لاجيجي»، عبارة عن حقيبة تحمل على الظهر تتكون من بطارية وأسلاك كهربائية، حيث يقومون بتوصيل تلك الأسلاك بالأماكن الحساسة في جسد المعتقل، ثم يرشونه بالمياه إذا لم يقم بالإدلاء بأية معلومة ويصعقونه بالكهرباء، ثم يقومون بإدخال أنبوب من المياه عبر الفم وصولا إلى المعدة، ويقوم بإدخال المياه عبره وبعد أن يمتلئ البطن يقومون بالقفز عليه، ناهيك عن استعمال الفئران في التعذيب، حيث يدخلونها في أفواه المعتقلين لإجبار على التصريح والإدلاء بالمعلومات..
المياه القذرة والمياه الملوثة بالصابون، هي الأخرى واحدة من الطرق التي لجأ إليها المستعمر للتعذيب، يجعلون الجزائريين يشربون تلك المياه عنوة من أجل استنطاقهم واخذ المعلومات التي يريدون، مثلما يقومون بتعليق الشخص من رجليه إلى شجرة ورأسه إلى الأسفل، وفي كثير من الأحيان يقومون بإشعال النار تحته لشويه مثلما تشوى الحيوانات.
تعدّدت أساليب التعذيب والاستنطاق، والهدف واحد، ألا وهو القضاء على الثورة، وكانت هذه العمليات تتم بوجود الحركى الذين كان لهم دورهم الكبير في التبليغ عن أماكن المجاهدين أو أفراد عائلاتهم من أجل إجبارهم على الاستسلام، وقد وصل بهم الحد إلى وضع رؤوسهم في أحواض من المياه القذرة حتى الاختناق.
وكثيرا ما يقومون بسلخ الأيدي عن الأجساد بعد الربط بالحبال، ناهيك عن قطع الأظافر، وكل هذا يحدث تحت صراخات المعتقلين الذي تحملوا كل ذلك التعذيب فداء لتحرير الوطن، وكم من معتقل فارق الحياة وهو في دهاليز العذاب الذي لا يحتمل.
«النا ويزة» ذاقت مرارة التّعذيب
 ويزة سي احمد..المعروفة بـ «النا ويزة»..أرملة الشهيد محمد سعيد ساهل..ذاقت مرارة التعذيب بأيادي جلادي المستعمر الذين لم يرحموا ضعفها، واقتادوها إلى أحد المنازل بعد أن تم التبليغ عنها من طرف أحد الحركى الذي أخبر السلطات الاستعمارية أن زوجها قد حضر إلى المنزل في الليلة السابقة، ليأتوا إليها في الصباح من أجل استنطاقها.
تروي «النا ويزة» ما حدث والدموع تملأ عيناها: «لقد اقتادوني إلى أحد المنازل وأوصلوا جسدي بالأسلاك الكهربائية من أجل استنطاقي عن مكان زوجي، وعندما أخبرتهم أنّني لا أعرف مكانه منذ اليوم الذي دمّرتم فيه منزلنا، قاموا بتعذيبي بالمياه، حيث شربت كثيرا منها وأغلقوا أنفي».
وتضيف: «وبعدها، وضعوا منديلا في فمي ورشوني بالمياه وصعقوني بالكهرباء، إلا أنني بقيت أنكر ولم يتمكنوا من أخذ أي كلمة مني في الوقت الذي كان فيه الحركي يناقضني في الكلام، وأنه قد سبق له وأن رأى زوجي، وبعدها أطلقوا سراحي وهدّدوني بالقتل رميا بالرصاص إن وجدوني مرة أخرى».
«النا ويزة» أكّدت أنّ الموت أرحم من ذلك التعذيب بأبشع الطرق، وتحت أيدي المستعمر الغاشم الذي لا يعرف الرحمة ولا يفرق بين رجل أو امرأة، إلا أنها اليوم سعيدة لأن الجزائر تنعم بالحرية بالرغم من أنها ترمّلت صغيرة، ولكنهم ضحّوا من أجل أن يعيش أولادهم في استقرار وحرية. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024