العربي بن مهيدي في ذكرى استشهاده..

ألقى بالثورة إلى الشارع.. فاحتضنه المجد

سهام بوعموشة

عرف الشهيد العربي بن مهيدي، بمواقفه الوطنية المخلصة، ضرب أروع الأمثلة في التضحية، عمل على توحيد صفوف المناضلين بالداخل قبل الثورة وأثنائها. ترأس مؤتمر الصومام وخطط لإنجاح إضراب الثمانية أيام ومعركة الجزائر، تعرض لأبشع أنواع التعذيب، لكنه لم يبح بأسرار الثورة، أي قائد عظيم، ولدته أم عظيمة لا يتكرر في تاريخ البشرية.

أشهر أقواله: إنكم ستهزمون، لأنكم لم تعودوا تؤمنون بشيء.. إنكم تمثلون الماضي، أما نحن فنمثل المستقبل.. لئن مت فهناك آلاف الجزائريين سيأتون من بعدي لمواصلة الكفاح من أجل عقيدتنا ووطننا»، «ألقوا بالثورة إلى الشارع سيحتضنها الشعب»، اعطونا دباباتكم وطائراتكم نعطيكم حقائبنا وقنابلنا، قادة الثورة هم وقودها»، «أعطونا طائراتكم ومدافعكم نعطيكم قففنا»، «أمرت نفسي أن لا أبوح بسر، أريد أن أُعذب حتى أتأكد من أن جسدي الفاني لن يخونني»، «إذا ما استشهدنا دافعوا عن أرواحنا، نحن خُلقنا من أجل أن نموت لكي تستخلفنا أجيال لاستكمال المسيرة».
تعجب أعداؤه من شجاعته، وقال عنه سفاح فرنسا الجنرال بول أوساريس، في 2001 «أسابيع من التعذيب، نزعنا أظافره.. جلده.. أجزاءً من جسده.. ولا كلمة خرجت من فمه، بل واصل تحدينا بشتمنا والبصق على وجوهنا قبل تنفيذ حكم الإعدام».
وتابع: «نزلت أنا وضابطي أمام قدميه وقدمنا له التحية الشرفية.. لن توجد إمرأة في العالم كله ستنجب رجلاً مثل بن مهيدي.. ولا إمرأة».
العربي بن مهيدي قائد منطقة وهران وعضو لجنة التنسيق والتنفيذ، جمع بين صفات الشجاعة وخصال القائد المحنك، شخصية تكونت في مدرسة الوطنية، تقلد مسؤوليات كبرى في قيادة منطقة وهران، رسم استيراتيجيات حربية وعمل على توحيد صفوف الداخل.
انخرط العربي بن مهيدي في فوج الرجاء الكشفي في 1941 ببسكرة، وأصبح قائد وحدة أشبال سرب عبد الحميد بن باديس التابع لفوج الرجاء، وكون فرقة مسرحية هناك، قدمت هذه الفرقة مسرحيات عديدة مثل مسرحية صلاح الدين الأيوبي، شعب لن يموت، فتى طرابلس، بلال بن رباح، وشارك بدور البطولة في مسرحية بعنوان «في سبيل التاج» في 1944، كلفته خلافا بينه وبين شرطي خاصة عندما تقمص الدور بشكل جيد، ما سبب له مضايقات فيما بعد، منعته من السفر مع فرقته للمدن الأخرى لأداء المسرحية.
اهتم العربي بن مهيدي بالرياضة، مارس العدو، وانضم إلى فرقة كرة القدم الذي تأسس باسم الاتحاد الرياضي البسكري، والذي أسسه الحاج أحمد سعدان، وكان أحد الأندية التابعة لحزب الشعب الجزائري.
كان محبا للسينما ومشاهدة الأفلام السياسية والتاريخية، يطالع كثيرا الكتب والجرائد، وحسب روايات المقربين منه فقد كان متأثرا بكتاب القائد البربري «تاكفاريناس»، الذي قاوم الرومان في شمال إفريقيا، ما ساهم في صقل شخصيته وتنمية روح الوطنية لديه.
ساهم التعليم والتكوين الذي تلقاه خلال مساره في تحصله على منصب عمل، واشتغل كمحاسب في مصلحة التموين في ثكنة عسكرية تابعة للجيش الفرنسي بورقلة لأشهر عديدة، واستطاع أن يختلس فيها مسدسين دون أن يشعر به أحد.
ولم يتمكنوا من اكتشاف أمره رغم ان الشكوك كانت تحوم حوله، وقدم استقالته من المنصب بعدها، وعاد إلى بسكرة ليعمل عند يهودي إسمه ميشال تويتو، في التجارة، لكنه ترك العمل واشترى عربة تقليدية ليشتغل في نقل البضائع القادمة من وإلى السكة الحديدية وإيصالها لأصحابها، مثلما يؤكده الباحث الدكتور إبراهيم بن عبد المومن، في كتابه بعنوان «محمد العربي بن مهيدي قائد المنطقة التاريخية الخامسة (1954-1956)»، استنادا لوثائق أرشيفية وشهادات حية.

عمل ونشاط سياسي
زاوج الشهيد بين العمل المهني والنشاط السياسي، ونظرا لقدرته الكبيرة على التنظيم والتسيير كلف من طرف أحمد الشريف سعدان، بمهمة الكاتب المداوم لفرع حركة أحباب البيان والحرية ببسكرة، عمل بكل تفان على تعليم وتثقيف المنخرطين الجدد في الحركة، يعرفهم بأهدافها ومبادئها ويحثهم على النشاط، أهم مقولة له للشباب في تلك الفترة: «يجب الاستعداد للصدمة الكبرى حتى لا يفاجئنا الإعصار، يجب التحضير للمقاومة».
كان بن مهيدي من المشاركين في مظاهرات ماي 1945التي نظمت بمنطقة الشرق الجزائري، أوكلت له مهمة رفع العلم الجزائري والسير به في الصفوف الأولى، حسب شهادة المرحوم المجاهد محمد عصامي.
ويضيف أنه عقب المشادات بين المتظاهرين والشرطة اعتقل بن مهيدي من طرف الشرطة بصفته أحد أعضاء قسمة بسكرة وواحد من أبرز مناضلي حركة أحباب البيان والحرية، وتعرض للاستنطاق والتعذيب بتهمة التظاهر ورفع العلم، وقضى 21 يوما بمركز الشرطة ببسكرة، وقد امتنع فيها عن الأكل متأثرا بما حصل.
حسب المصادر التاريخية، قضى بن مهيدي مدة في السجن إلى غاية جويلية 1945، تشبع فيها بالروح الوطنية خاصة بعدما رأى المجازر التي تعرض لها الجزائريون الأبرياء في ماي 1945، وتأكد أن ما أخذ بالقوة لابد ان يسترجع بالقوة.
بعد تأسيس المنظمة الخاصة في 1947، تنقل أحمد محساس وبلحاج الجيلالي عبد القادر إلى بسكرة لتعيين مناضل تتوفر فيه الشروط المطلوبة من أجل تولي مسؤولية تشكيل خلايا المنظمة بناحية بسكرة، وقد وقع الاختيار مباشرة على العربي بن مهيدي، باقتراح من محمد عصامي، مسؤول خلية حزب الشعب الجزائري «حركة الانتصار» بمدينة بسكرة، وتشكلت الخلية من أعضاء هم محمد العربي بن مهيدي، مسؤول الخلية، الهاشمي طرودي، أحمد بحة، عبد الله ميدا، علي ميرة.
خضع بن مهيدي، قبل توليه مهمة قيادة المنطقة الخامسة، إلى تكوين سياسي وعسكري، ربط علاقاته واتصالاته بتجار الأسلحة بوادي سوف على الحدود الجزائرية التونسية، واستطاع شراء بعض الاسلحة زود بها مصطفى بن بولعيد، لتخزن في الأوراس، ونظرا لكفاءة بن مهيدي ميدانيا استدعي إلى سطيف في 1949، ليتولى مهمة الإشراف على فرع المنظمة الخاصة بها، ثم عين نائبا لمحمد بوضياف، مسؤول المنظمة على عمالة قسنطينة، وقد زاوج بين النشاط في قسنطينة وسطيف في الفترة نفسها، حسب ما تؤكده المصادر التاريخية.
أسندت لبن مهيدي بعد ذلك مهمة الإشراف على التنظيم بناحية الشرق الجزائري خلفا لمحمد بوضياف، نشط كثيرا من أجل تأسيس الخلايا في عنابة وقسنطينة إلى غاية اكتشاف المنظمة الخاصة في 18 مارس 1950 بتبسة فيما عرف بقضية عبد القادر خياري المدعو رحيم.
وحسب المصادر التاريخية، بن مهيدي من أرسل بعض المناضلين وعلى رأسهم مراد ديدوش، لتأديب خياري، ولما تعرض للضرب والإهانة استطاع الفرار من قبضتهم واتصل بالشرطة، وكشف سر المنظمة، وشنت قوات الأمن الفرنسي سلسلة اعتقالات موسعة شملت حوالي 400 شخص مشتبه فيهم انهم أعضاء في المنظمة في الشرق والغرب.
لكن من حسن حظ بن مهيدي، ان الأوراس وبعض خلايا الشرق لم تكتشف، وفر على إثرها إلى الغرب الجزائري متخفيا وبقي هناك، وقد حكم عليه غيابيا بعشر سنوات سجنا مع حرمانه من الحقوق المدنية.
ويشير الباحث بن عبد المؤمن، إلى أن الشيخ علي مرحوم، يقول في شهادته ان العربي بن مهيدي كان يزوره بعد فراره من مؤامرة المنظمة الخاصة، ويأتي عنده بعض المرات لرؤيته ورؤية أبيه ببيته او بمدرسة الفتح التي كان يدرس بها في سطيف.
عمل بن مهيدي، في منصب رئيس دائرة للحزب بمستغانم ثم وهران، عين بتموشنت، سيدي بلعباس، تلمسان ونواحيها والتقى هناك بأحمد زبانة، الحاج بن علا وعديد المناضلين، وزار في هذه الفترة مناطق عديدة على الحدود الجزائرية المغربية كمغنية، صبرة، بني سعيد، بني سنوس، الغزوات، امسيردة وجبالة وغيرها، وربط علاقات بمسيري الحزب في هذه المناطق من أمثال محمد سابق ولد حامد، محمد بلكبير، حسين قديري وغيرهم.
وحسب شهادة المجاهد علي الشريف، نقلها الدكتور بن عبد المؤمن إبراهيم، فإن بن مهيدي كان على اتصال بمحمد عمار المدعو دادي، ويضيف بأنه عرف الشهيد في مارس 1952، عندما كان طالبا داخليا بثانوية بمعسكر، حيث كونت خلية تتألف من ثلاثة أعضاء يقودها محمد عبد الدايم، وتضم كلا من الراحل أحمد مدغري، والمجاهد علي الشريف، كان يجتمع معهم كل شهرين وطلب منهم الانتشار بشكل موسع عبر أرياف المنطقة التي شهدت عمليات فدائية.
وبعد أزمة الحزب في 1953، كان العربي بن مهيدي، يحث مناضلي القاعدة على الضغط على قيادة الحزب لإرغامها على اتخاذ نهج ثوري.

شهادة مهري عن عائلة بن مهيدي
في شهادة للمرحوم عبد الحميد مهري، يقول: « العائلة التي كان ينتمي إليها الأخ محمد العربي بن مهيدي، كانت متصلة بالمقاومة التي قام بها الجزائريون منذ وطأت أقدام الجيش الفرنسي هذه الأرض، عرفت عن قرب بعض أفراد أسرة العربي بن مهيدي، الذي كان بوادي الزناتي».
ويضيف: «شخصية الشيخ عيسى بن مهيدي، والد الشهيد، كانت شخصية وسطا بين العصور التي تعاقبت في المقاومة الجزائرية، كان قاضيا خريج مدرسة قسنطينة، ولكنه من الجيل الذي كان يتقن اللغة العربية وعلوم الدين مع القليل من اللغة الفرنسية، وهو الجيل الذي شهد على تحويل المدرسة من المدارس المزدوجة بالتدريج إلى أن غلبت اللغة الفرنسية على اللغة العربية، كان رحمه الله لا يتقن اللغة الفرنسية الا قليلا، كان قوي الشخصية».
ويروي مهري شجاعة والد الشهيد، من خلال حادثة وقعت له في وادي الزناتي عندما كان أحد أبنائه عرضة لهجوم من طرف كلب كان ملكا للقسيس، الذي كان يشرف على الكنيسة، فما كان على الشيخ عيسى بن مهيدي إلا الخروج بعصاه وضرب القسيس، أثارت الحادثة غضب الفرنسيين الذين دبروا له مكيدة بعد أشهر تسببت في عزله من منصبه بادعائهم أنه استعمل طابعا بريديا مستعملا في رسالة ودلس طابع البريد، فحكمت المحكمة بعزله.
ويضيف المرحوم مهري: «أجد في بعض الأحيان ردود الشيخ عيسى بن مهيدي، متجسدة في ردود أفعال العربي بن مهيدي، وهي رفض الظلم والاعتداء والاستكانة أمام طاغوت الاستعمار الفرنسي، فعملنا كان تكملة للمقاومة التي قام بها الجزائريون».

جيلنا سينتصر..
ويؤكد ان الشهيد كان متشبعا بروح المقاومة، حريصا على توريث هذه المقاومة للأجيال التي تقوم بها، وإيمانه المطلق في تكوين المناضلين بصفة خاصة.
ويؤكد مهري أن بن مهيدي كان مناضلا يعيش حياة بسيطة متواضعة مقداما، ويروي أنه عندما كان في العاصمة متخفيا بعد اكتشاف المنظمة الخاصة يقول: «كنا نسير، وكان يرى جماهير الشباب الأوروبي يتجولون في الشوارع التي تسمى الآن العربي بن مهيدي وديدوش مراد، كان يقول لي كلما رأيت هؤلاء الشباب منغمسين في الحياة الوديعة والمترفة، وفي الملاهي، يزيد إيماني بأن جيلنا هو الذي سينتصر».
ويضيف: «كنا عندما نمر بشارع العربي بن مهيدي، مثلما يسمى حاليا يقول لي دعني أذهب إلى خالي وأفزعه، كان خاله طبيبا وعقيدا، متخرجا من الجيش الفرنسي وأحد المناضلين في الإتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري، كان يفاجئه كلما يقوم بزيارة خاطفة لخاله، الذي كان يغطي أيضا على نشاطه».
ويشير مهري، إلى أن العربي بن مهيدي، هو الذي زكى مؤتمر الصومام، كان لا يرى في مقرراته شيئا يتعارض مع قناعاته واتجاهه العربي الاسلامي. ويؤكد ان الاخ بن مهيدي، مثلما يسميه قام بجهد كبير في نجاح مؤتمر الصومام وأعطى للثورة بعدا أكبر في جمع الجزائريين على صعيد الكفاح.
حذر في التواصل.. وأسلوب إقناع
نشط بن مهيدي، رفقة رابح بيطاط، في عين تموشنت وكان يتردد هناك للقاء المناضلين، وبالعاصمة استغل بن مهيدي فرصة مكوثه بها بداية 1954، واهتم بالوضع السياسي والاجتماعي للجزائر.
فكر في إستراتيجية حرب تتكيف مع الوضع الاستعماري في الجزائر، وأراد ادماج الفئات الشبانية في حي القصبة، والتي اندفعت نحو الجريمة في العمل للتمرد على السلطة وتكسير الإطار الكولونيالي، حسب شهادة صديقه عيسى كشيدة.
ويصف كشيدة، بن مهيدي بأنه رجل حكيم يتكيف مع كل الظروف، حذرا في التواصل مع الناس، لا يصطدم بأحد بصورة مباشرة وإنما يعمل على الإقناع.
كان يؤدي شوطا من لعبة البيار إن سنحت الفرصة أو يضرب الكرة، في الصيف أحيانا كان ينزل مع كشيدة إلى رأس المول بميناء الجزائر للسباحة، كان لا يمتنع في قضم الحلويات العاصمية، وكانت القهوة تارة أو الشاي تارة أخرى ترشف بشراهة خاصة عندما كان يحضر تقاريره الشهرية، وفي نهاية كل شهر يقوم بالحسابات لضبط ميزانيته، مثلما تؤكده شهادة كشيدة.
ويضيف أن الشهيد، كان يتلقى 12 ألف فرنك كمرتب عضو دائم، وفي كل شهر يقتطع جزءا من هذا الراتب ليرسله لأخيه الأصغر محمد الطاهر، الذي كان يحبه كثيرا.

نشاط مكثف بالغرب
وبوهران كان بن مهيدي، كثير التردد على بيوت المناضلين ومقراتهم لإعادة شمل شتات المنظمة الخاصة، أنشأ لجنة سماها «شبكة التعبئة والتوعية» ترأسها غالي الجيلالي، الذي كان حلاقا بوهران، وعين بائع الخضر محمد بن عبو، نائبا له، وكلف كل من الحبيب جلول بومدين، محمد عداد بجمع الاموال والمتعاطفين والبحث عن مخابئ وملاجئ، وعين محمد مهامان، سكرتيرا.وفي شهادة للمجاهد محمد بلكتروسي، أن بن مهيدي، قدم إلى مستغانم نهاية صيف 1954، في مهمة ربط الاتصال به، حيث كان بلكتروسي مدرسا وخطيبا بمدرسة حزب الشعب الجزائري، لكنه قدم اعتذاراته عن المهمة بسبب ارتباطه بمهمة التدريس في المدرسة.
وتنقل بن مهيدي إلى الغزوات رفقة بوصوف، لشرح أسباب الخلافات الواقعة في الحزب ونتائجه، وأوصى المناضلين بالحياد حسب شهادة المجاهد الراحل محمد بعوش.
وتوالت اجتماعات بن مهيدي بمناضلي المنطقة لإقناعهم بالانضمام للثورة، وقال في إحدى الاجتماعات: «نحن حياديون مستقلون عن الطرفين اللذين يتنازعان السلطة، وإن اختيارنا وضع المصلحة فوق كل الاعتبارات التافهة والمغلوطة لقضية الأشخاص والسمعة، ولذلك فهي موجهة فقط ضد الاستعمار، الذي دخل بالسلاح ولا يخرج إلا بالسلاح «.
لم تعرف المنطقة الخامسة اغتيالات او تصفيات بين قادة ومجاهدي جيش التحرير خلال فترة قيادة العربي بن مهيدي لها، واستطاع الشهيد تحريك الثورة في المنطقة وينشئ شبكات دعم الأسلحة في إسبانيا، المغرب ومصر، لفك الحصار المضروب على المنطقة الخامسة والثورة عموما.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024