4500 غارة جوّية نفذها المجرمون خلال 15 يومًا

هذه جنايـات الكولونيالية الفرنسية..

سهام بوعموشة

تناول الباحث الهلالي اسعد من جامعة سطيف02 في دراسته، بعنوان” مجازر 8 ماي 1945 من خلال بعض الوثائق العسكرية الفرنسية”، المغالطات التي دونها جنرالات الإدارة الاستعمارية حول أسباب المجازر لتحويل أنظار الرأي العام عن جرائمه، ومحاولة إعطائها تبريرات بتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي للجزائريين ومثلما أسمته مجلة الجيش الأمريكي “ثورة طعام أو ثورة الجوع”، ما دفع الجزائريين للقيام بانتفاضة يوم 8 ماي 1945.

يقول الباحث: “إن ما حدث في شهر ماي 1945 يمثل مرحلة مهمة في تاريخ الجزائر المعاصر تستحق التوقف والتحقق من وقائعها لأن المنطق يجعل من انتصار فرنسا والحلفاء في الحرب العالمية الثانية (1939-1945) انتصارا للجزائريين، الذين ضحوا بأنفسهم في ساحات المعارك ليفرحوا ويأملوا في تحقيق الوعود الفرنسية والدول الحليفة لتقرير مصيره، إلا أن هذا المنطق لم يكن موجودا في قاموس السياسة الاستعمارية”.
ويشير إلى أن، الكثير من المختصين وغير المختصين حاولوا من خلال كتاباتهم البحث عن الحقائق أو بدافع وطني كتعبير عن مدى بشاعة تلك الأيام، التي عرفت إبادة جماعية للجزائريين، وراح كل يسرد الأحداث بطريقته من خلال شهادات من عايشوها أو باستنطاق الوثائق.
 ويضيف إسعد: “اختلفت التحاليل حول المتسبب فيها وخرجت بنتائج قللت أو رفعت من شأن ما حدث، لكنها أجمعت كلها أنها جريمة انسانية كاملة الأركان”.
يستند الباحث في مقاله العلمي على بعض التقارير العسكرية الفرنسية التي عثر عليها في أرشيف ما وراء البحار بأكس أون بروفنس بمرسيليا (فرنسا)، والتي لها علاقة بمجازر 8 ماي 1945 وبالضبط العلبة 81865 التي تتعلق بعدد القوات الفرنسة الموجودة بالجزائر في هذه الفترة من درك وشرطة وطيران وقوات بحرية، ومساهمتها في عملية الإبادة.
ويؤكد أنها أرقام مذهلة، وكذلك تقرير يتحدث عن الأسلحة التي استرجعتها القوات الفرنسية من الجزائريين، وهذا ما استغرب له الباحث .
 عندما انتصر الحلفاء على النازية، خرج الجزائريون ليشاركوا فرحة الانتصار وانتظار الوعود الفرنسية حاملين لافتات مطالبة بالحرية، مذكرين فرنسا أن عدد المشاركين في الحرب العالمية الثانية فاق 177 ألف جندي جزائري، لكنهم لم يتوقعوا أنهم سيدفعون ثمن باهظا لهذه الفرحة، وتحولت المظاهرات إلى مصادمات مع البوليس الفرنسي الذي كان رد فعله التقتيل الجماعي بلا رحمة ولا شفقة.
جندت فرنسا 48 محافظ للاستعلامات العامة، و25 مفتشا، ضابط الشرطة القضائية، 49 ضابط أمن والقائمة طويلة، ففي عمالة قسنطينة نجد أن عدد رجال الدرك يتركز في قسنطينة بـ123 دركي، و سطيف بـ95 دركي ثم تأتي المدن الأخرى..

150 طائرة لقمع الجزائريين
شارك الطيران بتحليق تخويفي، وأطلقت بعض قنابل النابل على الدواوير الأكثر أهمية، وطلقات بالرشاش لتغطية الفرق العسكرية التي تحاصر الدواوير والقرى خاصة قالمة.
شاركت 150 طائرة في قمع الانتفاضة الشعبية، وهذا نقلا عن المجلة الأمريكية the stars and stripes  الصادرة في 31 ماي 1945، قامت بقصف: ميلة، خنشلة، سطيف، العلمة عزابة، عين الكبيرة، وفيباس.
12طائرات مقنبلة من نوع A24 بقنابل تزن ما بين 40 إلى 90 كغ، 12طائرات متوسطة مقنبلة من نوع B26 انطلاقا من القاعدة الجديدة، 16طائرة من نوع JV52 ذات رشاشة طاقتها 4000 خرطوشة، 61 طائرة من نوع B26، أربع طائرات من نوع داكوتا البريطانية لمهمات استطلاعية، 06 طائرات من نوع P39 انطلاقا من قاعدة الرغاية.
 وفي ظرف 15 يوما وصل عدد الغارات إلى 4500 غارة جوية وأطلقت ما وزنه 450 ألف كلغ 450 طن من القنابل. ففي 14 ماي 1945 قنبلت 18 طائرة مدينة قالمة وسوق أهراس بـ150 قنبلة تزن كل واحدة ما بين 50 و100 كغ حسب تصريح الجنرال جوان.
واستعملت 12 طائرات من نوع B26انطلاقا من قاعدة الجديدة و3 طائرات من نوع JV52، و7 طائرات من نوع Wellington انطلاقا من مراكش، وطائرات من نوع Dakota البريطانية، وطائرتان من نوع leo46، واستخدمت 8 طائرات أجنبية قامت بمهمات عسكرية.
ويشير الباحث إلى مشاركة الطيران الأجنبي، التي طرحت أكثر من تساؤل وخاصة علاقة بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بعمليات الإبادة رغم رفعهما لشعار الدفاع عن الحرية والديمقراطية، عند نزول قواتهما في شمال إفريقيا في شهر نوفمبر 1942 كما أن الرئيسين البريطاني تشرشل والأمريكي روزفلت أقرا في شهر أوت 1941 حق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها.
وفيما يتعلق بالقوات البحرية قصفت السفن الحربية المدن الساحلية الشرقية بلا رحمة ولا شفقة، ما يدل على أن العملية كانت مدروسة ومخطط لها بشكب دقيق وبخبث، وكان التوزيع العسكري محكما في كل المناطق خاصة الشرقية.
وتزعم الإدارة الإستعمارية أنها استرجعت بخراطة 500 سلاح ناري من بنادق صيد، وبقالمة 35 بندقية، و941 بندقية صيد و 210 بندقية حرب شمال سطيف، 132 مسدس، ورشاش، وبجنوب قالمة استرجعت 1052 بندقية صيد، و152 مسدس.
ومجموع الأسلحة المسترجعة في عمالة قسنطينة، حسب الأكاذيب الفرنسية 8628 بندقية صيد، 891 بندقية من أنواع قديمة، 356 بندقية حرب (صنع فرنسي وخارجي)، 03 رشاشات ، 1200 مسدس من مختلف الأنواع.
استعملت بعين الكبيرة وبني عزيز وقالمة بنادق حرب ورشاشات، واتهمت الإدارة الاستعمارية بشراء الجزائريين الأسلحة الفردية من عساكر متحالفين.
وزعمت فرنسا أن مصدر الأسلحة المستعملة من طرف الجزائريين الذين أطلقت عليهم تسمية “المشاغبين” أتت من ثلاث مصادر، نهب مستودعات الأسلحة أثناء اندلاع الشغب من بقايا الأسلحة في مسارح الحرب العالمية 1942 ،1943.
وفي رواية أخرى تدعي، أن جميع الأسلحة المستعملة من طرف الجزائريين تتمثل في الهراوات والسكاكين وآلات الحلاقة والمسدسات، والأسلحة النارية الحديثة في سطيف وقالمة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024