أحبطت حسابات المستعمر الفرنسي

معركــة “مداغ”..ملحمـة بطولية جزائريـة

كان لمعركة “مداغ” التي تمر 67 سنة على ذكراها وقعا كبيرا أحبط حسابات المستعمر الفرنسي الذي تكبد فيها خسائر فادحة، حسبما أكّده مختصون في تاريخ الجزائر.
جعل الانتصار الذي حققه أفراد جيش التحرير الوطني في هذه المعركة التي وقعت في 19 يونيو 1956 بنواحي قرية سيدي بختي التي تبعد عن مدينة وهران ب 45 كلم فرنسا تراجع حساباتها بالولاية التاريخية الخامسة، وتضطر لتعزيز قواتها العسكرية بمنطقة مداغ ذات التضاريس الجبلية، كما ذكره المختص في التاريخ بن جبور محمد.
وانتشر لهيب هذه المعركة إلى المناطق المجاورة مما جعل الاستعمار الفرنسي يستعمل الطائرات وقنابل النابالم المحظورة والتي بقي أثرها بالمنطقة، يضيف بن جبور محمد مدير مخبر البحث التاريخي “مصادر وتراجم” بجامعة وهران- 1 “احمد بن بلة”.
وأكّد ذات الجامعي استنادا إلى رواية شفهية للمجاهد الراحل بن حدو بوحجر المعروف بالاسم الثوري “العقيد سي عثمان”، بأنّ “أفراد جيش التحرير الوطني والكتيبة التي كان يقودها سي عثمان بمناطق مداغ والعامرية وبوزجار أثبتوا بسالتهم في هذه المعركة التي دامت ثلاثة أيام، حيث كانوا قد استفادوا من تدريب شبه عسكري وجلهم من المجندين في الجيش الفرنسي الذي شارك في حرب الفيتنام.
ومن جهته، ذكر المختص في التاريخ الجزائري، لونيسي رابح أن “معركة مداغ التي تزامنت مع تاريخ إعدام شهيد المقصلة أحمد زبانة يوم 19 يونيو 1956 كذبت ما كان يروج له المستعمر الفرنسي أن ما يقع بالجزائر أحداث منعزلة لا تخص سوى منطقة أو منطقتين”.
ومن ناحيته، يرى الباحث في تاريخ مدينة وهران بن يوب إسماعيل أن “معركة مداغ تعتبر من أهم وأكبر المعارك بغرب البلاد”، مذكّرا بأنّها بدأت بكمين نصبه الثوار بمضيق واد سيدي بختي لجنود الاستعمار كانوا يقومون بعملية تمشيط واسعة للمنطقة.
وساهمت مشاركة ثوار من أبناء المنطقة يعرفون جيدا تضاريسها الوعرة وطبيعتها الجغرافية في كسب هذه المعركة التي استعمل فيها الجيش الاستعماري قنابل النابالم، مرتكبا بذلك جريمة أخرى من جرائمه البشعة، حيث أن الكثير من الشهداء ممن سقطوا في ميدان الشرف لم يتم التعرف على هويتهم ولا نجد لهم أسماء في مقبرة الشهداء ب “مداغ”، مثلما أشير إليه.
ويجمع المؤرّخون والباحثون أنّ المعركة حققت صدى إعلاميا وتأثيرا على الرأي العام الفرنسي والأوروبي آنذاك.
وتبقى هذه المعركة التي كبدت قوات الاستعمار الفرنسي خسائر فادحة راسخة في ذاكرة سكان المنطقة، ومصدر إلهام فنانين وشعراء على غرار الشاعر خالد بختي الذي مجدها في قصيدة شعرية رائعة توثق لها.
والجدير بالذكر، أنّ موقع مداغ أصبح سياحيا بامتياز ممّا يخوّل له أن يكون مكانا لاستذكار مآثر وتضحيات الأسلاف من طرف الشباب والعائلات ومحبّي التجوال في الجبال، الذين يتردّدون عليه بكثرة طوال السنة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024