خصّصت ميزانية للحرب وجنّدت وحدات للقتال

ملحمـة جزائرية في حـرب أكتوبــر 1973

سهام بوعموشة

 أحيت جمعية “مشعل الشهيد” بالتنسيق مع جريدة “المجاهد” بإشراف المنظمة الوطنية للمجاهدين، الذكرى 50 لحرب أكتوبر 1973، أمس، بالنادي الثقافي للمجاهد بحضور ممثلي البرلمان وسفير دولة فلسطين بالجزائر وباحثين والمجاهدين، الذين شاركوا في الحرب.

 قال الدكتور أحمد عظيمي، في منتدى “الذاكرة” حول مشاركة الجيش الوطني الشعبي في الحروب العربية الصهيونية تخليدا لشهداء القضية، إنّنا في الوقت الحالي بأشد الحاجة لمثل هذه الندوات التي تتناول مواقف الجزائر إتجاه الأمة العربية، وتعريف شباب اليوم بها، أملا في الاهتمام بهذا الموضوع الذي يندرج في إطار الصراعات التي خاضتها الجزائر في تلك المرحلة.
في هذا الصدد، قدّم عظيمي شهادات المشاركين في الحرب العربية الصهيونية من خلال مذكراتهم منهم المجاهد المرحوم عبد الرزاق بوحارة، الذي كان أول قائد لواء شارك في حرب 1967، وعبد المالك قنايزية، قائد اللواء الثامن وكتاب الرئيس المصري أنور السادات، التي تذكر موقف الجزائر ودعمها للمجهود العربي خاصة لمصر.
وقال إنه في 5 جوان 1967، قامت القوات الصهيونية بهجوم على مصر، ودمّرت كل القوات الجوية الدفاعية على الأرض، وأشار إلى أن الرئيس المصري جمال عبد الناصر  كانت له معلومات كاملة حول توقيت الهجوم على مصر وأخبر جيشه بذلك، لكن حدثت هزيمة كبيرة.
وأضاف أنّ موقف الدولة الجزائرية السياسي كان في مستوى المطالب الشعبية التي طالبت بالمشاركة بالحرب، حيث اتخذ الرئيس الراحل هواري بومدين إجراءات في اجتماع مجلس الثورة والحكومة استجابة للشعب الجزائري الذي كان في حالة غليان، وتمثّلت الإجراءات في تخصيص ميزانية للحرب وإرسال وحدات الجيش للقتال، ووضع طائرات القتال تحت تصرف القيادة المصرية، توقيف بيع البترول لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وضع الشركات البريطانية والأمريكية تحت رقابة جزائرية وقطع العلاقات مع بريطانيا، وأكّد عظيمي أنّها كانت قراراته ثورية.
وأشار الباحث إلى أنّ بومدين كان له طرح صائب، وهو أنه لا يمكن هزيمة الجيش الصهيوني بالطرق التقليدية لأنه يتلقى آخر الأسلحة المتطورة التي تنتجها المصانع الأمريكية والأوروبية، وبالتالي فإن الثورة الشعبية هي الوسيلة الأمثل.
وأضاف عظيمي، أنّ الرئيس بومدين وضع الجيش الجزائري في حالة استنفار، وأرسل اللواء الرابع بقيادة النقيب عبد الرزاق بوحارة، يضم مجموعة من الكتائب والفصائل، وكلها من جيش التحرير الوطني الذين خاضوا ثورة أول نوفمبر 1954، لأنّهم متعوّدين على حرب العصابات ولديهم الشجاعة في خوض المعارك ومنضبطين، مهيّئين للمشاركة في الحروب الثورية.
ويشير الباحث نقلا عن شهادة المرحوم بوحارة، إلى أن الجنود الجزائريين لم يرفضوا الذهاب الى جبهات القتال وكانوا على كفاءة عالية، وأرسلت الجزائر القيادات الجوية وأربعة آلاف جندي بعتاده الحربي، فيلق، دبابات وثلاث فيالق مشاة والدعم اللوجيستي، وكل المصاريف كانت على عاتق الدولة الجزائرية.
وحسب شهادة بوحارة، فإن الرئيس بومدين في خطابه للجنود الجزائريين في اجتماع زرالدة كان يذكر عبارتين “النصر أو الاستشهاد”، و«إذا خسرنا المعركة فإنّنا لن نخسر الحرب”.
وكانت حرب أكتوبر في رمضان 1973، انتصار عربي بفضل الفريق سعد الدين الشاذلي، الذي استطاع إعادة بناء الجيش المصري، واستطاع مفاجأة الصهاينة والفوز عليهم، يقول الدكتور عظيمي.
وأضاف أنّ الرئيس بومدين أرسل اللواء الثامن المدرع يضم 800 عربة و180 مجنزرة محمولة على القاطرات، وهي القوة التي ترهب العدو، وهذا لتعويض اللواء الثالث المصري الذي دمر عن آخره، علما أنّ اللواء الثامن المدرع تأسّس بمدينة التلاغمة، وكان أول قائد لها عبد المالك قنايزية، ومجموعة من الشباب لديهم القوة والعزيمة، حيث تفاجأ الجيش الصهيوني بقوة نيرانها.
وانتقل بومدين الى موسكو في زيارة سرية لطلب مساعدات قدّمها لمصر وسوريا، وأرسل لهم مليون برميل من البترول.
قال اللواء عبد العزيز مجاهد، أحد المشاركين في حرب اكتوبر، إنّ رؤية بومدين للحرب العربية الصهيونية كانت قضية أمّة وليست جيش ومعركة، استجابة لرغبة الشعب خاصة الشباب الذين طالبوا بالمشاركة في الحرب، بفتح معسكرات الجيش الوطني الشعبي لتدريب الذكور والإناث لمدة 45 يوما (جويلية وأوت 1967).
وتأسّف عن تهميش مشاركة الجيش الجزائري في هذه الحرب وعدم ذكرها، وقال: “التاريخ يجب أن يحترم، ولا يكون فيه إقصاء كي نتعلم من عيوبنا ونصحّحها”.
وقدّم مجاهدون شاركوا في الحرب شهاداتهم عن مجريات المعركة، وشجاعة الجزائريين وتضحيتهم من أجل أشقائهم المصريين، وقد اعترف العدو بشجاعتهم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024