واجهوا الآلة الاستعمارية بصدور عارية

ذكرى أبطال القصبــة الأربعة تعــود..

سهام بوعموشة

يستذكر الجزائريون، كلما حل تاريخ 8 أكتوبر، ذكرى استشهاد أبطال القصبة وهم علي لابوانت، حسيبة بن بوعلي، محمود بوحميدي والطفل الصغير عمر ياسف.
الأبطال كانوا رمز التضحية بالنفس من أجل حرية بلدهم، واجهوا بصدور عارية رشاشات الاستعمار البغيض إقتداء بأجدادهم، الذين وقفوا في وجه الغزاة عندما وطئت أقدامهم النجسة أرضنا الطاهرة في 1830.
كل بيت جزائري يتذكر علي عمار، المدعو علي لابوانت، هذا الشاب الذي ولد بمدينة مليانة في 14 ماي 1930 وعاش طفولة صعبة، حيث اشتغل في سن مبكرة في مزارع المعمرين وعرف حينها معنى السيطرة والاستغلال. عند عودته إلى العاصمة انخرط في صفوف النادي الرياضي بالعاصمة ومارس رياضة الملاكمة.
وهناك تعرف على كثير من الوطنيين الذين زرعوا فيه فكرة الثورة، وعلى رأسهم الشهيد البطل العربي بن مهيدي. وأثناء قضائه فترة في السجن عرف قيمة الحرية وفهم معنى التضحية.
انضم إلى صفوف الثورة التحريرية ضمن فوج الفدائيين بالعاصمة، وشارك في هجومات عديدة على مراكز الجيش والشرطة الاستعمارية.
وقد شكل مع حسيبة بن بوعلي، وطالب عبد الرحمان ومجموعة من الفدائيين شوكة في حلق البوليس الفرنسي إلى أن كان يوم 08 أكتوبر 1957، حيث نسف المنزل الذي كان يأويه رفقة حسيبة بن بوعلي ومحمود بوحميدي وعمر الصغير، فاستشهد الأربعة.
البطلة حسيبة بن بوعلي، أيقونة الثورة مثل أخواتها في النضال الشهيدات مريم بوعتورة ومليكة قايد، وريدة مداد وغيرهن، هي من مواليد 18 جانفي 1938، بمدينة الشلف، نشأت في عائلة ميسورة الحال، زاولت تعليمها الابتدائي بمسقط رأسها وبعد انتقال عائلتها إلى الجزائر العاصمة في 1948، واصلت تعليمها هناك، التحقت بثانوية «عمر راسم» وعرفت بذكائها الحاد، ومن خلال رحلاتها داخل الجزائر ضمن صفوف الكشافة الجزائرية اطلعت على أوضاع الشعب السّيئة.
وفي 1955 التحقت حسيبة بن بوعلي بصفوف الثورة التحريرية وذلك بإحضار مواد كيماوية من المستشفى الذي تعمل فيه مع أحد أصدقائها.
وفي يوم 8 أكتوبر 1957، استشهدت بعدما نسف الجيش الفرنسي البيت، الذي كان يأويها والذي كانت فيه رفقة علي لابوانت ومحمود بوحميدي وعمر الصغير ياسف.
محمود بوحميدي، من ضحايا هذه الجريمة الاستعمارية كانت رفقة علي لابوانت وحسيبة وعمر ياسف، هو من مواليد 1939 بالقصبة أعرق أحياء العاصمة، تربّى في أزقة الحي وخبر مختلف شوارع الجزائر العاصمة، عرف عنه حبه للتضحية وكرهه للمستعمر.
انضم إلى صفوف الثورة الجزائرية ضمن فوج الفدائيين بالقصبة، وبحكم معرفته للعاصمة كلّف بربط الاتصالات بين الفدائيين وعمل على توفير مخابئ لهم في القصبة، مثلما فعل مع علي لابوانت في 1957.
كان له دور أساسي في إخفاء وثائق الثورة ومراسلات مسؤولي العمليات الفدائية، وتحضير أماكن لاجتماعات المجاهدين. واستمر في نضاله إلى أن سقط شهيدا يوم 08 أكتوبر 1957 مع رفقائه.
عمر ياسف، المعروف باسم عمر الصغير، مثال لتضحية الطفل الجزائري أثناء الثورة التحريرية. انضم هذا الطفل الشجاع البطل إلى الثورة وسنّه لا يتعدى 13 سنة. شارك مع رجال في سن والده في حمل الرسائل إلى المسؤولين، وكان حلقة وصل بين القائد العربي بن مهيدي وياسف سعدي وباقي الفدائيين، وشهد له الشهيد العربي بن مهيدي، بحماسه الفياض وبإرادته الفولاذية.
استطاع بنباهته تخطي كل الحواجز البوليسية ولم تتمكن السلطات الفرنسية من اكتشاف نشاطه إلى أن استشهد رفقة حسيبة بن بوعلي، وعلي لابوانت وحميد بوحميدي يوم 08 أكتوبر 1957 بعد نسف المنزل المختبئين فيه بحي القصبة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024