المجاهد والمؤرّخ عيسى قاسمي لـ “الشعب”:

17 أكتوبـر.. شاهـد على بشاعـة الاستدمار

محمـد فرقاني

 المهاجرون نقلوا الثورة المباركة إلى أرض العدوّ

 يجمع مؤرّخون ومجاهدون كانوا في صفوف اتحادية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، بمناسبة ذكرى مجازر 17 أكتوبر 1961، على أنّ هذه الأخيرة حوّلت عاصمة الأنوار (باريس) إلى عاصمة المظالم والظلام، كما أنّ الانتصار السياسي الذي حقّقته المسيرة السلمية في قلب فرنسا للثورة التحريرية عجّل بتقدم مفاوضات النصر للثورة والشعب الجزائري.

 أوضح المجاهد والباحث في التاريخ عيسى قاسمي، على هامش منتدى “الشعب”، أنّه يفضّل مصطلح المستدمر الفرنسي عن كلمة المستعمر، لأنّ ما خلّفه هذا المستدمر في الجزائر أقسى من أن يوصف في كلمة مستعمر، وأشار أنّ ما جرى في عاصمة المظالم والظلام باريس ليلة 17 أكتوبر يخجل منه حتى الفرنسيون اليوم.
قال قاسمي إنّ العديد من الكتّاب والمثقفين في فرنسا يدركون جيّدا ماذا جرى في الجزائر من 1830 إلى 1962، وأشار إلى أنّهم يرتعشون من فضائع المجازر التي ارتكبها المدمّر الفرنسي في ليلة السابع عشر أكتوبر خاصة وفي الجزائر بشكل عام، وأكّد أنّ الجزائريين لم يتوقّفوا يوما عن مقاومة المستدمر الفرنسي.
وأشار المجاهد بالولاية السادسة التاريخية، إلى أنّ فرنسا ومنذ اندلاع الثورة التحريرية تكرّر أسطوانة القضاء على مجموعة من الخارجين عن القانون، وتصف المجاهدين بأوصاف تحط من قيمة الثورة وجهادهم، وهو ما ردّ عليه المجاهدون وصنّاع الثورة بمحطات خالدة من بينها المسيرة السلمية في فرنسا ليلة 17 أكتوبر.
وذكر محدّثنا أنّ فرنسا حاولت إيهام المجتمع الدولي بأنّ الشعب الجزائري أو المسلمين في الجزائر وخارجها، يؤيّدونها في حربها “ضد مجموعة من قطاع الطرق!!”، للتقليل من مكانة الثورة لدى الجزائريين، وقال المجاهد والكاتب قاسمي عيسى: “الجزائريّون سمعوا هذا التحريف الذي تحاول فرنسا تسويقه عن صورته، فكان الردّ عليه في الميدان باحتضان الثورة وكل المحطات المفصلية التي مرّت بها، كإضراب الثمانية أيام بالجزائر، والمسيرة السلمية عشية 17 أكتوبر بقلب مدينة المظالم والظلام “باريس”.
وأوضح قاسمي أنّ المظاهرات وأصوات الجزائريّين بالجزائر والتي تجاهلتها قيادة المستدمر في باريس، كان لا بد من أن تُحمل إلى قلب هذه المدينة حتى يسمعها ديغول على مقربة من قصره، ويراها من نافذة “الإليزيه”.
وذكر قاسمي أنّ التعليمات كانت تقضي بسلمية المسيرة، بل ذهبت القيادة في جبهة التحرير إلى أبعد من هذا، وأوصت بأن يكون هِندام المتظاهرين محترما من خلال ارتدائهم لبدلات رسمية حتى مع ربطة العنق، حتى يعي المستدمر وكل أبواقه أن هذا الشعب متحضّر، ولإعطاء صورة مميّزة عن الشعب الجزائري.
وقال المجاهد بالولاية السادسة التاريخية: “مظهر الجزائريين كان مميّزا وملفتا للنظر خلال المسيرة السلمية، حتى أن العديد من الفرنسيين أطلّوا من شرفات المنازل لرؤيتهم في تلك الصورة الأنيقة والسلمية التي تعبر عن السلام الذي يحمله هذا الشعب، وحتى المصوّرين الصحفيين سارعوا لالتقاط صور للجزائريّين في تلك اللحظة”.
وأوضح قاسمي أنّ عظمة الثورة الجزائرية تكمن في أشياء عديدة منها خاصية لم تشهدها الثورات من قبل، وهي أنها أول ثورة في العالم تنقل الحرب إلى أرض العدو، وأضاف أنّ الثورة في هذه الليلة حقّقت نصرا سياسيا كبيرا على المستدمر الفرنسي بأنّها أوصلت الثورة إلى أرض العدو وأطاحت بالجمهورية، وكادت أن تطيح بالجمهورية الخامسة.
من جهته، أضاف المؤرخ وأستاذ القانون عامر رخيلة، أنّ حضر التجول الذي حاولت إدارة الاستدمار الفرنسي فرضه على الجزائريين كتمييز عنصري في باريس، كان من بين الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى خروج الجزائريين في مسيرة سلمية ليلة 17 أكتوبر، وانتهت بتصفية العديد من المتظاهرين السلميين ورميهم في نهر “السين”، إضافة إلى صورة ظلّت وصمة عار في تاريخ فرنسا الاستعمارية، وأشار إلى أنّه رغم تكبّد الجزائريين للعديد من الضحايا تلك الليلة، إلاّ أن الجزائر حقّقت نصرا سياسيا كبيرا عقب الحادثة.
وأضاف رخيلة أنّ باريس كانت عاصمة إعلامية بامتياز في تلك الفترة، وتزامنت مسيرة الجزائريين، مع ملتقى استقطب كثيرا من وسائل الإعلام الدولية آنذاك، والتي غطّت الحدث وعرّت حقيقة المستدمر الفرنسي أمام الأمم المتحدّة والهيئات الدولية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024