شرّحت فظاعة جريمة 17 أكتوبر.. الدكتورة ليلى بلقاسم لـ “الشعب”:

أسلوب التلاعب بالمصطلحات للإفلات من التجريم لن ينفع فرنسا

إيمان كافي

الدولة الفرنسية تتحمّل المسؤولية السياسية والقانونية عن الجريمة

المشرع الفرنسي يبدي الحذر للتهرب من الإدانة الجنائية

17 أكتوبر 1961..يوم تخضّبت مياه نهر السين بدماء الجزائريين، في جريمة نكراء شهدتها العاصمة الفرنسية باريس، حينما خرج  المهاجرون العزّل في مظاهرات سلمية احتجاجا على التمييز العنصري المفروض عليهم، وحصرهم في غيتوهات ليقمعوا بأبشع الطرق، ويقتلوا برصاص الشرطة الفرنسية التي تلقي بجثامينهم الطاهرة إلى نهر السين، أو يشنقوا في غابة فانسن. وما تزال فرنسا الرسمية، راعية حقوق الإنسان، إلى يوم الناس هذا، ترفض الاعتراف بما اقترفته الشرطة الفرنسية في حق المتظاهرين كجريمة دولة، مثلما أكّدته الدكتورة ليلى بلقاسم، أستاذة التاريخ بجامعة غليزان.

 قالت الدكتورة ليلى بلقاسم، إنه بالرغم من اجتماع كل أركان الجريمة التي صنفت ضمن إبادة الجنس والجرائم الإنسانية، في ظل الجمهورية الخامسة التي كان على رأسها شارل ديغول، والذي كشفت الوثائق أنه كان على علم بمقتل مئات الجزائريين، غير أنه أبقى على المسؤولين في مناصبهم، ومنهم موريس بابون ووزير الداخلية ووزير العدل الفرنسيان، ما يؤكّد المسؤولية السياسية والقانونية للدولة الفرنسية على المذبحة التي راح ضحيتها عشرات النساء والأطفال العزل.
وأكّدت محدّثتنا أنّ تصريحات المسؤولين الفرنسيين من هولاند إلى ماكرون، تندرج ضمن أسلوب التلاعب بالمصطلحات للإفلات من التجريم بجعل الرأي العام الفرنسي والدولي يعتقد أن شخصا واحدا فقط المسؤول عن المجازر، وهو موريس بابون المدان في 1998 بارتكاب جرائم ضد الانسانية، فنزع منه وسام الشرف بسبب جرائم أخرى، وليس بسبب مجازر 17 أكتوبر 1961، ليكون الاختيار الأمثل لرسم معالم الجريمة وتبرئة فرنسا الرسمية.
وقالت: “هذا دون الحديث عن تورط مؤسسة الشرطة ووزارة الداخلية، وهو ما أعرب عنه ماكرون في الذكرى 60 حينما وصفها بجرائم لا تغتفر تحت سلطة موريس بابون، ذلك أنه من الأولويات أن يظل تاريخ الجمهورية نقيا تماما، وهي العقيدة السارية في فرنسا، فلا تكاد تذكر كلمة شرطة عند سرد الأحداث، بل يعتقد من خلال التصريحات أن الجزائريين هم من خالفوا حظر التجوال قانونا”.
وأشارت الباحثة إلى أن المظاهرة كانت محظورة، وهذا ما يؤكد أن وزارة الداخلية الفرنسية هي من فاوضت على النص مع الإليزيه، حتى تتجرّد من مسؤوليتها القانونية والجنائية والتاريخية إلى جانب ضغط اليمين المتطرف.
وأوضحت الدكتورة بلقاسم في هذا الصدد، أنّ المشرّع الفرنسي، وتحت ضغط سلطة الدولة الفرنسية، وهروبا من الإدانة الجنائية، يبدي كثيرا من الحذر في معالجة ملف مجارز 17 أكتوبر 1961، خوفا من توظيفه من قبل الجزائريين في حرب الذاكرة، بدليل التكتم على أرشيف المظاهرات السلمية وتداعياتها، بل إن جزءا منه قد أتلف بشكل متعمّد من قبل الشرطة حتى يستحيل معرفة أركان الجريمة الانسانية والحقيقة الكاملة التي تجعل من فرنسا دولة مجرمة، وهي الموقّعة على الاتفاقية الأوروبية وعلى ميثاق الأمم المتحدة وعلى اتفاقية جنيف، فكانت هذه المظاهرات الأكثر قمعا وعنفا مارسته دولة معاصرة في الشارع الباريسي، على مرأى وسائل الإعلام والعالم في تاريخ أوروبا الغربية، حسب تعبير المؤرخين البريطانيين جيم هاوس، ونيل ماكماستر، في كتابهما “الجزائريّون..الجمهورية ورعب الدّولة”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024