المختصّة في رسكلة النّفايات جازية بلجوهر لـ «الشعب»

الاقتصاد الأخضر ثـورة لا تنضب

علاء ــ م

جازية بلجوهر، شابة في مقتبل العمر، هي رمز للتحدي والأمل بامتهانها مهنة تتطلب مقاييس لا تتوفر إلا عند الرجل، حيث أنشأت مؤسسة مصغرة مختصة في جمع ورسكلة النفايات في إطار المساعدات التي تقدمها «لونساج» لدعم الشباب في مجال الشغل والقضاء على البطالة.
تلقّت جازية بلجوهر تكوينا في مجال البيئة والمحيط بالمعهد الوطني للتكوين المهني بحجوط بعد فشلها الالتحاق بالجامعة، وفي هذا الصدد أكّدت جازية بأنّها اختارت هذا التخصص عن حبّ وقناعة، ويحدوها أمل كبير في أن تحقّق في المستقبل ما يدور بذهنها من أفكار، مساهمة منها في بناء اقتصاد أخضر وتجسيد سياحة خضراء تأخذ في الحسبان الثروة الحيوانية والغابية والفلاحية والتاريخية التي تزخر بها منطقة تيبازة.
البداية كانت بعملها بالمكتب البلدي للنظافة بسيدي راشد، ثم انتقلت إلى المركز التقني لردم النفايات بذات البلدية حيث عملت مدة سنتين. وبمجرد حصولها على قرض مصغر من البنك، استغلت خبرتها في مجال ردم النفايات في مؤسستها المصغرة التي أنشأتها بمساعدة مركز التسهيل للمؤسسات الصغيرة بتيبازة، حيث حظيت  بتكوين شامل يعنى بكيفية تكوين مؤسسة مصغرة.

اختارت جازية بلجوهر تسمية «مونتيبيلو» لمؤسستها، التي تعتبر في الواقع التسمية القديمة لمدينة سيدي راشد ومعناها الهضبة الجميلة، مشيرة في تعليقها حول هذه النقطة بأنّ مؤسستها تجمع بين التاريخ والمحيط والبيئة والتقاليد والطبيعة الخضراء، وتعتمد في عملها على سيارة نفعية متخصّصة في الجمع مزوّدة بآلة للضّغط وأخرى لطحن البلاستيك.
يعتبر نشاط رسكلة النفايات مصدرا هاما لكسب الرزق، لكنه يحتاج الى التجلد بالصبر لبلوغ الغاية المنشودة من أجل تجسيد مفهوم الاقتصاد الأخضر على أرض الواقع، ويعتبر الشق الثاني من هذه المعادلة حسب تعبيرها الهم الأكبر الذي يراودها لاسيما عقب بروز أوجه عديدة من الاعتداء على المحيط والبيئة على مستوى الوطن.
سألنا جازية بلجوهر عن ردود المجتمع بكل أطيافه حول نشاطها الميداني باعتباره يرتبط بالعنصر الرجالي أكثر منه بالنساء، فقالت بأنّ المواطن هو محور العملية كلّها، ومن ثمّ فقد سعت بمعية مجموعة من الهيئات والمؤسسات من أجل إطلاق حملة تحسيسية  وتوعوية واسعة تتعلق بأهمية استرجاع النفايات عموما والبلاستيك والكرتون والزجاج على وجه الخصوص، وهو ما مكّنها من التعريف بنفسها ومؤسّستها لدى المواطن، الذي أضحى في كثير من الحالات يساعدها أكثر مما كانت تتصور من خلال جمع ذات المواد وتوصيلها لها لتمكينها من تجسيد أفكارها الداعمة للاقتصاد الأخضر.
ومن هذا المنطلق، دعت جازية بلجوهر جميع نساء الجزائر للتخلي عن فكرة كبت أفكارهن بأذهانهن، والعمل الجدي على تجسيدها ميدانيا من خلال التحرّر من قيود المجتمع الذي لا يرحم، مشيرة إلى أنّ المرأة يمكنها أن تقدّم الكثير للمجتمع من حيث لا يعلم، وإبراز ذلك للعلن في العديد من الملتقيات العلمية والتقنية التي جمعت نساء جزائريات الى أخريات من ألمانيا التي خطت خطوات عملاقة في مجال التأسيس للاقتصاد الاخضر، ولوحظ بأنّ الألمانيات لازلن يحتفظن بمناصب مسيّرات لمؤسسات
ولم يحالفهن الحظ بعد من تأسيس مؤسسات خاصة مثلما هو الشأن بالجزائر، كما دعت عديد الرجال الذين يمارسون مهنة جمع النفايات خارج الإطار القانونية إلى الانخراط ضمن الأطر القانونية للتمكن من المساهمة في بناء إقتصاد أخضر يتماشى وطبيعة الولاية السياحية مع استعدادها الدّؤوب للتحدي والمنافسة دون أيّ شعور بمركب نقص باعتبارها من الجنس اللطيف.
هي هكذا جازية بلجوهر، تحمل في جعبتها مشروعا ضخما لتجسيد مفهوم الإقتصاد الأخضر على أرض الواقع،
ولو اقتصر الأمر على المستوى المحلي وهي تساهم بذلك عمليا في جمع النفايات للحفاظ على البيئة من جهة، ودعم الاقتصاد الوطني من جهة ثانية بالشكل الذي يزيح عنه كل أوجه التلوث، كما تحمل بمؤسستها المصغرة رسالة قوية للشباب الراغب في العمل من خلال تكذيب كلّ مدّع بانعدام فرص التشغيل بالجزائر، داعية جميع الباحثين عن العمل لاستكشاف ذلك بالجزائر العميقة، وتجنّب اللهث وراء المهن السهلة والبسيطة.
كما أعربت جازية عن أملها الكبير في حصولها مستقبلا على قطعة أرض ضمن محيط مناطق النشاط المحلية لتمكينها من توسيع مؤسستها وتشغيل عمال آخرين، مع دعم الاقتصاد الوطني بكميات أخرى من المواد المسترجعة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024