الأستاذة سعد العود ليندة، محامية وقاضية سابقة

حرمان المرأة من ميراثها في بعض المناطق تعدّي على حقوقها

حبيبة غريب

مبـادرة وزارة التّضـامن في فتـح تحقيـق جـديـرة بالتّنــويه

تعتبر ظاهرة إقصاء المرأة في بعض المناطق من حقها الشرعي في ميراث الأب والزوج باسم الأعراف المتداولة والبعيدة كل البعد عن الشريعة الإسلامية، تقليدا مضرا جدا بمصالح النساء المادية والمعنوية وكذا الاجتماعية، وإن اقتصر والحمد لله على بعض المناطق وعند بعض العروش والعائلات فقط، فالأمر اليوم في حاجة ماسة لأن يتدارك وبسرعة وينظر فيه لتصحيحه.
هذا ما ترافع عنه اليوم بكل شغف الأستاذة سعد العود ليندة، محامية وقاض سابق، التي صرحت للقوّة النّاعمة قائلة: «إن هذا التصرف يضرب جذوره في التاريخ إلى قرون مضت، وقد سنّه الأعيان والمرابطون وقتها من أجل الحفاظ على الأرض والعقارات داخل العائلات الجزائرية».
 وتعود تقول سعد العود: «عادة حرمان المرأة من الميراث إلى الاجتماع الذي انعقد تاريخ 1749 بسوق السبت لقرية بني وصيف إذ اجتمع مرابطي بني بترون بأعيان القرية، وبحضور إمام مسجد تحمامات وقبائل بني يني وبني سيق ببني بوعقاش وبني بدران لاتخاذ القرارات التالية: حرمان المرأة من الميراث - انقضاء حق الشفعة للبنات والأخوات واليتامى - سقوط الحق في هدية الدخول للمطلّقة والأرملة».
وتضيف المحامية، مستندة في حديثها إلى العديد من البحوث في هذا المجال ومنها  البحث المنجز في المجلة الجزائرية الانتروبولوجيا وعلم الاجتماع لاولحاج نايت جودي تحت عنوان: «الحرمان من الميراث في بلاد القبائل عامل التاريخ والجغرافيا»، قائلة أنّ «هذا الاجتماع  سبقه اجتماع قبيلة آيت ارتن التي قرّرت رسميا إلغاء حق المرأة في الميراث بموجب جمعية عامة بالمكان المسمى اوقمون».
وقد طلب الأعيان تقول سعد العود: «من داي الجزائر السماح لهم بسنّ الأعراف، تسمح لهم بإقصاء المرأة، ومند ذلك الحين بقيت هذه الأعراف متوارثة لدى بعض العائلات، ضاربة عرض الحائط بالدستور والقوانين الشريعة الإسلامية».
وأكّدت المحامية في سياق آخر على «أنّه تم التراجع عن هذه القوانين بتاريخ 1818 حين تعرّضت بلاد القبائل إلى مرض الطّاعون، إذ اتّخذ قرار منح ثلث التركة للأم أو الزوجة أو بنات الهالك الذي لم يترك وارث ذكر».

العرف تداولته العديد من الأبحاث الجامعية

  واليوم بقيت المرأة تقصى من الملكية وتقضي من حق التصرف في حق التصرف في الملكية العقارية بمناورات بتمكينها من الانتفاع من العائدات مع حفظ حقها في الرجوع إلى المسكن العائلي في حالة الطلاق أو الترمل، حتى ولو كانت  ــ تضيف المتحدثة ــ حائزة للغرفة أو البيت، منتفعة منه مدى الحياة، غير أنها لا يمكن لها بأي حال من الأحوال التصرف فيه، ولا تؤول ملكيتها بعد وفاتها إلى ذوي الحقوق.
وقد تمّت عدة بحوث حول هذا الموضوع منها مذكرة لنيل شهادة الماجستير لعلم الاجتماع الريفي للسيدة حمداني مالية تحت عنوان : «الا ميراث: أو الإقصاء من الميراث» المرأة القبائلية بين العرف والتطور المادي للمجتمع»، جامعة الجزائر 2 سنة 2010.
وأصبحت هذه التظاهرة تشكل في الوقت الحالي مشكلا حقيقيا من عدة جوانب، اجتماعية ومادية، تتضرر منه المرأة المدنية والريفية لصعوبة الظروف المعيشية.

الاستعجال في وضع حدّ للأعراف الجائرة

 وترى المحامية أنّه «لابد من إيجاد حلول خاصة كون الظاهرة تمس كل طبقات المجتمع، ولا تستثني المرأة المتعلمة أو الحائزة على منصب مسؤولية، إذ لا يضعها منصبها أو شهاداتها العالية في مأمن من هذا العرف، وإن لجأت إلى المحاكم للمطالبة بحقها بالطرق القانونية، فإنها تجد نفسها مقصاة من طرف قبيلتها وأهلها وناسها، الأمر الذي يدفعها للعزوف عن كل محاولة تمرد على هذه القوانين العرفية».
وتؤكّد المحامية أنّه في ظل التعديلات التي تنادي بها كل التيارات السياسية والمجتمع المدني لتحسين وضعية المرأة والحفاظ على حقوقها، فلا بد من السهر على تحصيلها لميراثها، خاصة الجانب المادي الذي يعتبر  من الركائز التي تمكن المرأة من خوض الحياة المعاصرة، وتضمن لها العيش الكريم، خصوصا وأن هذه القوانين العرفية تتنافى والشريعة الإسلامية ودستور الجمهورية الجزائرية.
وتمنّت سعد العود ليندة بالمناسبة، المبادرة التي أخذتها مؤخرا وزارة التضامن والبراءة بفتح نقاش حول هذا الموضوع الشائك، خصوصا وأنّ البحوث قد بيّنت أنّ الظاهرة ليست محصورة في بعض العائلات القبائلية فقط بل هي مسجّلة في العديد من المناطق الداخلية.
وفي الأخير طالبت المحامية بفتح تحقيق ووضع دراسات اجتماعية لدراسة هذه الظّاهرة، ووضع الحلول اللاّزمة لتغيير الذّهنيات وتوعية العائلات من أجل استرجاع حقوق المرأة المهضومة.   

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024