من الزنزانة إلى الفندق…

حرية على الهامش

‏ بقلم : ثورة ياسر عرفات

‏سبعة أشهر مرّت،
‏وسرير الفندق لم يَعد مريحًا،
‏وصحن الطعام في الصباح والمساء لم يَعد له طعما،
‏وشباك الغرفة مهما اتّسع، لا يُشبه نافذة البيت.
‏‏نعم، تحرروا من السجن، من الزنزانة، من السلاسل،
‏لكنهم لم يتحرروا من الانتظار.
‏‏خرجوا من أقسى أنواع الأسر…إلى إقامة مؤقتة، إلى منفى ناعم.
‏في فندق أنيق، لكن بلا قرار.
‏في بلد شقيق، لكن بلا أفق.
‏‏ليسوا سُيّاحًا، وليسوا ضيوفًا.
‏هم رجال أمضوا زهرة أعمارهم خلف القضبان، والآن…يعيشون نصف حرية.
‏* **
‏أيها العالم،
‏نعم، هناك سرير نظيف وشراشف بيضاء،
‏لكن لا حياة لمن يُمنَع من أن يعيشها كاملة.
‏‏إنهم لا يطالبون بالعودة فقط،
‏بل يطالبون بالحسم، بالاستقرار، بالحق في أن يبدأوا حياة حقيقية، أن يُكملوا ما تبقى من أعمارهم بكرامة، أن يجدوا منزلًا لا غرفة مؤقتة، أن يُعاملوا كمحررين لا كعالقين على هامش الوطن والمنفى.
‏***
‏أيها العالم،
‏لا تُصفّقوا للتحرير قبل أن يكتمل،
‏فالحرية لا تكتمل إن لم يكن لها عنوان،
‏ولا تُكتب إن بقي أصحابها أسرى الوقت والمكان.
‏‏هؤلاء الأسرى…يستحقون وطنًا يحتضنهم، لا نافذة تطلّ على الغياب.
‏‏فكفى صمتًا
‏‏وأمام هذا المشهد، لا بد أن نسأل:
‏أين أنتم؟
‏أين المسؤولون؟
‏أين المؤسسات الرسمية، أين السفارات، أين الجهات التي لطالما رفعت شعارات الحرية والكرامة والحق في الحياة؟
‏***
‏لماذا يُترك هؤلاء الأحرار في مهبّ المجهول؟
‏لماذا يُعاملون كقضية منسية لا يعرفها أحد إلا من عاش ألمها؟
‏‏أليس من واجبكم أن تؤمّنوا لهم حياة مستقرة؟
‏أن تمنحوا مَن قدّم زهرة عمره من أجل الكرامة، الحد الأدنى من كرامة الحياة؟
‏‏تقولون إن غزّة تحت الاحتلال…وإنكم لا تستطيعون الدخول!
‏لكن هؤلاء الأسرى ليسوا في غزّة، ولا في الضفة، ولا في سجون الاحتلال.
‏هؤلاء أمام أعينكم، في أرض عربية، في فنادق، منذ سبعة أشهر…فلا ذرائع لكم.
‏‏أيّ منطق هذا الذي يجعلكم عاجزين أمام من تحرروا من قيد الاحتلال لكن سُجنوا في قيد الإهمال؟
‏أيّ ضمير هذا الذي يسمح لكم بأن تستقبلوهم كأبطال لساعات ثم تتركوهم كمنسيين لأشهر؟
‏***
‏إنهم لا يطلبون صدقة، ولا منّة،
‏بل استحقاقًا واجبًا، وحقًا مقدسًا،
‏إنهم لا يريدون احتفالًا، بل حلًا، لا كلمات، بل أفعال.
‏* **
‏أيها السادة،
‏هؤلاء ليسوا صورًا في نشرات الأخبار،
‏إنهم أرواح تنزف ببطء، وكرامات تنتظر من يعترف بها، وحرية تتآكل في الغربة.
‏‏إلى متى يكون الصمت هو موقفكم؟
‏إلى متى نكتب ونصرخ ونناشد، وأنتم تقفون على الحياد؟
‏هل انتهى دوركم يوم خرج الأسرى من السجون؟ أم أنه لم يبدأ أصلًا؟
‏***
‏الحرية لا تُنجز نصفًا
‏‏الحرية التي تُنتزع من بين أنياب الاحتلال، لا يجوز أن تُحبس خلف أبواب فنادق،
‏ولا أن تُركن في زوايا الغربة،
‏ولا أن تُترك تتآكل في انتظار المسؤولين.
‏‏الحرية الكاملة…ليست تذكرة خروج من السجن،
‏بل حياة كريمة بعدها.
‏‏ارفعوا صوتكم.
‏فمن صمت على ظلمهم الثاني، هو شريك في الأسر الأول.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19865

العدد 19865

الثلاثاء 02 سبتمبر 2025
العدد 19864

العدد 19864

الإثنين 01 سبتمبر 2025
العدد 19863

العدد 19863

الأحد 31 أوث 2025
العدد 19862

العدد 19862

السبت 30 أوث 2025