في البيت العتيـق بأحـد الأزقة المتداخلـة فـي أحشـاء المدينـة منذ فترة وجيزة أبرق إليهما بموعد حضـوره، فتش عنهما في وجوه كل المنتظرين في الشرفات.. عن وجه قريب.. أو صديق.. لا أحد غيـر أنـه لـم يـحـاول وضع احتمال محدّد لتفسير ذلك.
جاء الجرسون حاملاً ابتسامة جديدة وقائمة بالأصناف، طلب شراب برتقال وجـال ببصـره فـي المكان المغلف بالهمسات لبضع لحظات، فالتقت عيناه بعينين آسرتين حائرتين بين كل الموائد، تشابكت النظرات ثم انسحبت عيناها بعيدا في توتر، بعد برهة التفتت قاصدة النظر في اتجاهه، كان فارغ اليـد - تواصـل البحـث دون جدوى عن حلمـك الوحيد.
الآن ولت الأعوام الكبيسة وصـار العـيش في سعة.. فهل يتحقق الحلم ...؟!! بسطت كلتا يديها على المائدة، أصابعها خالية من أي ارتباط ترى لماذا يغمرك الآن احساس غريب؟! مزيج من الشعور بالفرح والخوف أو الخوف واليأس معا، وبماذا تفسّر تزايد خفقات قلبك واختلاجه بين الضلوع كلما تلاقت عيناكما، مازلت تحيا بقلـب فتى العشرين عاماً رغم الخطوط البيضاء التـي اندست بین سواد الشعر لتنبئ بشيبة مبكرة، هل يمنحك القدر عوضاً عن هذا العمر المهدور فوق جسر من الشقاء.