لقاء الحكومة والشّركاء الاقتصاديّين والاجتماعيّين

الرّهان على مسار تنمــوي بأســس جديـــدة

فضيلة بودريش

تلتقي الحكومة مع الشّركاء الاقتصاديّين والاجتماعيّين، وسط محاذير من فيروس «كوفيد 19» وآثاره السّلبية والمتعدّدة على الحياة الاقتصادية والجبهة الاجتماعية.لن تخلو طاولة حوار «الثلاثية» من ملفات حسّاسة ذات أهمية، في صدارتها دراسة دقيقة وتقييم مستفيض وشامل لآثار كورونا، على المنظومتين الاقتصادية والاجتماعية، ورسم معالم مسار واضح وسليم لتنمية ترتكز على أسس جديدة أكثر نجاعة ومردودية، وفق إصلاحات جذرية وحقيقية تمكّن من إرساء إنعاش اقتصادي يعيد للآلة الإنتاجية متانتها.

يحمل الشّركاء الاجتماعيون والاقتصاديون في صلب اهتماماتهم وفي مضمون ورقة طريقهم انشغال النمو واستحداث الثروة والتشغيل، والحفاظ على مناصب الشغل التي عصف بها الفيروس التاجي، أي تحديد آثار كورونا على المؤسسة الاقتصادية، على خلفية توقف نشاط مؤسسات اقتصادية كبيرة وصغيرة، فلم تسلم معظمها من الخسائر، ووجود عمالها في دائرة الخطر، خاصة تلك التي تنشط في النقل، نذكر منها شركة الخطوط الجوية الجزائرية والمؤسسة الوطنية للنقل البحري ومؤسسات أخرى تابعة للقطاعين الخاص والعمومي تنشط في السياحة والصناعة والخدمات على وجه الخصوص.
وإن كان الشريك الاجتماعي ممثلا بالاتحاد العام للعمال الجزائريين ونقابات خاصة، ينظر إلى هذا الاجتماع كفرصة لتعميق النقاش وتفعيل الحوار حول مستقبل المؤسسة الاقتصادية وطريقة حمايتها من الإفلاس والاختفاء حفاظا على مناصب الشغل واستحداث الثروة، يحاول الشركاء الاقتصاديون الممثلون في أرباب العمل، الوصول مع الحكومة التي ستشارك بوزراء، إلى توافق حيال حلول يمكن من خلالها تجاوز تحديات تفشي الوباء وأضرار الغلق، والمساهمة بمقترحات فعالة لبناء أسس جديدة تعيد الاعتبار للدورة الاقتصادية.
ويتحمل القطاع الخاص جزءاً كبيرا من المسؤولية في إنتاج الثروة وترقية النمو وتنويع الاقتصاد، مقابل الامتيازات التي يستفيد منها، من خلال الدعم الموجه في إطار التخفيف من حدة الفيروس، إضافة إلى التحفيزات في الاستثمار والعقار وإرجاء تسديد المستحقات الجبائية وما إلى ذلك.
اجتماع الحكومة بشركائها الفاعلين يرتقب أن يسلط الضوء على الإصلاحات المفترض تجسيدها بفعالية في عمق عصب الأداء الاقتصادي، ويضع اليد على العوامل المعرقلة، وفضح السلوكيات البيروقراطية التي تغلق الأبواب في وجه تسريع وتيرة النمو وتوسيع النسيج المؤسساتي، باستثمار منتج وحقيقي.
تفعيل الإصلاحات متوقف على تحلي الإدارة بالمرونة وتبسيط الترسانة التشريعية، والانفتاح على كل قيمة مضافة يُمكنها أن ترفع من سقف تدفق الثروة وتسرع من نشاط الآلة الإنتاجية.
تملك الجزائر كل المقدرات البشرية والإمكانيات الطبيعية والثروة الباطنية لتنطلق بشكل صحيح، وما عليها سوى إسناد مهمة التسيير للكفاءات النزيهة، والتعويل على قدرات شبابها، ومن ثم تبني مسار تنموي جديد وواضح، يرتكز على أسس الجدية واحترام القانون، وبالارتكاز على معايير التفوق والجودة.
ومنتظر أن يحسم الاجتماع التنسيقي المرتقب بين الحكومة والشركاء، في مسألة التوجه الجديد والإسراع بالخروج من قبضة إيرادات النفط، من خلال الإنتاج والتصدير ومضاعفة العمل بجميع الأصعدة، ويمكن جعل آثار الفيروس السلبية فرصة للتغلب على التحديات الاقتصادية الكبرى، وتصحيح الاختلالات المسجلة في السابق، حيث يكون للمؤسسة الخاصة دور جوهري في تحريك قاطرة التنمية تماما مثل الدول الناشئة التي تعتمد في نسيجها المؤسساتي على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تكبر لاحقا.
إنّ تطابق النظرة والتوافق حول الأهداف المحددة من طرف الحكومة وأرباب العمل وكذا الشريك الاجتماعي، سيلزم الجميع بالعمل لتجسيد الإصلاحات المنشودة، وبالتالي تضافر الجهود لتحقيق الوثبة الاقتصادية، لأن الإنعاش الاقتصادي سيكون المحور الرئيسي الذي سيحظى بالنقاش والتشريح.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024