رئيسا المجلس الشعبي البلدي للدويرة والحراش:

الأميار بين «نار» القوانين و«جحيم» الميزانية المحدودة

حمزة محصول

المواطن «مدعو» لتفهّم حدود صلاحيات المنتخب المحلي

 دور البلدية لا يقتصر على توفير السكن والشغل

أكّد رئيسا بلديتي الدويرة كريم روماني والحراش مراد مزيود، أنّ استعادة الثقة بين المنتخب المحلي والمواطن، تمر عبر «فهم» و»تفهّم» حدود صلاحيات «الأميار»، وأوضحا أنّ بعض القوانين السارية والميزانيات المتواضعة يؤديان إلى تغلب «التسيير اليومي» للبلدية على تأدية الوظيفة الأساسية المتمثلة في «التنمية المحلية».

باتت وضعية العديد من المجالس البلدية المنتخبة عبر القطر الوطني، محط تساؤلات لا تنتهي، فمنها من تعيش حالة انسداد منذ سنوات، ومنها من يوجد رؤساؤها محل متابعة ورقابة قضائية، فيما قام مواطنون بإغلاق أبواب بلديات بالإسمنت والآجر.
في بعض الأحيان تسجّل حوادث عنف خطيرة ومؤسفة، مثلما حدث نهاية الأسبوع المنصرم مع رئيس بلدية سفيان بولاية باتنة، الذي تعرض للحرق من قبل أحد المواطنين، بسبب مسألة «سكن».
«الشعب»، فتحت نافذة نقاش على واقع العلاقة بين المنتخب المحلي والمواطنين، والتي تعتبر قاعدة ومنطلق الديمقراطية التشاركية في البلاد، وحاولت نقل الإجابة على تساؤلات بشأن التحول العجيب والسريع لاحتفالية الفوز «بالانتخابات البلدية» إلى صراعات ومتابعات قضائية وحتى صدامات.
وفي السياق، يؤكّد رئيس بلدية الحراش مراد مزيود، أنّ «فرحة الفوز بالانتخابات لا تزيد عن ليلة واحدة، لتبدأ في الصباح الموالي صراعات وتجاذبات المجلس»، وكل هذا قبل الشروع في أداء المهام الفعلية المتمثلة في خدمة المواطنين ومحاولة الاستجابة لمتطلبات التنمية.
ويفيد أنّ المعارضة التي تنشأ عقب توزيع المهام على أعضاء المجالس البلدية، «لا ترحم»، وتحاول بكل ما أوتيت من قوة «إسقاط رئيس البلدية بكل السبل»، وأوضح أن السبب في ذلك «يعود إلى رفع عدد مقاعد أعضاء المجالس الشعبية البلدية..والعديد من الأعضاء يجدون صعوبة في تقبل عدم حصولهم على مهام تنفيذية لأنها بتعويض مادي شهري، فتبدأ الصراعات».
وأدّت التركيبة التي يقترحها قانون الانتخابات الحالي للمجالس المنتخبة وفق مزيود إلى «نوع من التمييع في إدارة شؤون البلدية بسبب العدد المرتفع»،ويقر القانون «من 13 إلى 43 عضوا ضمن المجالس البلدية حسب عدد السكان».
ويؤكّد المتحدّث أنّ رؤساء البلديات سيجدون أنفسهم أمام الاستجابة اليومية لمشاكل المواطنين وتلبية مصالحهم، ومواجهة معارضات تنحرف في بعض الأحيان إلى «التحريض واستعمال وسائل تعطيل تنتهي بتجميد المجالس أو عرقلة السير الحسن للبلدية».
ضغوطات نفسية
البلدية وباعتبارها الخلية الأولى للدولة، تفرض التعامل المباشر مع المواطنين على اختلاف حاجياتهم ومصالحهم وحتى سلوكياتهم، وحتمية البحث عن حلول لخلق حركية تنموية، وكل هذا يوجّهه رئيس البلدية «بقوانين مقيّدة وميزانية محدودة»، حسب قول رئيس بلدية الدويرة كريم روماني.
روماني، الذي عاد في تشخيص العلاقة بين المنتخب المحلي والمواطن إلى مرحلة الحملة الانتخابية، أكّد أن «معظم رؤساء البلديات يعيشون ضغوطات كبيرة، ومنهم من وصل إلى انهيارات عصبية».
وقال: «ينبغي أن ندرك أن المنتخب المحلي، وقبل أن يصل لهذا المنصب، كان مواطنا من مواطني البلدية، قرّر الترشح معتقدا أنه يملك حلولا للمشاكل التي تعيشها البلدية أو تقديم إضافة لها»، وأضاف: «هذه الرغبة تدفعه إلى تقديم وعود نظرية أثناء الحملة الانتخابية».
ويصر المتحدث على رفض مصطلح الوعود «الكاذبة»، لأنّها «حقيقية ولكنها تبقى نظرية بسبب عدم القدرة على تجسيدها»، موضحا أن «صعوبة التنفيذ الميداني نابع من الواقع الذي يجده المترشح الفائز عند استلامه مهامه، من قوانين وعلاقات وظيفية تسير البلدية وتحكم علاقات بباقي الهيئات التنفيذية والإدارية».
ويرى روماني أنّ المنتخب المحلي الذي لم يطّلع بشكل كافي ووافي على القوانين والصلاحيات المخوّلة له من قبل، سيجد نفسه أمام مشاكل حقيقية مع ناخبيه»، لذلك يقترح «تلقين وشرح كل الجوانب المتعلقة بتسيير البلديات إلى كل الراغبين في شغل منصب من مناصب مجالسها المنتخبة».
التوظيف والسكن
يربط المتحدث قصور التكوين السياسي والقانوني للمترشحين إلى البلدية، بعدم فهم أو تفهم المواطنين لصلاحيات ومهام رئيس البلدية «أين تبدأ؟ وأين تنتهي؟»، مستدلا بمعاناة مدارس بلدية الدويرة من عجز في منصب حارس، يقدر بـ ٢٨٠ منصب، «لكن صلاحية التوظيف وفتح المناصب المالية توجد على مستوى الوظيف العمومي».
ويشاطره رئيس بلدية الحراش في هذه النقطة، مؤكدا أن أهم مطالب المواطنين تتمثل في «الشغل والسكن الاجتماعي»، لافتا إلى أن البلديات تتلقى طلبات عمل أكثر من مديريات التشغيل في معظم الأحيان، وتابع: «بأن البلديات ليس مؤسسات منتجة، وحتى في حال وجود مناصب مالية فإنها لا تلبي جميع الطلبات».
وأثار مزيود قضية الموارد البشرية التي تفتقد للتأهيل اللازم للعمل بالنجاعة في المرفق العمومي، وحتى «إن توفرت بعض الإطارات من ذوي الشهادات العليا مثل المهندسين، فإن الأجر الزهيد مقارنة بما تمنحه مؤسسات أخرى لا يمنح الحافز اللازم»، وتساءل: كيف نطلب من مهندس أو تقني براتب 30 ألف دج شهريا الإشراف ومتابعة مشاريع بالملايير؟».
تنفيذ القرارات المركزية
يجيب رئيسا بلديتي الدويرة والحراش على السؤال الكبير الذي يطرح منذ بداية السنة، والمتعلق بعدم تطبيق قرارات تتخذ على المستوى المركزي، وأسباب الهوة القائمة بين الإدارتين المركزية والمحلية؟ بالتأكيد أن المشكل في التنظيمات السارية والتكلفة المالية لهذه القرارات.
وقال مزيود: «إنّ البلدية تخضع للرقابة القبلية للمراقب المالي، ولا تستطيع فعل أي شيء دون موافقته، ناهيك عن التدابير القانونية اللازمة لتنفيذ برامج وقرارات، والتي تأخذ وقتا طويلا للمرور عبر لجان ومكاتب».
من جانبه، أكّد روماني أن البلدية ضحية القوانين الحالية التي لم تعد تواكب الضرورة العصرية لتسييرها بالشكل اللازم لخلق التنمية المحلية وعدم الاكتفاء بالتسيير اليومي الروتيني، لافتا إلى محدودية قدرتها على خلق وإدارة مشاريع استثمارية (ملفات الاستثمار تدرس على مستوى الولاية).
وأشار إلى أنّ البلديات الفقيرة مقيدة بميزانية محدودة، وتقلّصت هذه السنة بسبب تبعات جائحة كورونا، مشيدا في الوقت ذاته، بأهمية منحها تدابير خاصة في الدستور الجديد، بما يضمن تحسين قدراتها على الاستجابة لاحتياجات المواطنين ومتطلبات التنمية المحلية.
في المقابل، أكّد ضيفا «الشعب» أن علاقة رئيس البلدية برؤساء الدوائر أو ولاة الجمهورية، لا تشكل أي عائق أمام السير الحسن للبلدية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024