عوامل تسبّبت في ارتفاع الأسعار

مراجعة السياسة الاستثمارية حتمية

فايزة بلعريبي

استنفد ارتفاع الأسعار صبر المواطن البسيط، فلا الظروف المعيشية رأفت بحاله ولا لهيب الأسعار كان رحيما به، بين هذا وذاك لا يجد حلا غير التذمر ومطالبة السلطات العمومية بإنقاذه من قسوة سوق لا تعترف بالمعايير الإنسانية، فما خلفية هذا الارتفاع في الأسعار، على من تعود المسؤولية، هل من حلول؟
أرجع رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك «أمان»، حسن منور، ظاهرة ارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة، خاصة بالنسبة للمواد ذات الاستهلاك الواسع إلى عاملين اثنين، أولهما التبعية الاقتصادية الخارجية، حيث يرى أن الجزائر على غرار الكثير من الدول لم تتمكن من إنهاء الارتباط بالاستيراد، ما يجعلها تابعة للأسواق الدولية، فيما يخص تلبية حاجياتها الغذائية خاصة الأساسية منها كالحليب، الخبز والأدوية.
هذه التبعية جعلت من تحديد الأسعار وضبطها، أشرعة توجهها رياح التغيرات الاقتصادية العالمية التي عصفت بالساحة الدولية في الآونة الأخيرة، أهمها جائحة كورونا التي تمكنت بصورة صادمة من تعرية واقع الاقتصاد الذي ظهر هشا، قائما على أسس لم تمكنه من تحقيق الاكتفاء الذاتي.
يضيف منور، أن هذا التذبذب والاضطراب المفاجئ غير المتكهن به مسبقا، تسبب في تراجع التجارة الخارجية التي أصبحت تعيش أزمة في وفرة العرض، حيث أصبحت أولوية الدول المصدرة هي توفير أمنها الاقتصادي في ظل أزمة مجهولة المدى الزمني، ما يجعل احتواءها صعبا، أزمة تمكنت من نفث آثارها في كل القطاعات، دون استثناء، باعتبار أن كل قطاع مرتبط بالآخر بشكل من الأشكال، حيث أثر توقف قطاع النقل الجوي عن النشاط في ارتفاع أسعار الشحن البري والبحري، وما زاد الأزمة تأزما تراجع الدينار الجزائري أمام العملات الأجنبية، ما أثر مباشرة على  المنتوجات الأساسية وأدى إلى ارتفاع أسعارها.
الأزمة التي نعيشها حاليا،  يقول محدثنا، جعلتنا نقف وجها لوجه أمام واقع لا يمكن التنكر له، بل البحث عن سبل تصحيحه وفق آليات تنظيمية قانونية، كخطوة حكيمة إجبارية، لا بد أن تتخذها السلطات العمومية.
 عبر عن أسفه لعدم التوصل بعد إلى إنتاج وطني مئة بالمائة، مستغربا اعتماد أغلب المواد المنتجة بالجزائر في مكوناتها، على مواد مضافة وأحيانا على مواد أولية مستوردة، بل أن بعض المنتجات الفلاحية تعتمد على أسمدة وأدوية مستوردة من الخارج.
في هذا الصدد، يرى رئيس الجمعية، أن الدولة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بمراجعة السياسة الاستثمارية بالعدول عن الاستثمار التحويلي إلى استثمار التصنيع والإنتاج المحلي، وتغيير لهجة اللين مع المستثمرين الجزائريين (المستفيدين من النسيج الصناعي والامتيازات الجبائية والقروض البنكية)، مشددا على ضرورة إعطاء الأولوية بل إجبارية الوصول إلى منتوج وطني مئة بالمائة، بتصنيع المواد الأولية وباقي المكملات الصناعية بالجزائر والعمل على تحقيق السيادة الاقتصادية الوطنية، بالاعتماد على المنتوج الوطني في جميع مراحل التصنيع.
يؤكد ان ثاني سبب لعدم التحكم في الأسعار، غياب منشآت اقتصادية إستراتيجية باعتبارها البنية التحتية الأساسية  لضبط السوق ما يجعل المواطن يقع ضحية الأسواق الفوضوية، التي غالبا ما ينجر عنها عدم التحكم في السلامة الصحية الغذائية، حيث ان 80 ٪ من المنتجات الغذائية موجودة بالأسواق الفوضوية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19464

العدد 19464

الثلاثاء 07 ماي 2024
العدد 19463

العدد 19463

الإثنين 06 ماي 2024
العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024