المؤرخ عمار بلخوجـة والأكاديميـة مـريم ضربـان:

فضح جرائم الاستعمار بإصدار المزيد من الكتب والشهادات

صونيا طبة/ فاطمة الوحش

 استغــلال الأرشيــف والذاكـرة لمواجهـة «التغـريب التاريخـي»

أكّد المؤرخ عمار بلخوجة أنّ تاريخ الجزائر ليس له نهاية، واعتذار فرنسا عن جرائمها في حق الشعب الجزائري والوطن لن يوقف الأقلام والكتابات عن الثورة التحريرية ولن يكون سببا في عدم الاستمرار في تبليغ رسالة الشهداء وتضحياتهم الجبارة في سبيل الحرية والاستقلال.

قال المؤرخ عمار بلخوجة، خلال نزوله ضيفا بجريدة «الشعب»، رفقة الدكتورة مريم ضربان في إطار الاحتفال بالذكرى 60 للاستقلال لمناقشة موضوع حروب الذاكرة إنّ استرجاع السيادة الوطنية لم يكن سهلا بل جاءت بفضل تضحيات بطولية لرجال ونساء وقفوا مثل السد المنيع في مواجهة الاستعمار الفرنسي الغاشم والدفاع عن وطنهم بكل شجاعة، فلم يتركوا جهدا إلا وبذلوه من أجل أن يروا الجزائر حرة مستقلة وفي أفضل حال.
وأبرز بأنّ النضال الجزائري كان من النضالات التي لا تنسى مهما طال الزمن وهي رسالة واضحة عن قوة وشجاعة شعب ظل صامدا وأبى الاستسلام أمام استعمار استمر طويلا في أرضهم ومارس العديد من الجرائم البشعة في كافة أرجاء الوطن من قتل وتعذيب وتجويع وسلب للثروات ونهب الأراضي، مشيرا إلى أنّ قصة كفاح الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي تعد من القصص الملهمة لجميع شعوب العالم والإعلام لعب دور هام في تبليغ رسالة الشهداء وتضحياتهم الجبارة.
ودعا المؤرخين إلى أهمية مواصلة البحث والكتابة في تاريخ الجزائر بكل كفاءة ومصداقية بغرض التعريف به وإعطائه حقه وتمجيد من صنعوا هذا التاريخ العظيم، لاسيما ما تعلق بكتابة تاريخ أعظم الثورات وهي الثورة الجزائرية نظرا للقيم والمبادئ التي قامت عليها ونادت بها مع إبراز حجم تضحيات المجاهدين والشهداء الأبرار.
«الثورة التحريرية كسرت الحواجز والفوارق «
تطرق المؤرخ بلخوجة إلى الدور الذي قامت به المرأة إبان الثورة ومشاركتها في ميدان الكفاح المسلح جنبا لجنب الرجل، مشيرا إلى أنّ الثورة كسرت الحواجز والفوارق التي كانت سائدة من قبل وخلقت التفافا شعبيا تضامنيا حول الثورة المسلحة من أجل تحقيق هدف أسمى وهو استرجاع السيادة الوطنية.
وأضاف أنّ المرأة الجزائرية المناضلة سواء في الأرياف أو المدن حملت السلاح وفجرت القنابل وتعرضت للتنكيل والسجن ولم تستلم رغم الصعاب التي واجهتها في رحلة الكفاح إلى جانب الرجل، والكثير من المناضلات لمعت أسماؤهن في سماء القضية الوطنية وتركن بصماتهن وهنّ نموذجا حيا عن شجاعة المرأة الجزائرية في معركة الحرية.
وقال المؤرخ إنّ الأقلام يجب أن لا تتوقف عن الكتابة في تاريخ الجزائر وفضح جرائم فرنسا التي ارتكبتها طيلة 130 سنة وإنّه من الضروري أنّ إحداث تجنيد فكري للمساهمة في مزيد من الإصدارات والكتب التاريخية التي من شأنها أن تساهم في المحافظة على الذاكرة الوطنية وحمايتها.
ومن جهتها، تناولت أستاذة الإعلام والاتصال الدكتورة مريم ضربان، في مداخلتها واجب الذاكرة بوصفه التزاما وتصريحا بالعزم على المحافظة الكاملة على قدرة التأثر بالمعاناة التي طالت الأجيال السابقة، نحو المستدامة كضرورة معنوية وعاطفية في ظل حروب الإرباك التي تسعى لتقويض القيم والتغريب التاريخي بين المواطن وأرضه وانتمائه.
أكدت الأستاذة مريم ضربان أنّ الذاكرة الإنسانية للجيلين Z وألفا وما سبقهما باتت مهددة بعطب يسمى بالذاكرة المعطلة بوصفها بديلا عنا، وهو ما انتقل إلى التاريخ الذي تناولت فيه الأستاذة تهديدات التقانة لصور الشهداء عبر الفلترة والتلاعب الرقمي بصور الشهداء والمجاهدين، والتضليل التاريخي عبر الميديا الجديدة، والذي من شأنه أن يحدث اغترابا في الذاكرة البصرية للأجيال القادمة ضمن ما أسمته السطو الثقافي على الذاكرة.
 تلاعب ـ أضافت تقول ـ يزيل عن الشهداء معاني المعاناة، والنتوءات الموسومة بخطوط الزمان إزاء قضيتنا العادلة « الثورة «، وهي حرب مقصودة للتغريب، ولنزع المعاناة عن جيلنا التي يجب أن نستغلها في ضرب المستعمر الذي أرخ لجرائمه الإنسانية بالصور، فيجب أن نستغل كل ما تركه من إرث مصور لتجريمه عبر التاريخ بوصفه مجرم حرب.
أما عن مدونة الإعلام إزاء ذاكرتنا أوضحت مريم ضربان، أنّه يجب نص المادة 48: الذي يتضمن دفتر الشروط العامة لاسيما الالتزامات التي تسمح بـ : احـتـرام مـتـطـلـبـات الـوحـدة الـوطـنـيـة والأمن والدفاع الوطني، والالتزام بالمرجعية الـديـنـيـة الـوطـنـيـة، وكذا احترام المرجعيات الدينية الأخرى، وعدم المساس بالمقدسات والديانات الأخرى.
 إضافة إلى احترام مقومات ومبادئ المجتمع، واحـتـرام الـقـيم الـوطـنـيـة ورموز الدولة كما هي محددة في الدستور ترقية روح المواطنة وثقافة الحوار، وتقديم برامج متنوعة وذات جودة تـطـويـر وتـرقـيـة الإنـتـاج والإبداع السمعي البصري والسينماتوغرافي الوطنيين، من خلال آليات تحفيزية ترقية اللغتين الوطنيتين والتلاحم الاجتماعي والتراث الوطني والثقافة الوطنية بجميع تعابيرها في البرامج التي يتم بثها.
وأشارت المتدخلة أيضا إلى، ضرورة الاهتمام بالاتصال المناسباتي والدائم لقضية تعيش في مخيالنا وحياتنا وحاضرنا ومستقبلنا وهي الثورة ومجرياتها المباركة لأنها مكتبة الذاكرة عبر الإعلام.
الإعلامي مطالب بنقل الحقيقة التاريخية
وقالت المتحدثة «يجب أن يحارب الإعلامي بنقل الحقيقة التاريخية وتقريب المواطن المتلقي من تاريخه بتنويع الخطاب السمعي البصري والثقافي بما يسمى بناء الذاكرة المقاومة ضمن مشروع التحصين الإعلامي».
وفي السياق ذاته، أفادت أستاذة الاتصال بأهمية الأرشيف معرجة على الكلمة التي قدمها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من خلال استعادة الأرشيف، بأن يتم وضع إستراتيجية لتسجيل الشهادات والتوثيق، وبدأ الأمر باستعادة الجماجم كحدث تاريخي هام يصنع الإرث التاريخي لأمة تحتاج دفاعا مواطنيا وإعلاميا وثقافيا وجامعيا وفكريا، لتحارب كل من تخول له نفسه المساس بقيم الثورة ووحدة الوطن، واستغلال الأرشيف في الضغط على فرنسا للاعتراف بجرائمها ضد الإنسانية رغم محاولات الابتزاز الفاشلة بتمجيد الاستعمار وتكريم الحركى والتقارير التاريخية المقتطعة لأهم مراحل الجزائر المقدّسة.
واعتبرت الأستاذة ضربان أنّ، استغلال الأرشيف والذاكرة الحية سيكون سببا في تقويض مساعيها في التغريب التاريخي لكيانها.
كما أوضحت المتحدثة أنّ الطريقة المثلى لتدريس التاريخ تعتمد على تنويع الدرس التاريخي وإلحاق التاريخ بمقاييس أخرى، حتى يفهم الطلاب أنّ التاريخ هو سياسة واقتصاد واجتماع وأنثروبواوجيا واتصال وفلسفة. وكذا تقريبهم من المواقع التاريخية للشعور بالانتماء عبر توظيف الحنين ومواطن الحنين باسم مصارعة النسيان.

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19463

العدد 19463

الإثنين 06 ماي 2024
العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024