مجازر 17 أكتوبر جريمة ضد الإنسانية.. الباحث عامر رخيلة في منتدى “الشعب”:

قمع مظاهرات باريس.. آخر أوراق فرنسا الاستعمارية

فاطمة الوحش

 هكذا ساهم العمال الجزائريون بالمهجر في دعم الثورة التحريرية

رمي المئات من الجزائريين في نهر السين مكبلي الأيدي بسلاسل حديدية حتى لا يتمكنوا من السباحة

قال الباحث عامر رخيلة، خلال مشاركته في “منتدى الشعب”، إن قمع مظاهرات 17 أكتوبر 1961، التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس، كانت آخر ورقة لفرنسا، مؤكدا أن تلك المجزرة التي تعرض لها الجزائريون ترقى لأن تكون جريمة ضد الإنسانية.

في حديثه عن هذه المحطة التاريخية، انطلق عامر رخيلة من الظروف والدوافع التي سبقت مظاهرات 17 أكتوبر، وأشار إلى أن هناك تقديرات لاتحادية جبهة التحرير بفرنسا تقول بأن نسبة معتبرة من الاعتمادات المالية لجيش وجبهة التحرير الوطني كان مصدرها الهجرة، وهذا الدور الذي يقوم به الجزائريون أزعج فرنسا.
ولفت المحاضر، إلى دور المهاجرين الجزائريين في تسويق القضية الجزائرية وتغيير نظرة العالم إلى ثورة التحرير، قائلا: “نظرا لما كانت تقوم به الهجرة في فرنسا والنتائج التي حققتها الثورة الجزائرية على المستوى الدبلوماسي، كانت الثورة الجزائرية، مقارنة بباقي حركات التحرر، هي الحركة التي ما مضي على اندلاعها شهور، حتى كانت في أروقة المؤسسات الإقليمية والدولية”.
وأوضح رخيلة، أن البداية كانت بمؤتمر باندونغ، حين تمكن المناضلان امحمد يزيد وحسين آيت احمد من إقناع المشاركين في المؤتمر بإدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الدورة العاشرة، التي كان من المرتقب أن تكون في سبتمبر وأكتوبر 1955.
وتمكنت جبهة التحرير من إجبار فرنسا على الجلوس إلى مائدة المفاوضات، بدءا من جوان 1960، وهو ما أغضب المتطرفين في الساحة السياسية الفرنسية والسلطات الفرنسية -يقول المتحدث.
وذكر الباحث، إنه في 5 أكتوبر 1961 تمكن موريس بابون، بصفته محافظ شرطة باريس، من أن يقنع وزير الداخلية الفرنسي بإصدار مرسوم تنفيذي يفرض حظر التجول على الجزائريين. وقد تنبهت قيادة اتحادية جبهة التحرير إلى أن ذلك يعتبر محاولة للقضاء على نشاطها في فرنسا وبالتحديد في باريس.
وأضاف، أن قرار حظر التجول قرار عنصري فرض على الجزائريين فقط، ولذلك وجه مكتب الاتحادية تعليمات للجزائريين للخروج في مسيرة سلمية. فتم تنظيم مسيرة للرجال يوم 17 أكتوبر وأخرى يوم 18 أكتوبر للنساء والرجال، والثالثة يوم 19 أكتوبر للنساء والأطفال، وحرصت الاتحادية على تجريد كل المشاركين في المسيرات من السلاح الأبيض.
وأكد رخيلة، أن الاتحادية لم تكن تتوقع أن الشرطة الفرنسية سترتكب مذبحة، فما أن بدأت المظاهرات في شوارع باريس حتى واجهتها السلطات الفرنسية بكل وحشية، رغم سلميتها، مستعملة كل أنواع القمع والتنكيل.
وأضاف المتحدث، أن موريس بابون كان قد هيأ 12 ألف دركي و15 ألف شرطي لقمع المتظاهرين وارتكاب مذبحة باريس الرهيبة، والتي هي جريمة دولة بكل المقاييس، لأنها ارتكبت بناء على مرسوم صدر من طرف وزارة الداخلية الفرنسية ومن قام بعملية التنفيذ هم أدوات القمع الفرنسية الشرطة والدرك وحتى الجيش.
وذكر رخيلة في السياق ذاته، أنه تم رمي المئات من الجزائريين في نهر السين وهم مكبلو الأيدي بسلاسل حديدية، حتى لا يتمكنوا من السباحة، ومنهم من وضعت أوزان في رقابهم. وأشار إلى أن الصحافة الفرنسية تقول بأنه ما كانت تمضي ساعات حتى صارت مياه نهر السين سوداء وحمراء، حمراء بالدماء، وسوداء من كثرة الجثث.
وأضاف ضيف الشعب: “ومن ثم ألقي القبض عليهم وأخذوا إلى ملعب باريس وهناك ارتكبت مجازر إبادة في حق الجزائريين، وهناك أيضا من المتظاهرين من قتلوا في محافظة الشرطة وهناك من تم رميهم من الطائرات”.
وأشار الباحث إلى أن أعداد الضحايا كان بالمئات، ما لا يقل عن 400 إلى 500 شخص والذين هم معروفون، فيما تجاوز عدد المعتقلين 1200 معتقل، إضافة إلى عدد من المرحلين.
وخلال حديثه عن نتائج 17 أكتوبر، أكد رخيلة أن المجزرة رهيبة، إلا أنه كان لها صداها. وبما أن فرنسا عاصمة عالمية، فقد كانت تشهد حضور الصحافة الدولية التي نقلت بشاعة تلك المجازر، كما أن لهيب تلك المظاهرات امتد ووصل لأروقة الأمم المتحدة، ما جعل الكثير من الدول التي كانت مؤيدة لفرنسا تبدي امتعاضا ومواقف، لاسيما مع وصول صور حية عن بشاعة ما ارتكبته في حق المهاجرين الجزائريين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024