إرهاب الطرقات مستمر.. وقائمة الضحايا مخيفة

السرعة والتجاوز والمناورات الخطيرة.. ثالوث الموت

حياة / ك

يجب مراجعة آليات التحسيس.. والردع لم يعد كافيا 

تسجل الجزائر سنويا أرقاما مخيفة في حوادث المرور بين قتلى وجرحى.. عدة إجراءات اتخذتها الحكومة لعدة سنوات للحد من هذه الظاهرة الخطيرة، لكن الرقم بقي يراوح مكانه، حيث شهدت السنة الجارية ارتفاعا جنونيا في عدد وفيات الحوادث وصلت الى 62  قتيلا في أسبوع فقط شهر ماي الماضي.  

واستنادا إلى إحصائيات  المركز الوطني للأمن والوقاية عبر الطرقات تزهق  يوميا أرواح بمعدل 8 إلى 10 أشخاص يوميا مع تسجيل  80 جريحا، بالإضافة الى تسجيل ما يفوق عن 100 مليار دينار سنويا كخسائر جراء حوادث المرور.
يدق ناقوس الخطر حول حوادث المرور التي لم تعرف انخفاضا عدا سنتي الجائحة منذ سنوات، وعاد إرهاب الطرقات ليضرب بقوة ويخلف عددا كبيرا من الضحايا وفاة كل أفراد العائلة الواحدة، مع تسجيل أعداد لا تكاد تحصى من الجرحى، بالإضافة الى الخسائر المادية في ( المركبات ) ، وتوجه التهم وتحمل المسؤولية الى المركبات الثقيلة وحافلات النقل الحضري في هذه المجازر اليومية، مما دفع بالسلطات المعنية البحث عن مخرج تشريعي للحد منها .
 
عائلات تباد في الطرقات

تعتبر السنة الجارية أكثر السنوات ( مقارنة بالسنوات الخمس الاخيرة ) من حيث عدد ضحايا حوادث المرور ، حيث سجلت  مصالح الحماية المدنية شهر ماي الماضي ،  وفاة 46 شخصا وإصابة 1535 أخرين بجروح خلال 1209 حادث مرور وقع بعدة ولايات من الوطن في الفترة من 8 إلى 14 ماي ( اسبوع ) ، وأثقل حصيلة سُجلت بولاية الوادي بوفاة 8 أشخاص وجرح 33 أخرين على إثر وقوع 23 حادث مرور.
كما لقي 61 شخصا حتفهم وأصيب 1831 آخر بجروح  متفاوتة الخطورة في 1422 حادث مرور، خلال الفترة الممتدة من الـ 31 جويلية إلى الـ 6 أوت الجاري عبر مختلف مناطق الوطن، حسب إحصائيات الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية والامن عبر الطرق.
والأخطر أن هذه الحوادث أصبحت تبيد عائلات بأكملها في لمح البصر أثناء  غفوة أو لحظة تهور من سائق المركبة، وبالرغم من حملات التحسيس، إلا أن الرسالة لم تصل ولم تصب هذه الأخيرة المبتغى والدليل، والنتيجة ـ حسب ذات المصدرـ  تسجيل ضحايا بمعدل 8 الى 10  يوميا وعشرات الجرحى.

مركبات الوزن الثقيل.. الخطر  
 
ولما كانت مركبات الوزن الثقيل وراء وقوع اغلب حوادث المرور ، فقد وجدت وزارة النقل حلا يتمثل في  جهاز قياس السرعة “ مرونو تاكي غراف “، جهزت به  مركبات نقل المسافرين والنقل المدرسي ونقل البضائع بهذا الجهاز منذ سنة 2020 ، والذي بواسطته يتم التعرف على أماكن تنقل هذه المركبات وسرعتها والمسافة ومدة السياقة، ومدى التزام السائق بالحد الأقصى والأدنى للسرعة وكذا فترة الراحة.
 كما لجأت  الى إيقاف إجراء سحب رخصة السياقة والاكتفاء بغرامة مالية، لكن إجراء السحب أو إلغائه لم يأت بالفائدة المرجوة حسب المختصين، مما جعل البعض يطالب بإجراءات أكثر ردعية وهو السحب النهائي لرخصة السياقة باستعمال الرخصة بالتنقيط.  

خياطي : 15 الى 20 بالمائة اعاقة  سنويا
يعتقد البروفسور رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث مصطفى خياطي، أن عدد ضحايا حوادث المرور يصل الى 9000 ضحية في السنة، حيث أن  تحديد العدد يتم بعد شهر من وقوع الحوادث حسبما تشير إليه منظمة الصحة العالمية، لان هناك مضاعفات تسجل بعد وقوعها، وهناك حالات حرجة تنتهي بالوفاة ليس مباشرة بعد الحادثة، بل تستغرق أياما أو أسابيع.
أفاد البروفسور خياطي في تصريح لـ« الشعب “، أن حوادث الطرقات تخلف بالإضافة الى عدد كبير من الضحايا والجرحى ، 15 الى 20 بالمائة من الإعاقات ، ما يجعل تكلفة تكفل الدولة بهم باهظة جدا، لأن هذه العملية تستمر في الزمان (على مدى سنين)، وليس أياما أو أسابيع يمضيها الناجي من إرهاب الطرقات في المستشفى.
وتعد  حوادث المرور  ـ حسب خياطي ـ المشكل الوحيد الذي “ لم نستطع التغلب عليه لحد الآن “، مشيرا الى أن كثيرا من الدول منها ألمانيا، استطاعت أن تقلل من عدد ضحايا الطرقات من 18 ألف ضحية في العام إلى 2000،  من خلال إستراتيجية ناجعة وضعتها وطبقتها بصرامة، الجزائر يمكن ان تأخذ بها، وهناك تجارب مماثلة لكل من امريكا ، كندا وسويسرا.. مذكرا انه طالب في السنوات الماضية بعقد جلسات وطنية حول حوادث المرور، بدعوة كل الشركاء  الاجتماعيين، لان الأمر لا يعني وزارة النقل لوحدها.
تتعدد أسباب حوادث المرور ـ حسب خياطي ـ الذي يرى انه لا يمكن أن تبقى محصورة في السرعة وبالتالي “العامل البشري”، كما لا ينبغي ـ يضيف ـ الاكتفاء بمطالبة إعادة النظر في قانون المرور، لان هناك أسبابا أخرى منها حالة الطرقات.
 وحمل المتحدث المسؤولية للشركات التي “ تهاونت في الانجاز أو في الإضاءة واستعمال الألوان التي تتيح للسائق الرؤية بوضوح وهو يتنقل ليلا ، حيث ذكر أن ألوان الصبغة التي تستعمل لتنبيه السائقين لأخطار معينة من نوعية رديئة تزول بمجرد سقوط الأمطار، كما أن الصيانة تبقى إشكالية مطروحة.
وفيما يتعلق بالمركبات الثقيلة التي تسبب  في أغلب حوادث المرور، يقترح خياطي رفع سن السائق لأكثر من 30 سنة مع خبرة لا تقل عن 5 سنوات، لأنه لا يعقل ـ يستطرد ـ  أن تطبق هذه الشروط على قائد الطائرة ولا يخضع لها سائق الحافلة “ كلاهما ينقل أشخاصا تحت مسؤوليته “.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19464

العدد 19464

الثلاثاء 07 ماي 2024
العدد 19463

العدد 19463

الإثنين 06 ماي 2024
العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024