زواج «الربع دينار»

عُرف يخفف الأعباء على الشباب

تختلف عادات وتقاليد الزواج في الجزائر من منطقة لأخرى، فكل منطقة لها عادات خاصة تتميز بها عن غيرها، والتي تحاول جاهدة الحفاظ عليها من الزوال، ولعلّ عرف «سيدي المعمر» أو ما يسمي بزواج «الربع دينار» المتداول بمنطقة العاصمة وضواحيها واحد من الأعراف المثيرة للاهتمام بالجزائر، هذا العرف الذي عرف بطريقته الخاصة في تيسير الزواج للفقراء والمعوزين بالجزائر العاصمة، تيبازة، شرشال، تنس وحتى غليزان التي يقال أنها مسقط رأس سيدي معمر.
سمي هذا الزواج بـ «الزواج المعمري» نسبة للولي الصالح «سيدي معمر» الذي كان يلقب «بالمكحلة» بمعنى البندقية وهي تصيب كل من يخالف هذا العرف والذي يعتبر مؤسس تقاليد هذا الزواج، عندما قام بتحديد «المهر» بمبلغ رمزي يتمثل في قطعة «ربع دينار» لتسهيل وتخفيف أعباء الزواج والابتعاد عن المغالاة في المهور ومظاهر البذخ والترف في الأعراس، حتى يتمكن جميع الشباب من إكمال نصف دينهم.
 في حين تقول بعض الروايات، أنه سمي بزواج المعمري لأن «سيدي معمر» كان جالسا مع صديق له يتحدثان عن غلاء مهر الزواج في تلك الفترة، وهنا أقسم أن بناته وكل ذريته لا يتجاوز مهرهم أربعة «دورو»، ومنذ ذلك الوقت أصبح الناس يسيرون وفق المهر الذي حدّده وكل من يخالف هذا العرف يصاب باللعنة، ليبقى هذا العرف راسخا بين سكان هذه المناطق ولا يمكن مخالفته، وتختصر عادة سيدي معمر فيما يلي:
لما يتقدم الشاب لخطبة أي فتاة يقوم أهله بتقديم قطعة نقدية تقدر بـ «أربعة دورو» أو ما يعرف بـ «الربع دينار» إلى أهل العروس، إضافة إلى كبش وقنطار من السميد و7 كلغ من السمن، وقبل أربعة أيام من الزفاف المقرّر يتم إخراج صدقة للفقراء تقدر بـ 3 صيعان من الدقيق، وقبل خروج العروس من بيت أهلها يتمّ أخذ جلد الخروف ويوضع على الأرض بشكل مقلوب وتوضع «جفنة» لتجلس عليها العروس ويتم وضع الحنة لها في يديها ورجليها.
 لكن أهم شرط في عرف «سيدي معمر» والذي لا يمكن تجاوزه هو خروج العروس وهي حافية القدمين مرتدية ما يسمى «بالقمجة» وهي عبارة عن قطعة قماش مربوطة ببعضها تمزج بين اللونين الأحمر والأبيض يشترط أن تتولى عجوز تلبيسها، وتستمر طقوس هذا الزواج حتى في بيت زوجها، حيث تجتمع العائلات في بيت العروس بعد أسبوع من زواجها بعد رجوعها من الحمام الذي يعتبر شرط ضروري، ويتمّ قص جزء من شعرها دلالة على أنها أصبحت امرأة متزوجة.
 هذه هي بعض عادات سيدي معمر ومن يخالفها يتعرض للعنة ولا يبارك زواجه، حسب ما أكدته إحدى السيدات والتي تزوجت بهذه الطريقة، حيث تقول إن بعض الأزواج الذين خالفوا هذا العرف تعرضوا لمشاكل زوجية منها عدم الإنجاب والطلاق المبكر وفي هذه الحالة لابد عليها من إعادة هذه الطقوس وما يسمى بـ «بتسوسي» حتى تبعد عنها المصائب وتتحسّن حياتها الزوجية، وأخذ العبرة من عدم مخالفة عرف سيدي معمر.
وما تزال هذا التقليد معمولا به في المناطق السالفة الذكـر، وما يميز الزواج بهذا العرف هو الالتزام المعنوي لسكان هذه المناطق وعدم تجاوز المهر المحدّد من طرف سيدي معمر، على الرغم من بعض التغييرات التي طرأت على هذا العرف بمرور الوقت، إلا أن أتباع عرف سيدي معمر لا يزالون يحدّدون مهر الفتاة بـ 80 ألف دج عوض ربع دينار.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024